محمد شياع السوداني يحمل إلى إيران خطة أمنية لضبط الجماعات الكردية في العراق

رئيس الوزراء العراقي يسعى لإبعاد احتمالية التدخل البري لطهران في شمال العراق.
الأربعاء 2022/11/30
ضمانات عراقية تبرد التوتر ولا تلغيه

يسعى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى تبريد التحفظات الإيرانية على ما تقول إنه أنشطة كردية شمال العراق، من خلال حمله إلى طهران الثلاثاء خطة أمنية لضبط الجماعات الكردية، ما يبعد احتمالية تدخل بري إيراني.

بغداد/ طهران - حمل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الثلاثاء إلى إيران خطة أمنية عراقية أبرمت بين بغداد وأربيل (عاصمة كردستان العراق)، في مسعى لإبعاد احتمالية التدخل البري الإيراني ضد الجماعات الكردية الناشطة شمال العراق.

والتقى السوداني الذي تسلّم منصبه قبل شهر، الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي دعا إلى تحسين العلاقات بين الدولتين.

وشدّد رئيس الوزراء العراقي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسي على أن بغداد مصمّمة على عدم “السماح باستخدام الأراضي العراقية لتهديد أمن إيران”، مؤكدا أن “الحكومة ملتزمة بتطوير التعاون مع إيران في جميع المجالات”.

وقال رئيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك إن طهران وبغداد تتعاونان في المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية والأمنية، مضيفا “من هذا المنطلق، تأتي محاربة الجماعات الإرهابية”، في إشارة إلى الجماعات الكردية المتمركزة في إقليم كردستان العراق.

وتتهم الحكومة الإيرانيّة الفصائل الكردية المعارضة بتشجيع الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ السادس عشر من سبتمبر الماضي، بعد وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) إثر توقيفها من قبل الشرطة في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية.

ومع تواصل الاحتجاجات التي تهز إيران منذ أكثر من شهرين، صعدت طهران قصفها لمقار هذه الفصائل.

وتتخذ جماعات كردية – إيرانية معارضة منذ عقود مقرا لها في إقليم كردستان العراق المجاور لإيران الذي يتمتع بحكم ذاتي، متخلية عن نشاطاتها المسلحة إلى حد كبير ومركزة على العمل السياسي.

ويعود وجود المعارضة الكردية في العراق إلى ثمانينات القرن الماضي بمباركة الرئيس العراقي السابق صدام حسين خلال حربه مع الجارة إيران، فيما تصنف طهران هذه الفصائل على أنها “إرهابية” و”انفصالية”، وتتهمها بشن هجمات على القوات الإيرانية.

الضربات الإيرانية في العراق تحرج حكومة السوداني التي وضعت السيادة الوطنية عنوانا لبرنامجها السياسي

وتشجب هذه الجماعات التمييز الذي تعانيه الأقلية الكردية في إيران التي يعيش فيها نحو 10 ملايين كردي من أصل 83 مليون نسمة عدد سكانها الإجمالي، وتنتقد غياب التمثيل السياسي على مستوى الحكم المحلي وانعدام التنمية الاقتصادية في المناطق الكردية، بالإضافة إلى حظر تعليم لغتهم الأم في المدارس.

وإلى ذلك، ولد مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي العام 1949 في مدينة مهاباد الإيرانية، حيث أعلنت أول “دولة كردية”. وكان والده داعما لجمهورية مهاباد التي لم تستمر سوى عام واحد بعدما قضت عليها القوات الإيرانية.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني قبل فترة قصيرة، أن كردستان العراق يجب ألا تكون “مكانا لعبور المعدات والأسلحة لاستخدامها في اضطرابات”.

وكذلك يتهم مسؤولون في طهران هذه الحركات بالمشاركة في “أعمال الشغب وإثارة العنف”، في إشارة إلى الاحتجاجات الحاصلة في إيران، والتوغل في الأراضي الإيرانية لتنفيذ هجمات.

ويقول المحلل فابريس بلانش إن “إيران تبحث عن كبش فداء”، موضحا أن “الإيرانيين يريدون أن يظهروا أن هناك تلاعبا من الخارج في الاحتجاجات”.

ومنذ تسعينات القرن الماضي، ثمة “اتفاق” ضمني بين الفصائل الإيرانية وإقليم كردستان العراق يحمي وجودها في مقابل عدم القيام بأنشطة عسكرية في إيران، لتجنب توتر العلاقات مع طهران.

وأفادت مصادر عراقية بأن التفاهمات بين بغداد وأربيل شملت نقاطا عدة، أبرزها تشكيل وحدات مشتركة بين الجيش العراقي وحرس الحدود وقوات البيشمركة، ونشرها على الحدود مع إيران في أقرب وقت، مع إنشاء العشرات من نقاط المراقبة الحدودية. ويتضمن الاتفاق أيضا وقف أي دعم كردي حكومي أو حزبي في الإقليم لجماعات الأحزاب الإيرانية المعارضة.

واستبقت طهران زيارة السوداني بالترحيب بقرار الحكومة العراقية الاثنين إرسال قوات إلى المنطقة الحدودية مع منطقة إقليم كردستان العراق.

وأبدت الخارجية على لسان الناطق باسمها ناصر كنعاني استعدادها لتقديم أي مساعدة فنية يحتاجها العراق في هذا الصدد.

وتأتي هذه التطورات بعد أيام على شن الحرس الثوري الإيراني سلسلة هجمات ضد مواقع مختلفة تحوي جماعات كردية معارضة لإيران، وتتزامن مع ضربات تركية ضد مسلحين أكراد شمالي سوريا والعراق.

لكن الضربات الإيرانية والتركية في العراق باتت تحرج حكومة السوداني، التي وضعت السيادة واستعادة الدولة عنوانا لبرنامجها السياسي.

3