محمد الداهي: المغرب يعيش حاليا مرحلة أدبية كالتي عاشتها مصر في عهد طه حسين

الكاتب المغربي يشير إلى ظهور أشكال جديدة في السيرة الذاتية شقت عصا الطاعة على الشكل القديم.
السبت 2022/06/11
الجوائز التفاتة رمزية

الرباط- قال المغربي محمد الداهي إن الكُتَّاب العرب، ما زالوا أسرى لنموذج “السيرة الذاتية” كما رسمه عميد الأدب العربي طه حسين في كتابه “الأيام”.

وأكد الناقد والكاتب والأكاديمي الحائز مؤخرا على جائزة الشيخ زايد للكتاب إن أدب السير الذاتية ما زال “الجنس الأدبي الذي يشغل العرب منذ سنوات”، مضيفا “جميع التجارب الأدبية التي أتت فيما بعد سواء في مصر أو المغرب كانت نسخا مقلدة لسيرة طه حسين في كتاب الأيام”.

وأضاف في مقابلة معه على هامش لقاء مفتوح مع الجمهور في فعاليات الدورة السابعة والعشرين لمعرض الكتاب الدولي بالرباط أن الفوارق والاختلافات في القشور الخارجية دون أي مساس بالجوهر.

وقال “لو أن طه حسين (على سبيل المثال) كتب سيرته بضمير الغائب، باقي الكتاب كتبوها إما بضمير المتكلم المفرد أو الجمع”. لكن هذا الجنس الأدبي تأثر، على حد قوله، بعوامل الزمن.

ويسوق الداهي الحجج والذرائع وراء دعوته للعصيان والتمرد على أدب السيرة الذاتية بصورته الحالية، ويقول إن هذا النمط السردي أصبح متقادما الآن ومباشرا إذ “لا يتيح إمكانية كبيرة للتخييل والابتكار الذي هو أساس الفن” الذي يسعى إلى “إعادة تشكيل الواقع أو الحياة بطريقة مغايرة”.

ويشير الداهي إلى ظهور أشكال جديدة في السيرة الذاتية شقت عصا الطاعة على الشكل القديم. ويقول “هناك تسونامي من الأنواع، ولكن نحن في العالم العربي، باستثناء تجربتي مصر والمغرب، لا نهتم إلا بالسيرة الذاتية أو أشكال قريبة منها، بينما هناك أشكال لا نهتم بها كالمذكرات واليوميات”.

وفي إشارة إلى كتابه “السارد وتوأم الروح” الحائز على جائزة الشيخ زايد للكتاب (فرع الفنون والدراسات النقدية) في مايو  الماضي، يلفت الداهي النظر إلى هذه المنطقة البينية، التي لا تحظى بالاهتمام الواجب “والتي لا تُدرس في الكليات والجامعات رغم أهميتها في أنها تشكل سرودا موازية للتاريخ”.

وأضاف الكاتب أن هذه السرود “تساعدنا على ملء الكثير من الثقوب ذلك لأن هناك حقائق تجري في المنازل أو الأحياء لا يمكن للتاريخ أن يرصدها، لسبب أن التاريخ لا يهتم بهذه الجزئيات”.

ويعد هذا الكتاب تصنيفاً للأنساق المتعلقة بالسرود الذاتية داخل الخطاب الأدبي العام، التي تضم اليوميات والرسائل والاعترافات والمذكرات والتخييل الذاتي والسرد الذاتي.

ويمتاز كتاب الداهي كما جاء في بيان جائزة الشيخ زايد للكتاب بسلاسة العرض ووضوح المفاهيم ودقة التحليل، ومراجعه الحديثة والشاملة، وقراءته لأعمال سردية عربية قديمة وحديثة. فالكتاب يسرد العلاقة المعقدة بين الكتابة والوجود والنص وما يضمره في إطار تمثيل الذات الواقعية ونقلها إلى عالم الكتاب.

وشبه الداهي واقع النقد الأدبي في المغرب حاليا “بالمرحلة الأدبية التي عاشتها مصر في عهد طه حسين ومحمد مندور. والكتاب الذين كان لهم إطلاع على الثقافة الغربية ونقلوها إلى مصر”.

وأضاف “في المغرب نلاحظ نوعا من المثاقفة (الاحتكاك الثقافي) موجودا الآن مع الثقافة الفرنسية والإنجليزية. مما أثمر نقدا جديدا، بأدوات جديدة وكونية”.

وعن فوزه بجائزة الشيخ زايد هذا العام اعتبر الداهي أن “الجوائز هي التفاتة رمزية لا يجب النظر إليها من حيث قيمتها المادية. فالذي يهمنا هو الجانب القيمي الرمزي”.

ونفى الداهي أن يكون للتكنولوجيا الحديثة تأثير سلبي على القراءة في العالم العربي وقال “هذا حق يراد به باطل”. وأشار إلى أن المكتبات في باريس على سبيل المثال ما زالت تتزين بأحدث الإصدارات، مضيفا “نحن في العالم العربي نأخذ الأمور بالمعكوس، لا مجتمع متقدم من بدون كتابة وقراءة”.

ويذكر أن محمد الداهي، هو أستاذ في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة محمد الخامس في الرباط. وقد سبق أن حصل على جائزة المغرب للكتاب عن كتابه “سيميائية السرد”، وجائزة كتارا للرواية العربية عن عمله “سلطة التلفظ في الخطاب الروائي العربي المعاصر”. وقد نشر 15 كتابًا وساهم بنصوص في 30 كتابًا باللغتين العربية والفرنسية.

13