محمد صباح السالم يضيع فرصة عودة فرع السالم إلى قلب دائرة الحكم

الكويت – فوت الشيخ محمد صباح السالم وزير الخارجية ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق فرصة قد لا تتكرر من أجل تأمين عودة فرع الأسرة إلى قلب دائرة الحكم بعد أن بالغ في وضع الشروط أمام استلامه مهمة رئاسة الحكومة التي انتهت أخيرا إلى الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح ابن الأمير.
وقالت أوساط سياسية كويتية إن اشتراط الشيخ محمد صباح السالم أن يكون وحده المسؤول الأول عن الحكومة، وألا يتدخل في عمله أيّ من عناصر الأسرة الحاكمة، دفع إلى تكليف ابن الأمير بالمهمة، وهو ما يحصر الوظائف الكبرى بيد الأسرة المباشرة، أي الأمير الشيخ نواف، وابنه الشيخ أحمد لرئاسة الحكومة ثم أخوه الشيخ مشعل لولاية العهد، وهو ما يعيد الأمور إلى دائرة فرع الجابر من الأسرة واستمرار استبعاد فرع السالم.
وأشارت هذه الأوساط إلى أنه كان على الشيخ محمد صباح السالم أن يعتمد أسلوب خذ وطالب، أي القبول بالتعيين وانتظار صدور المرسوم الأميري، وخلال المشاورات الخاصة بتشكيل الحكومة يبدأ بعرض شروطه واعتراضاته وبشكل تدريجي حتى يحصل على دعم جزء من الأسرة.
كان على الشيخ محمد صباح السالم أن يعتمد أسلوب خذ وطالب، أي يقبل بالتعيين وخلال المشاورات يعرض شروطه ومطالبه
وكانت تقارير كويتية قد قالت إن وزير الخارجية السابق، الذي حظي خبر تكليفه بدعم شعبي واسع، قد طالب بضمانات قاطعة بعدم التدخل في التشكيل الوزاري أو فرض المحاصصة أو أسماء الوزراء الشيوخ، وهو الأمر الذي قد يكون قوبل برفض من قبل الأوساط المؤثرة داخل الأسرة التي تريد حكومة تراعي التوازنات ضمن الأسرة وليس استثناء الأسرة بشكل كلي.
وكان تعيين الشيخ محمد صباح السالم رئيسا للحكومة سيحل مشكلة مهمّة تعاني منها الكويت تتمثّل في مستقبل جناح السالم في الأسرة الحاكمة واستمرار استبعاده من موقع الأمير بعدما كان هناك توافق على المداورة بين جناح السالم وجناح الجابر.
وحدثت القطيعة بالتداول بين فرعي الأسرة الحاكمة بعد وفاة الشيخ جابر الأحمد وتولي الشيخ سعد العبدالله السالم الحكم لفترة قصيرة قبل أن يتم عزله بدواعي المرض لصالح الشيخ صباح الأحمد الجابر.
ويقول مراقبون كويتيون إن تعيين الشيخ أحمد نواف الصباح رئيسا للحكومة هو خيار اضطراري ليس فقط بسبب رفض الشيخ محمد صباح السالم، وإنما أيضا بهدف تكوين نواة صلبة من الأسرة المباشرة بُغْية مواجهة الصراعات والانقسامات داخل الأسرة الموسعة، وهو وضع يهدد مصالحها ويزيد من تأزيم الأوضاع في البلاد.
وأعلنت الكويت الأحد تعيين الشيخ أحمد نواف الصباح ابن أمير البلاد رئيسا جديدا للوزراء ليحل محل رئيس وزراء الحكومة المستقيلة الشيخ صباح الخالد الذي واجه سجالات مع البرلمان أعاقت الإصلاح المالي.
وصدر القرار في مرسوم أميري عن ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح الذي تولّى معظم مهام الأمير أواخر العام الماضي، وطلب من الشيخ أحمد تشكيل حكومة جديدة.

