محمد الكتاني.. الذراع الاستثمارية القوية للمغرب في أفريقيا

رئيس "التجاري وفا بنك" يصر على أن المجموعة تريد ترسيخ تجربتها الناجحة في أفريقيا بتوفير خدمات حقيقية تستجيب لكل الشرائح.
الأحد 2022/04/10
مقاربة ناجعة في مجال الأعمال

امتلك محمد الكتاني رئيس مجموعة “التجاري وفا بنك” رؤية إدارية واستثمارية جعلت من المجموعة التي يقودها تساهم في عجلة النمو والتطور بشكل استراتيجي بالمغرب، محققة التوسع الاستثماري في 26 دولة أفريقية منها مصر، وبذلك برهن ومنذ توليه إدارة الذراع المالية للمغرب في أفريقيا في العام 2007 على أن المرونة والمثابرة والقدرة على التكيف، مفاتيح الاستقرار والازدهار، سواء في المغرب أو في القارة الأفريقية عموما، حيث عمل على توسيع نطاق المجموعة، رغم ما يواجهه العالم من حالة من عدم اليقين.

توشيح الكتاني بوسام عرش من درجة ضابط، ووسام جوقة الشرف من الجمهورية الفرنسية، لم يأت من فراغ بل هو تعبير عن أهمية الرجل اقتصاديا واستثماريا على المستوى المغربي والدولي والأفريقي بشكل خاص، هذه القارة التي يلعب فيها “التجاري وفا بنك” دورا محوريا بوصفه حضورا موثوقا للمغرب.

تلك الثقة نابعة من كفاءة الكتاني وتحمّله لمسؤولياته وواجباته، ومقاربته الناجعة في مجال الأعمال، ما جعله وجها يعبر عن القدرات اللامحدودة للمغرب وللقارة السمراء، للعمل من أجل ازدهارهما والاستثمار في رأسمالهما البشري.

استراتيجيات لاقتحام الأسواق

• توشيح الكتاني بالعديد من الأوسمة المغربية والدولية تعبير عن أهميته كعقل اقتصادي فذّ
توشيح الكتاني بالعديد من الأوسمة المغربية والدولية تعبير عن أهميته كعقل اقتصادي فذّ

السر في نجاح المجموعة، أفريقيا ودوليا، أنها أعطت منذ أول استقرار جهوي لها الفرصة مرارا وتكرارا للمواهب المحلية من أجل إنشاء بنك ذي طموحات كبرى، مما ضاعف مرتين أو ثلاث مرات حجم شبكتها وعدد مستخدميها في ظرف عدة سنوات، ضمن استراتيجية ورؤية تعمل من أجل النهوض بالتميز على مستوى المحلي والقاري.

مجموعة “التجاري وفا بنك” كان لها اهتمام منذ سنين خلت بالدخول إلى السوق المصرية التي تندرج ضمن المرحلة الثانية من استراتيجيتها التنموية، وذلك لكون مصر هي بوابة أفريقيا الشرقية، والمغرب بوابتها الغربية، وهكذا وبإتمام عملية اقتناء ما نسبته 100 في المئة من رأسمال “باركليز بنك مصر”، قبل جائحة كورونا بعام واحد، أصبح لمجموعة “التجاري وفا بنك” تواجد بـ26 بلدا على الصعيد الدولي والأفريقي، وهذا الإنجاز يقع ضمن تفكير الكتاني، الذي انصب منذ البداية على رغبة في النهوض بمخططات التنمية الاستراتيجية بأفريقيا ومصر بشكل خاص، من أجل الانفتاح على الطبقات المتوسطة وعلى الشركات الصغرى والمتوسطة، ومواصلة دينامية الخدمات المصرفية، وعصرنة ودمقرطة دخول هذه الشركات، ومن ثم الاستمرارية في تمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى.

