محمد السنوسي يطرح الدستور الملكي حلا لإعادة بناء الدولة الليبية

السنوسي يعرب عن قلقه من الظروف الحالية التي وصفها بأنها أكثر تعقيدا من تلك التي سبقت تأسيس الدولة الليبية.
الأربعاء 2024/12/25
الوصول إلى الانتخابات بات معضلة في ليبيا

طرابلس - دعا محمد السنوسي، ابن ولي العهد إبان الحكم الملكي في ليبيا، إلى اعتماد الدستور الملكي كأساس لإعادة بناء الدولة وضمان وحدة البلاد، التي تغرق في الانقسام السياسي وفشل كل المبادرات المحلية والدولية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في البلاد بعد ثلاث سنوات من الإعلان عنها.

وجاءت تصريحات السنوسي في كلمة ألقاها بمناسبة الذكرى الـ73 لاستقلال ليبيا، مشددا أن ليبيا لا يمكنها تحمل خطر الانقسام أو التحول إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية. وأعرب عن قلقه من الظروف الحالية التي وصفها بأنها أكثر تعقيدا من تلك التي سبقت تأسيس الدولة الليبية، حيث لفت إلى حالة الانقسام والفوضى التي تعيشها البلاد وما يرافقها من فساد وهدر للموارد.

وأضاف أن الوضع يتفاقم في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة التي قد تؤثر على مستقبل ليبيا ووحدتها.

وتحتدم الخلافات حول قوانين الانتخابات ودور القضاء فيها حيث حال هذا الوضع دون إجرائها بعد أن اتفقت أطراف النزاع خلال حوار برعاية الأمم المتحدة على إجرائها في 24 ديسمبر 2021، لتجديد شرعية المؤسسات وإنهاء فترة انتقالية تتسم بالصراعات والأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية.

وشدد السنوسي على أهمية تجاوز الخلافات والصراعات بين الأطراف الليبية، داعيا جميع الليبيين إلى التكاتف والعمل على استعادة الهوية الوطنية والسيادة. وأشار إلى لقاءاته مع مختلف شرائح المجتمع الليبي، بما في ذلك الشباب والشيوخ والقوى السياسية والاجتماعية، حيث لمس رغبتهم في تحقيق الوحدة وبناء مستقبل أفضل للبلاد.

واعتبر السنوسي أن العودة إلى الدستور الملكي الذي أسست عليه الدولة الليبية يمكن أن يوفر أساسا لبناء نظام ديمقراطي ودستوري يضمن حقوق المواطنين ويتيح التناوب السلمي على السلطة.

السنوسي شدد على أهمية تجاوز الخلافات والصراعات بين الأطراف الليبية، داعيا جميع الليبيين إلى العمل على استعادة الهوية الوطنية والسيادة

وتتزامن تصريحات السنوسي مع عودة الأزمة السياسية إلى مسارات اللجان بين الفرقاء، بجانب غموض مآلات مبادرة الأمم المتحدة التي طرحتها القائمة بأعمال المبعوث الأممي ستيفاني خوري في وقت سابق هذا الشهر.

وأطلقت خوري في 15 ديسمبر الجاري مبادرة جديدة، تقضي بـ”تشكيل لجنة فنية استشارية من خبراء ليبيين محددة الزمن، للتمهيد لإجراء الانتخابات ومعالجة النقاط الخلافية لقوانين الانتخابات.”

وبموازاة ذلك وخارج الإشراف الأممي، عُقد في 18 و19 ديسمبر الجاري اجتماع تشاوري بالمغرب بين أعضاء من مجلسي النواب والأعلى الليبيين.

وتوصل المجتمعون لاتفاق يضم 8 مواد، تتحدث أولاها عن مرحلة تمهيدية لإجراء الانتخابات، وتنص على “إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وفق القوانين الانتخابية.”

ومن هنا أصبح لدى ليبيا فرصتان للوصول إلى الانتخابات، وهما المبادرة الأممية بقيادة ستيفاني خوري والمشاورات بين نواب مجلسي النواب والأعلى للدولة.

ودعا السنوسي إلى الالتفاف حول مشروع وطني يهدف إلى إنقاذ البلاد من أزماتها الراهنة، مشيرا إلى ثقته بأن المشاورات المجتمعية والسياسية التي يقودها ستسهم في تحقيق توافق وطني يمهد الطريق لإنهاء الأزمات التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.

ووفق الخبير في الشأن الليبي عبدالباسط زيو، فإن الوصول إلى الانتخابات “حلم قد يتحقق في 2025.”

لدى ليبيا فرصتان للوصول إلى الانتخابات، المبادرة الأممية والمشاورات بين نواب مجلسي النواب والأعلى للدولة

وأرجع ذلك إلى أن “جميع أطراف النزاع جربت كل الطرق للسيطرة، ومنها القوة، وفشلت جميعا، لذلك هي في حالة يأس الآن وتعلم أنه لا حل سوى الانتخابات.”

