محمد عبلة يسرد سنوات التكوين وأهم المراحل المؤثرة في مسيرته

القاهرة - "مصر يا عبلة – سنوات التكوين"، هكذا عنون الفنان التشكيلي محمد عبلة مذكراته الصادرة عن دار الشروق للنشر والتوزيع، والتي يكشف فيها عن مراحل مهمة من مسيرته الفنية داخل مصر وخارجها وأهم المؤثرات التي طبعت أسلوبه الفني وكيف تحول من هاو للفن إلى أحد أهم الفنانين التشكيليين المصريين والعرب.
ويأتي على غلاف الكتاب: “برهافة وجرأة ريشة فنان شجاع، يأخذنا الفنان محمد عبلة عبر هذا الكتاب إلى رحلة ثرية ومُلهمة مليئة بالكفاح وصور الصمود من أجل الفن، يكتب فيها شهادته الحية عما عاشه بأقصى درجات الصدق والبساطة، والعفوية، مراهنا على ثراء التجربة وطابعها الحيوي، كما يتوقف أمام بعض الرموز الثقافية والفنية التي تقاطع معها عبر مسيرته. تستحوذ سنوات الدراسة الفارقة داخل كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية على مساحة كبيرة من ذكريات الفنان، خلال فترة زمنية صعبة؛ هي سنوات السبعينات التي حفلت بالكثير من المتغيرات والتحولات المهمة”.
يستعيد عبلة في مذكراته ذكريات الطفولة، كما يتطرق إلى الصعوبات التي واجهها بسبب حبه للفن، بما في ذلك رفض والده لدراسة الفنون ومقاطعته له خلال خمس سنوات من الدراسة، والصعوبات التي واجهها بعد التخرج والسفر والغربة كشاب حديث التخرج.
ويكشف الفنان في الكتاب كيف تمكّن مع فناني جيله من التفاعل مع التحولات التاريخية المهمة، صعودًا وهبوطًا، وكيف عاش سنوات البدايات الصعبة، وصاغ أسئلتها القلقة بروح المغامر الراغب في خوض الكثير من التجارب الفنية والإنسانية، وقد ظهر أثرها جليًّا في المسارات اللاحقة للفنان، كما بلورت منجزه وساهمت في تشكيله.
ولد محمد عبلة في الدقهلية عام 1953، وأنهى دراسة الرسم في كلية الفنون بجامعة الإسكندرية عام 1977، ثم درس النحت بزيورخ في كلية الفنون والصناعات، وعمل أستاذا زائرا للفنون في إحدى مدارس أوربرو السويدية.
بدأ الفنان العرض الخاص بمعرض أقامه في المركز الثقافي الإسباني بالقاهرة عام 1977. أما آخر معارضه الشخصية فقد أقامه مطلع العام 2024 وحمل عنوان “القاهرة.. نسيج الذكريات”. وما بين المعرضين أقام عبلة أكثر من أربعين معرضا شخصيا في مصر والكويت وألمانيا وهولندا والسويد.
استطاع عبلة من خلال أعماله أن ينقل نبض الحياة المصرية بفرشاة متفردة، وجمع بين النحت والرسم، متمسكا بموقفه المتمثل في أن الفن حضّ داخلي على الجمال، لذلك استخدم الفن وسيلة للعلاج النفسي، وحاول دوما أن يكون صوت مصر الماضي والحاضر.
والفنان حاصل على وسام غوته الألماني عام 2022، كأول فنان تشكيلي مصري وعربي يحصل على هذا الوسام.
ورأت الهيئة المشرفة على الجائزة أن عبلة استحق الوسام لأنه فنان وسائط متعددة، دافعه الأساسي هو تعريف الجمهور المحلي والدولي بكل جوانب المجتمع المصري، سواء كانت تصويرات واقعية للموضوعات المعاصرة والاجتماعية والسياسية أو صورا مجردة لمصر وشعبها، فأعماله لا توفر فقط رؤى شاملة حول جذور الفنان ومجتمع بلاده، وإنما أيضا رؤى حول تراث مصر الغني. فعلى مر السنين طور عبلة لغة فنية فريدة تساعده على التعبير عن آرائه من خلال أعماله.
وبعد عامين على حصوله على هذا الوسام قرر الفنان التشكيلي المصري إعادته إلى الحكومة الألمانية احتجاجا على الموقف الرسمي الألماني من الحرب في غزة، التي وصفها بالمذبحة والمأساة الإنسانية المروّعة.
وصفه الناقد والكاتب المصري الراحل عزالدين نجيب في كتابه “الفن المصري وسؤال الهوية بين الحداثة والتبعية” بأنه “أحد أبناء جيل السبعينات الذي بدأ فنانوه يثبتون وجودهم في الثمانينات، الجيل الذي شهد أكبر الانتصارات وأكبر الهزائم… واستمر الجيل بين صعود الحلم وهبوطه عبر عمليات إجهاض متلاحقة لمطالب التغيير، وشهد مثقفوه ومبدعوه سطوة المؤسسة الرسمية التي عملت -على امتداد ربع قرن- على تهميش أصحاب حلم التغيير، في مقابل صعود الموالين لتثبيت الأوضاع وانفرادهم بالساحة، ما أدى إلى استقطاب الكثير من أبناء ذلك الجيل للدوران فى فلك المؤسسة الرسمية، ومنها إلى فلك أكبر: وهو فلك التبعية الثقافية لعصر العولمة، قاطفين ثماره السخية ولو إلى حين!”.