نجح الكتاني بعد ثلاث محاولات فاشلة، وباتت السوق المصرية تستحوذ على أكبر استثمار للمجموعة خارج المغرب، وهذه السوق بالنسبة إلى الكتاني، تشكل أول خطوة استثمارية للمجموعة داخل بلد عربي أنجلوساكسوني، في الوقت الذي ذكر فيه بكون السوق المصرية تعد بفرص نمو جد هامة، باعتبار أن حجم تعاملاتها المالية والبنكية يضاعف مستواها المسجل بالسوق المغربية، وتوفّر جالية بالخارج يصل عددها إلى 18 مليون مواطن مصري يحولون نحو بلدهم أموالا تناهز قيمتها 20 مليار دولار سنويا، ما شجع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على تجديد الثقة في هذه المجموعة التي تخدم ما يضاهي 100 مليون مواطن.

~ صاحب رؤية قادرة على تأمين الاستقرار والتوسّع

وشملت المرحلة الأولى لتواجد مجموعة “التجاري وفا بنك” بأفريقيا، بلدانا من شمال أفريقيا وأفريقا الغربية ومن أفريقا الوسطى التي تجمعها بالمغرب علاقات ثقافية وروحية ودينية فضلا عن العلاقات التجارية القديمة، إذ أن سياسة الكتاني تجد سندها في الاستراتيجة الواضحة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، والقائمة على ضرورة توطيد العلاقات بين البلدان الأفريقية، وعلى التعاون وفقا لمبدأ جنوب – جنوب عبر دمج الاقتصاديات الأفريقية بمساهمة منعشين.

يقود الكتاني فريقا مكونا من أكثر من 20 ألف موظف في 26 دولة، مستفيدا من رصيد وخبرة من عمله السابق مديرا عاما للخدمات المصرفية العالمية والخدمات المصرفية الدولية والاستثمار المصرفي ومدير تخطيط برنامج الاندماج لدى “التجاري وفا بنك”، في العام 2004، ونظرا لأهمية الإمكانات التنموية لساحل العاج، توسع حضور أنشطة المجموعة وفرعها بهذا البلد، في إطار الرؤية الاستراتيجية للرئيس الحسن واتارا والملك محمد السادس، وترجمة لالتزام الكتاني بتوطيد تلك العلاقات وبالعمل على تعزيز التعاون جنوب – جنوب بشكل عام، ولهذا تم توشيحه بوسام قائد النظام الوطني لكوت ديفوار.

وكنموذج للتعاون المصرفي الأفريقي المغربي، انضمت الشركة الإيفوارية للبنوك في عام 2009 إلى المجموعة البنكية الأفريقية الأولى “التجاري وفا بنك”، والتي تساهم في مواكبة السياسة الحكومية في تطوير وتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في هذا البلد.

رأس المال يبحث دوما عن الفرصة المواتية للتوسع والربح والبيئة المساعدة على النمو، وأفريقيا تعتبر فضاء حقيقيا للنمو، لهذا فالتحول الصناعي والاستثماري لها يتيح فرصة كبيرة لنمو قطاع البنوك، وهذا ما اقتنع به الكتاني، لأن في نظره أفريقيا يجب أن تعول على مواردها ووسائلها الخاصة من أجل تحقيق نموها، عبر رؤى استراتيجية على المدى البعيد من أجل تشجيع استثمارات القطاع الخاص، مع تسهيل الدول الأفريقية لعمل الشركات من خلال التصدي للبيروقراطية وتطوير بنيات تحتية ذات جودة.

ونظرا لكون المجموعة ذات طموحات كبيرة وتلعب دورها في السوق الأفريقية بامتياز، فقد حاولت عكس رؤية المغرب لمستقبل أفريقيا ورأس مالها البشري الذي يشكل أحد العوامل الأساسية لتنمية القارة، فقد تم إحداث أكاديمية من طرف مجموعة “التجاري وفا بنك” لتكوين أطر أفريقية في مجال المالية، وهذا الخيار أملته الروابط العميقة التي جمعت على الدوام بين المغرب وهذه القارة اللذين يتقاسمان نفس التحديات ونفس الرهانات.

