محمود عباس لا يملك سوى التمسك بالحل السياسي

أنتوني بلينكن يكرر في رام الله وعودا أميركية مستهلكة لرفع الحرج.
الأربعاء 2023/02/01
لقاء لتبادل المستهلك

لا يعلق محللون آمالا تذكر على جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الشرق أوسطية في مسعى لخفض التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ لا تملك واشنطن أوراقا هامة للضغط على تل أبيب وليس بوسعها سوى تكرار وعود سابقة للفلسطينيين.

رام الله - يقلل مراقبون من أهمية اللقاء الذي جمع الثلاثاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في رام الله لمناقشة سبل كبح التصعيد في الأراضي الفلسطينية.

ويقول هؤلاء إن وزير الخارجية الأميركي قدم إلى رام الله لتكرار وعود أميركية مستهلكة من باب رفع الحرج، فيما لا يمتلك عباس أوراق ضغط تذكر بعد أن استنفد آخر أوراقه (قطع التنسيق الأمني مع إسرائيل) دون تحقيق أي نتائج تذكر، بل بالعكس شددت تل أبيب من خطوات التصعيد ضد الفلسطنيين وأقرت عدة قوانين ضدهم، بما في ذلك ضد السلطة الفلسطينية نفسها.

ويشير هؤلاء إلى أن التنسيق الأمني حتى لو تم استئنافه فإن القضايا المتعلقة بالعملية السياسية تبدو آيلة إلى الفشل. وهذا ما أكدته الحكومات الخمس السابقة التي قادها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبل أن يكون مكبل اليدين بتحالف يهمين عليه اليمين المتطرف.

وقال بلينكن إن الفلسطينيين يواجهون “تضاؤلا في آفاق الأمل” وجدد التأكيد على معارضة الولايات المتحدة لتوسع إسرائيل في الاستيطان، بينما دعا إلى تهدئة التوتر بعد تفاقم العنف في الضفة الغربية.

إسرائيل تستفيد من حالة الانقسام الفلسطيني في مواجهة الضغوط: لا شريك فلسطينيا للتفاوض معه

وأضاف بلينكن، الذي كرر دعواته للجانبين إلى تهدئة التوترات، أن الولايات المتحدة تعارض أي إجراء من أي جانب من شأنه أن يزيد من صعوبة تحقيق حل الدولتين، بما في ذلك التوسع الاستيطاني وعمليات الهدم والطرد من المنازل وزعزعة الوضع التاريخي القائم بالأماكن المقدسة.

وأعلن أن “الولايات المتحدة ستقدم 50 مليون دولار إضافية لوكالة الأمم المتحدة المعنية بالفلسطينيين”.

ووصل بلينكن إلى إسرائيل الاثنين، قادما من مصر، في إطار زيارة رسمية للشرق الأوسط، والتقى برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس إسحاق هرتسوغ ووزير الخارجية إيلي كوهين وزعيم المعارضة يائير لابيد، قبل أن يلتقي في رام الله الرئيس الفلسطيني عباس.

وقال الرئيس الفلسطيني “ما يحدث اليوم تتحمل إسرائيل مسؤوليته بسبب ممارساتها التي تقوض خيار حل الدولتين، وتخالف الاتفاقيات الموقعة، وبسبب عدم بذل الجهود الدولية لتفكيك الاحتلال وإنهاء منظومة الاستيطان، وعدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية وحصولها على عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة”.

وأضاف “استمرار معارضة جهود الشعب الفلسطيني للدفاع عن وجوده وحقوقه المشروعة في المحافل والمحاكم الدولية، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا، هي سياسة تشجع المحتل الإسرائيلي على المزيد من ارتكاب الجرائم وانتهاك القانون الدولي”.

وأردف عباس أن “ذلك يأتي في الوقت الذي يتم التغاضي فيه، دون رادع أو محاسبة لإسرائيل، عن مواصلة عملياتها أحادية الجانب، بما يشمل الاستيطان، والضم الفعلي للأرضي، وإرهاب المستوطنين، واقتحام المناطق الفلسطينية”. وتابع “بعد أن استنفدنا كل الوسائل مع إسرائيل لوقف انتهاكاتها والتحلل من الاتفاقيات الموقعة، قمنا باتخاذ جملة من القرارات، بدأنا في تنفيذها حماية لمصالح شعبنا”، في إشارة إلى وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل.

mm

واستدرك “نبدي الآن الاستعداد للعمل مع الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي لعودة الحوار السياسي، من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين على حدود 1967 بعاصمتها القدس الشرقية”.