كان على الشيخ محمد صباح السالم أن يعتمد أسلوب خذ وطالب
وقال ولي العهد الشهر الماضي إنه سيحل البرلمان ويصدر مرسوما بإجراء انتخابات مبكرة، في خطوة رحب بها نواب المعارضة الذين نظموا اعتصاما للضغط على الأمير لتعيين رئيس وزراء جديد.
وولد رئيس الوزراء الجديد في الكويت في 1956، وتلقى تعليمه في المدارس الكويتية وحصل على بكالوريوس التجارة من جامعة الكويت، وبعد دورات عسكرية تم تعيينه في وزارة الدفاع عام 1985، ثم التحق بقوة الشرطة في 1986 برتبة نقيب.
وبعد أن تولى والده الأمير الشيخ نواف الأحمد السلطة عام 2020 عُين نائبا لرئيس الحرس الوطني.
وعُين وزيرا للداخلية ونائبا لرئيس الوزراء في مارس الماضي بعد استقالة سلفه، ومعه وزير الدفاع آنذاك، احتجاجا على استجواب “تعسفي” للوزراء من قبل البرلمان المنتخب.
ويراهن المراقبون على أن تعيين الشيح أحمد نواف رئيسا للحكومة سيساهم في تخفيف الاحتقان السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الذي قاد إلى تعطيل الإصلاحات المالية المهمة.
وشهدت العلاقة بين مجلس الأمة (البرلمان) والحكومة السابقة حالة احتقان سياسي حاد، منذ أدائها اليمين الدستورية. وتعرض رئيس الحكومة، الذي اضطر إلى الاستقالة، لثلاثة استجوابات متتالية، استهدفت المعارضة من خلالها وزراء في الحكومة، بمعدل استجواب كل شهر تقريبا.
وشكل هذا البرلمان تحديا حقيقيا للحكومة التي عانت من أزمات اقتصادية وسياسية في ظل جائحة كورونا، ومن انخفاض أسعار النفط قبل أن ترتفع في الأشهر الأخيرة.
وأعلن الشيخ مشعل، الذي يتولّى معظم صلاحيات أمير البلاد، في يونيو الماضي حل مجلس الأمة (البرلمان) والدعوة إلى انتخابات عامة جديدة وفقا للدستور.
وقال وليّ العهد الكويتي “قررنا مضطرين ونزولا عند رغبة الشعب.. واستنادا إلى حقنا الدستوري المنصوص عليه في المادة 107 من الدستور أن نحل مجلس الأمة حلا دستوريا والدعوة إلى انتخابات عامة”.
وهذا هو أول حل للبرلمان في عهد أمير الكويت الحالي الشيخ نواف الذي تولى الحكم في سبتمبر 2020 بعد وفاة أخيه الشيخ صباح الأحمد الصباح. وكانت آخر مرة تم فيها حل البرلمان عام 2016.
لكن مراقبين قالوا إن هذه الخطوة كانت منقوصة طالما أنها لم تحلّ عقدة البرلمان وإزعاجه، وإن الوضع سيعود كما هو بعد الانتخابات المبكرة وبنفس الأساليب حتى وإن تغيرت بعض الوجوه.
وأضافوا أن الأسرة الحاكمة الكويتية فضلت التعاطي الروتيني مع الأزمة بأن بادرت إلى حل مجلس الأمة، لكنها تهربت من اتخاذ قرارات فعلية لتغيير طبيعة هذا المجلس وصلاحياته، وكان عليها أن تدعو إلى استفتاء شعبي يغير قواعد اللعبة ويحدث التوازن بين السلطات بالشكل الذي يمنع رهن مصير البلاد لمزاجية عدد محدود من الأشخاص سواء أكانوا نوابا في البرلمان أم عناصر من الأسرة الحاكمة يحركون لعبة التعطيل من وراء الستار لمصالح خاصة.