وأضاف أن “الوضع الاقتصادي المتأزم سبب آخر، فالشعب يعيش أزمة اقتصادية خانقة ولن يحتمل كثيرا، وبالتالي الخوف من غضب الشعب سيكون المحرك المقبل للسياسيين والقادة ليتفقوا على الانتخابات.”

و”الاجتماع الأخير بين أعضاء مجلسي النواب والدولة في المغرب خير دليل، فهم يعرفون جيدا أن الشعب لن يتحمل أكثر من ذلك،” وفق زيو.

وتابع “كما أن المجتمع الدولي عامل دافع لبلوغ الانتخابات، فالدول صاحبة المصلحة لن تسمح بالمزيد من الأزمات والتوترات في ليبيا (البلد الغني بالنفط).”

في المقابل، يرى الدبلوماسي الليبي السابق عبدالله المصراتي أن بلوغ الانتخابات العام المقبل “أمر لن يحدث أبدا.” وأضاف المصراتي لوكالة الأناضول أن “الأسباب التي أدت إلى فشل الانتخابات قبل ثلاثة أعوام لا تزال موجودة، بل أُضيفت لها أسباب أخرى، فكيف ستحدث الانتخابات؟”

واعتبر أن “أحد أهم الأسباب هو الأسماء المرشحة لرئاسة البلاد في الانتخابات الماضية، وعلى رأسهم سيف الإسلام القذافي.”

وتابع بأن “سبب فشل الانتخابات السابقة هو ترشح سيف الإسلام لكون الدول الغربية التي أطاحت بوالده في 2011 لن تسمح له بتولي الحكم، فهذا يعني أنهم كانوا على خطأ بإسقاط نظام حكم والده الذي كان جزءا منه.”

تصريحات السنوسي تتزامن مع عودة الأزمة السياسية إلى مسارات اللجان بين الفرقاء، بجانب غموض مآلات مبادرة ستيفاني خوري

وأضاف المصراتي أن “الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، كانت أول المعارضين لإجراء الانتخابات قبل 3 أعوام، لأنها علمت أن حظوظ سيف الإسلام في الفوز كانت كبيرة جدا جدا.”

ومن بين أسباب استبعاد إجراء انتخابات في 2025، وفق المصراتي، هو “الصراع الأميركي – الروسي، فلا يمكن حل الخلافات الليبية والوصول للانتخابات إلا بعد حل الخلافات الدولية.”

وتقود واشنطن حاليا الجهود الأممية لإيصال ليبيا إلى الانتخابات، عبر المبعوثة الأميركية بالإنابة ستيفاني خوري، لذلك عارضت روسيا مبادرة خوري، لأنها تعلم أنه حال نجاحها ستفقد موسكو مكانتها الحالية في ليبيا.”

وأشار إلى أن ”الجميع يعلم أن ليبيا حاليا ساحة للصراع الدولي، ولذلك من المستحيل أن يسمح أيّ من أقطاب الصراع الدولي للآخر أن يتنصر عليه، لأنه يعلم جيدا أن المنتصر سيستحوذ على ليبيا بشكل كامل.”

وتؤكد جميع الأطراف على اختلاف توجهاتها، أنه لا يمكن تحقيق تطلعات الليبيين أو صون سيادة البلاد في ظل استمرار الانقسام وعدم وضوح الرؤية.

وتحدث قائد قوات “القيادة العامة” المشير خليفة حفتر في كلمة بمناسبة الذكرى 73 للاستقلال الثلاثاء عن فشل جميع المبادرات والمساعي من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية. وأشار إلى أن جميع المساعي والمبادرات “التي استهلكت منا جهدا” فشلت على أرض الواقع، داعيا إلى العمل على مشروع جاد يتجنب التجارب الفاشلة لبناء دولة معاصرة.

وقال حفتر “كيف لنا أن نحتفل باستقلال ليبيا وقد تصدعت أركانها وأساساتها وتحولت إلى حقل تجارب؟ هل قامت الدولة التي حلمنا بها؟ الدولة التي تجمع تحت مظلتها كل الليبيين وتحمي حقوقهم وتضمن لهم العدالة والمساواة وفرص العمل الشريف، الدولة التي تحتكر السلاح وترد المظالم.”

وتابع أن الاستقلال “يفقد قيمته ومعناه ويصبح مجرد ذكرى في سجلات التاريخ” إذا تفككت وحدة البلاد وانتهكت سيادة الوطن واُرتهن مصيره بقرارات من خارج حدوده، مردفا أن معنى الاستقلال لا ينحصر في قرار تصدره الأمم المتحدة “بل يعني السيادة والحرية والكرامة.. الاستقلال هو أن يمتلك الشعب قراره في تقرير مصيره وإدارة شؤونه.”

4