محنة الحرب توسع خارطة الفقر في الضفة الغربية وغزة

جنيف - توقع تقييم للأمم المتحدة نُشر الثلاثاء تضاعف نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية لتصل إلى مستويات مقلقة خلال هذا العام، مع تواصل الحرب في قطاع غزة منذ أكثر من سنة.
وقال مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر لوكالة فرانس برس إن “العواقب المباشرة للحرب هائلة، ليس فقط من حيث تدمير البنى التحتية، ولكن أيضا من حيث الفقر وفقدان سبل العيش”. وأضاف “يتضح من هذا التقييم الاجتماعي والاقتصادي أن مستوى الدمار قد أعاد دولة فلسطين عدة سنوات إن لم يكن عقودا، إلى الوراء في مجال التنمية”.
وقدر التقييم الذي نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) أن يرتفع معدل الفقر في الضفة الغربية وغزة إلى 74.3 في المئة خلال العام 2024، مقارنة مع 38.8 في المئة على أساس سنوي.
واستنادا على هذه النسبة فإن إجمالي عدد الفقراء سيلغ 4.1 مليون شخص، بينهم 2.61 مليون شخص صنفوا فقراء حديثا، بحسب التقييم الصادر بعنوان “حرب غزة: الآثار الاجتماعية والاقتصادية المتوقعة على دولة فلسطين – تحديث أكتوبر 2024”.
وقال شتاينر في بيان “تحدث أزمة تنموية خطيرة، أزمة تعرض مستقبل الفلسطينيين للخطر لأجيال قادمة”. وأضاف “التقييم يشير إلى أنه حتى لو تم تقديم المساعدات الإنسانية كل عام، فإن الاقتصاد (الفلسطيني) قد لا يستعيد مستوى ما قبل الأزمة قبل عقد أو أكثر”.
وأشار التقييم إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سينكمش بنسبة 35.1 في المئة خلال العام الحالي مقارنة بسيناريو غياب الحرب في الأراضي الفلسطينية، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 49.9 في المئة. وبحسب أحدث بيانات منظمة العمل الدولي، فإن البطالة في غزة قفزت لما يقرب من 80 في المئة منذ اندلاع الحرب مع تعرض اقتصاد القطاع المدمر لانهيار شبه كامل.
وفي الضفة الغربية، بلغ معدل البطالة 34.9 في المئة بين أكتوبر 2023 ونهاية سبتمبر الماضي، وانكمش الاقتصاد هناك بواقع 21.7 في المئة مقارنة بالعام السابق. وبينما كان معدل البطالة في غزة قبل الحرب يبلغ نحو 45.3 في المئة، نتيجة تراكم سنوات من الحصار الإسرائيلي وسيطرة حماس على السلطة، سجلت الضفة معدلات بطالة عند حوالي 14 في المئة.
وبات أكثر من نصف سكان غزة على حافّة المجاعة، كما يعاني جميع السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد وسوء التغذية، وهناك أكثر من مليون شخص بلا مأوى، وتعرض 75 في المئة من سكان القطاع للتهجير. وأكد تقرير الأمم المتحدة أن الاقتصاد الفلسطيني سيحتاج إلى “خطة شاملة للتعافي وإعادة الإعمار إلى جانب رفع القيود الاقتصادية” الإسرائيلية و”تعزيز الظروف المواتية لجهود التعافي”.
وقال شتاينر لفرانس برس إن “الأمر لا يتعلق فقط بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار، بل أيضا بخلق ظروف للاقتصاد الكلي تسمح بعودة التمويل” إلى الأراضي الفلسطينية. وأفادت الدراسة أن الحرب في غزة خلّفت 42 مليون طن من الركام، بعدما شهد القطاع قصفا مكثفا وقتالا عنيفا منذ بداية الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس.
وحذرت الأمم المتحدة من أن الركام يشكل مخاطر كبيرة على صحة الناس والنظام البيئي، مشددة على ضرورة اتباع بروتوكولات مناسبة عند التعامل مع أشلاء بشرية مدفونة تحته وذخائر غير منفجرة ومواد خطرة. كما تشكل الألواح الشمسية المدمرة خطرا على الناس والبيئة لأنها تطلق الرصاص ومعادن ثقيلة أخرى.
وتشير بيانات أقمار صناعية تابعة للأمم المتحدة إلى أن ثلثي الأبنية والمنشآت في غزة التي كانت قائمة قبل الحرب تهدمت أو سويت بالأرض أي ما يفوق 163 ألف بناية. وتصل الكلفة طويلة المدى لإعادة إعمار غزة بعد الحرب بين إسرائيل وحماس إلى 50 مليار دولار، وتستغرق ما يقرب من عقدين، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وفي ديسمبر الماضي، وافق البنك الدولي على تقديم 35 مليون دولار لشركاء التنمية النشطين في غزة، بما في ذلك يونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية. ويشمل ذلك حزمة بقيمة 10 ملايين دولار إلى برنامج الأغذية العالمي لشراء قسائم وسلال الغذاء لإيصالها إلى نحو 377 ألف نسمة.