محمد علي الثاني

إذا ما كان محمد علي الثاني قد نظر إلى القاهرة من أعلى قلعة جده الأول، فإنه لم يقل "أنا ملك هذه البلاد."
السبت 2025/03/15
الحفيد سيعرف ما لم يكن يعرفه جده الملك

كان يمكن أن يكون اسمه محمد علي الثاني باعتباره ملكا لمصر، ولكنه يعود الآن إلى بلاده من فرنسا مسرورا بمواطنته المصرية التي استعادها بعد انتظار طويل. ذلك هو محمد علي ابن الملك فؤاد ابن الملك فاروق الذي غادر مصر عام 1952 بعد قيام ثورة الضباط الأحرار. ولكن الرجل الذي ولد في مصر كان فرنسيا دائما بحكم الإقامة والثقافة.

حين قرأت خبر عودته إلى مصر تذكرت حكاية رواها ملك بلغاريا السابق، قال "كان هناك فلاح يقاسمني الغرفة في القطار. كان لطيفا حين سألني ما الذي أعمله. فقلت له أنا لا أعمل. كنتُ ملكا وأنا الآن ملك سابق. ضحك الرجل وظن أني أمازحه. قال سألتك عن عملك. قلت له أخبرتك أني ملك بلغاريا. ذلك هو عملي الوحيد. ظل الرجل يضحك طوال الرحلة وقد اعتبرني مجنونا."

يتمتع محمد علي بلقب أمير، أولاده أمراء وبناته أميرات. غير أنه في واقعه اليومي رجل أعمال يعمل في مجال العقارات. لقد وجد مهنة أخرى غير أن يكون ملكا مؤجلا أو ابنا عاطلا عن العمل لأنه ابن ملك متقاعد.

المفارقة أن جواز السفر الدبلوماسي الذي حصل عليه والده فؤاد الثاني عام 2014 يشير في موقع المهنة إلى أنه ملك مصر السابق. ومثله كان إدريس السنوسي وهو آخر ملوك ليبيا الذي قدم استقالته قبل أن ينقلب الجيش عليه. عاش السنوسي ملكا سابقا في مصر إلى وفاته.

ومن أشهر ملوك العرب الذين حُرموا من أن يكونوا ملوكا الشاعر إمرؤ القيس الذي لُقب بالملك الضليل بعد أن قال مقولته المشهورة "اليوم خمر وغدا أمر" التي ذهبت مثلا.

لكن محمد علي الثاني لن يكون ملكا ضليلا. ذلك لأنه لا يبحث عن مُلك ضيعه أبوه الذي كان صغيرا يوم غادر مصر وهو لن يعمل في السياسة التي لم تكن مهنته طوال حياته التي قضاها مواطنا يحمل جنسية إمارة موناكو. غير أن ذلك كله لا يمنع من النظر إليه باعتباره حفيد محمد علي، الضابط الألباني مؤسس مصر الحديثة. ذلك يهبه بطريقة أو بأخرى مكانة تميزه عن سواه.

بغض النظر عن وجهة نظره وأسلوبه في الحياة فهو لن يكون مواطنا عاديا. ولكن تلك المكانة لن تهبه لقب "باشا" ذلك لأن زمن الباشاوات ذهب من غير رجعة.

سيعرف الحفيد الذي لن يكون ملكا عن الشعب المصري ما لم يكن يعرفه جده فاروق الذي كان ملكا. وإذا ما كان محمد علي الثاني قد نظر إلى القاهرة من أعلى قلعة جده الأول فإنه لم يقل "أنا ملك هذه البلاد."

18