دعم الاقتصاد الوطني

• سياسة الكتاني تجد سندها في الاستراتيجة الواضحة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، والقائمة على ضرورة توطيد العلاقات بين البلدان الأفريقية، وعلى التعاون وفقا لمبدأ جنوب – جنوب عبر دمج الاقتصاديات الأفريقية

                 ~

• مجموعة "التجاري وفا بنك" التي يقودها الكتاني تساهم في عجلة النمو والتطور بشكل استراتيجي بالمغرب، محققة التوسع الاستثماري في 26 دولة أفريقية

تواجد المغرب في القارة ليس ظرفيا أو تمليه سياسة ارتجالية آنية، ولهذا يصر الكتاني على أن المجموعة التي يقودها تريد ترسيخ تجربتها الناجحة في أفريقيا، خاصة في مجال تمويل البنيات التحتية والشركات الصغرى والمتوسطة، بتوفير خدمات حقيقية تستجيب لكل الشرائح على ضوء تحول الشبكات التجارية الدولية، وكذا التحدي الديموغرافي، ولهذا تجد محمد الكتاني،  يدعو في كل لقاءاته مع المسؤولين الأفارقة، إلى تعبئة عامة على مستوى القارة الأفريقية من أجل توفير رؤوس الأموال بمستويات مهمة وتنافسية بهدف توفير أقصى قدر من الموارد المالية نحو أفريقيا.

ومن المبادرات التي أطلقها الكتاني نادي أفريقيا والتنمية – مصر، كمنصة لمد الجسور بين مصر والدول الأفريقية لتحقيق طموحات سوق الأعمال الأفريقية وتوفير فرصة لرواد الأعمال الشباب من مصر لمشاركة وتبادل الخبرات واكتشاف شركاء جدد، حيث يعمل القطاع كمحفز رئيسي للتنمية المستدامة والتطور الاقتصادي.

في عام 2020  بلغت مساهمة “التجاري وفا بنك” في الورش الاجتماعي حوالي 3.36 مليار دولار لدعم 100 ألف مشروع متوسط وصغير متضرر من الجائحة، كما بلغت أصول البنك تحت قيادة الكتاني 63.5 مليار دولار بنسبة نمو بلغت 6.7 في المئة، وهذا يعتبره الكتاني ردا على المشككين في أهمية الدور الذي تلعبه مجموعته بتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة، بفضل قوة التمويل المالي الذي وضعته بنحو 23 مليار درهم برسم سنة 2017، مشيرا إلى أن الاستفادة من هذه التمويلات تتم وفق شروط شفافة ومضبوطة، أساسها دعم الشركات في جميع مراحل تطورها، بدءا من لحظة التأسيس مرورا بمرحلة النمو والمواكبة.

وتعزيزا لمشاركته التطوعية في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لمواجهة أزمة الجفاف الحالية، وضع البنك الذي يقوده الكتاني، خريج المدرسة الوطنية للتقنيات المتقدمة، والرئيس السابق لقسم ائتمان الاستثمار في البنك التجاري المغربي، معايير تمويل شركات تتأسس على مستويات التنقيط التي تحددها تقارير ودراسات المؤسسات الدولية لوضعية الاقتصاد الوطني، لتقييم درجة تنافسية الشركات الفاعلة بقطاعاته الإنتاجية، مع مراقبة تطورات الشركات عن كثب دون التواني في دق ناقوس الخطر كلما كان ذلك ضروريا، لتبليغ الحكومة القلق من تردي الوضع الاقتصادي وانعكاساته السلبية على فرص نمو الشركات وإمكانية حصولها على التمويل الضروري لتحريك عجلة الإنتاج والتصدير.

الاقتصاد القوي، وفقا للكتاني، لا يُبنى على أنقاض نظام بنكي هش ومنهار، ولهذا نجد أن المرتكزات المتينة للبنوك المغربية تدعو إلى الفخر والاعتزاز. بتلك النظرة يريد الكتاني إظهار مجموعته البنكية التي أسست قبل عشرين عاما تقريبا، كمؤسسة مالية مواطنة حريصة على مصلحة الاقتصاد الوطني. وهو يستشهد عادة بموقف والي بنك المغرب عبداللطيف الجواهري، الذي لم يسبق له في لحظة من اللحظات أن اتصل بأي شكوى معينة مرفوعة إليه من طرف مستثمر أو صاحب شركة ضد مؤسسة “التجاري وفا بنك”، ما يؤكد مصداقية وشفافية تعاملات البنك مع زبائنه، أفرادا كانوا أم مهنيين.

~ السر في نجاح مجموعة الكتاني في أفريقيا، أنها أعطت فرصاً للكفاءات المحلية لتحقيق طموحاتها

 

8