محمد بعيو يدفع فاتورة مواقفه المناهضة للخطابات التحريضية في الإعلام الليبي

طرابلس – اختطفت "كتيبة ثوار طرابلس"، أكبر الميليشيات في العاصمة الليبية، رئيس المؤسسة الليبية للإعلام، محمد بعيو، الثلاثاء، على خلفية أمره بوقف الحملات الإعلامية التحريضية وإزالة شعار " بركان الغضب" من القنوات الرسمية.
وقال بعيو في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في وقت سابق، إنه تلقى "رسالة تهديد" من آمر كتيبة ثوار طرابلس أيوب بوراس، وكتب "في وقت ازدادت فيه حملات أبواق الإخوان شراسة بعد إحالتي للمدعو سليمان دوغة إلى التحقيق بتهمة تبديد واختلاس 35 مليون دينار، ومحاربتي للفساد في الأجهزة الإعلامية، تلقيت اليوم رسالة تهديد صوتية من الميليشياوي أيوب بوراس آمر كتيبة ثوار طرابلس"، على حد قوله.
وتابع "أعرف أنها معركة وطنية مقدسة بين مشروع الدولة الموعودة المنشودة، وبين واقع الإجرام والإرهاب والفساد، وسأخوضها بشجاعة وشرف، وحتى لو كنت شهيدها وهذا ما أتمناه، لن أتراجع ويقيني بالله يقيني شر أعداء الله، ليبيا بإذن الله ستبقى، والدولة بإذن الله ستقوم وتكون والمجرمون بإذن الله سيُهزمون، وإنّـا بإذن الله لمنتصرون"، بحسب وصفه.
وأعلن في تدوينة أخرى أنّ " المجرمين يهاجمون بيتي الآن في طرابلس".
وأعلنت قوات عملية "بركان الغضب" في فيديو نشرته على صفحتها بفيسبوك عن اعتقالها لبعيو معلّقة "لن نرضى مهما حصل أن يحكم إعلامنا شخص دون مبدأ أو توجه حر شريف وأن تذهب دماء شهدائنا هباءً منثورًا، كما لم نقبل الاستخفاف بالتضحيات الجبارة"، وفق تعبيرها.
وتعكس عملية اختطاف بعيو موقف الميليشيات حيال مفاوضات السلام بين الفرقاء الليبيين والتي تشهد اختراقات مهمة آخرها الاتفاق على على فتح الطرق البرية والبحرية في جنيف، وتنظر تلك الميليشيات إلى المسار التسووي الجاري على أنه تهديد لنفوذها ومصالحها ومصالح القوى الداعمة لها.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، أصدر في العاشر من سبتمبر الماضي قرارًا بتعيين الإعلامي محمد بعيو، رئيسًا للمؤسسة الليبية للإعلام، في خطوة أثارت جدلا بين بعض الإعلاميين والنشطاء.
وعمق اختيار بعيو، المناهض للإخوان، من الانقسام والتوتر داخل حكومة الوفاق، إذ أن الإعلام من القطاعات الهامة جدا لجماعة الإخوان لتكريس نفوذهم في مفاصل الدولة، وخروجه من سيطرتهم يعني ضربة موجعة لهم، حتى أنّ إعلاميون ومدونون ليبيون موالون للإخوان هددوا بـ”عصيان مدني يقفل الشاشات والإذاعات”، في حال لم يتراجع السراج عن قرار تعيين بعيو.
وامتد الرفض إلى داخل المجلس الرئاسي نفسه، حيث اعتبر عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق محمد عماري زايد، قرار التعيين "غير شرعي" مطالبا بالتراجع عنه.
وأعلن زايد، القيادي المحسوب على ما يعرف بـ“تيار المفتي” (نسبة للمفتي المعزول الصادق الغرياني المعروف بفتاويه المتطرفة)، طعنه قضائيا في قرار المجلس الرئاسي بتكليف بعيو برئاسة المؤسسة الليبية للإعلام.
وقال في تصريحات نقلتها صفحة "عملية بركان الغضب" على موقع فيسبوك إن وصف "جريمة العدوان على طرابلس بالحرب الأهلية هو تزوير للحقائق وطعن في شرعية المعركة التي خاضتها حكومة الوفاق وإهانة لقياداتنا العسكرية وشهدائنا الأبرار".
ولاقى تعميم بعيو على وسائل الإعلام بإزالة شعار بركان الغضب، غضب آمر غرفة عمليات سرت-الجفرة العميد إبراهيم بيت المال، الذي طالب المجلس الرئاسي بسحب قرار تعيين محمد بعيو .
واستهجن بيت المال تشديد بعيو على القنوات الإعلامية ووكالة الأنباء الليبية الرسمية بـ"التوقف نهائيا عن بث ونشر كل ما يتعلق بالعدوان على طرابلس أو ما يصفه هو بالحرب الأهلية، وتوعّد مديري القنوات والإذاعات باتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم" حال عدم الالتزام بتوجيهاته.
وقال إن بعيو أصدر أخيرًا قرارًا بتكليف شخصية إعلامية مناهضة لثورة فبراير ومقربة من قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر وأسند إليها مهمة إدارة البرامج والإنتاج المرئي في قناة الوطنية.
وقبل إعلان تعيين بعيو، جرى تداول أسماء بعض الشخصيات المحسوبة على الإخوان كمرشحين لرئاسة المؤسسة الليبية للإعلام، وذكرت مصادر مطلعة أنه تم ترشيح بعض الأسماء التي قامت بمهمة في الحرب الإعلامية مع تصاعد معارك طرابلس بغض النظر عن مؤهلاتهم وخبرتهم لتولي منصب قيادي على رأس المؤسسات الإعلامية في الدولة.
وسبق أن شغل بعيو مناصب في قطاع الصحافة خلال عهد الرئيس السابق معمر القذافي، وهو الناطق باسم آخر حكومة للقذافي وعرف بتصريحاته الإعلامية الداعية لعدم التصالح مع الإخوان المسلمين، ودعم القوات المسلحة بقيادة المشير خليفة حفتر، وهو ما يفسر موقف الإخوان الشرس ضده. حتى أن المنابر الإعلامية التابعة للإخوان استقبلت قرار تعيينه على رأس المؤسسة الليبية للإعلام بصدمة، حيث عنونت إحداها مقالا بـ”السراج يطلق رصاصته الأخيرة على الإعلام الليبي”.