وأصبحت آفاق التقدم السياسي أكثر قتامة مما كانت عليه منذ سنوات. وتوقفت آخر جولة من المحادثات التي كانت ترعاها الولايات المتحدة بشأن إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل في عام 2014.

ويقول محللون إن الانقسام الداخلي والصراع بين حركة فتح برئاسة عباس وحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، يضعفان الموقف الفلسطيني إذا ما تم إحياء مفاوضات السلام.

ويشير هؤلاء إلى أن محمود عباس كان بالأحرى أن يرمّم الجبهة الداخلية وإجراء انتخابات وتجاوز الخلافات السياسية داخل حركة فتح أيضا، قبل الحديث عن التمسك بمفاوضات السلام.

تبدو المؤشرات على نشوب حرب إلى حد الآن ضعيفة، لكن ثمة بوادر على استدعاء الحرب وسط تصعيد إسرائيلي وتهديدات فلسطينية بالرد

ويؤكد هؤلاء أن إسرائيل تستفيد سياسيا ودوليا من حالة الانقسام الفلسطيني، إذ كل ما تلقت ضغوطا دولية قالت إن ليس لها شريك سياسي للتفاوض معه، في ظل سيطرة حماس على قطاع غزة الخارج عن سلطة عباس.

وشهد الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني مدا وجزرا على مدى عقود من الحروب والانتفاضات ومحادثات السلام. وفي الوقت الحالي، أصبحت لدى إسرائيل علاقات مع عدد أكبر من الدول العربية، بينما أصبح الفلسطينيون أكثر عزلة وانقساما. ويتفاقم العنف باستمرار، بعد أن أصبحت آفاق التقدم السياسي أكثر قتامة مما كانت عليه منذ سنوات.

وتشهد الضفة الغربية والقدس الشرقية حالة توتر شديد، عقب اجتياح إسرائيلي لمخيم جنين (شمال) الخميس الماضي أسفر عن مقتل 9 فلسطينيين، أعقبته عملية إطلاق نار في القدس قتل فيها 7 إسرائيليين.

ويقول محللون إن بعد إراقة الدماء في القدس والضفة الغربية وبعد شهر من وصول أكثر الحكومات الإسرائيلية يمينية إلى السلطة، تغامر إسرائيل والفلسطينيون بالانزلاق إلى دائرة مواجهة أوسع.

وزادت التوترات منذ عودة نتنياهو إلى السلطة في ديسمبر مع وجود قوميين متدينين في مناصب وزارية رئيسية، وتوعدهم بموقف أكثر صرامة وإثارتهم لمشاعر الغضب لدى الفلسطينيين.

وقال غسان الخطيب، المحلل الفلسطيني وأستاذ السياسة في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، “أعتقد أن هذا التدهور سيستمر ولا مفر منه”.

وأضاف الخطيب أن صعود السياسة الإسرائيلية الشعبوية أذكى المطالبة بإجراءات لا هوادة فيها ضد الفلسطينيين، مما “يؤدي إلى المزيد من ردود الفعل الفلسطينية وسيؤدي إلى استمرار التصعيد الحالي”.

Thumbnail

ومنذ فوز أحزاب اليمين الديني المتطرف في الانتخابات الأخيرة وعودة نتنياهو إلى السلطة وإحاطة نفسه بائتلافات متشددة، يتقدمها حزب الصهيونية الدينية و”عوتسما يهوديت” (العظمة اليهودية أو القوة يهودية)، تسود مخاوف من تصعيد عسكري إسرائيلي خطير قد يفجر موجة عنف وعنف مضاد، متنقلا بين القدس وأحيائها وإلى مدن الضفة وقراها.

وتدفع هذه الأحزاب إلى تغيير قواعد الاشتباك مع الفلسطينيين، ويركز إيتمار بن غفير زعيم القوة اليهودية والذي تولى منصب وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو، على دعم الاستيطان في الضفة وتصعيد المواجهة مع الفصائل الفلسطينية وتضييق الخناق على العرب داخل إسرائيل.

وإلى حد الآن تبدو المؤشرات على نشوب حرب ضعيفة، لكن ثمة بوادر على استدعاء الحرب وسط تصعيد إسرائيلي وتهديدات فلسطينية بالرد.

2