"محطة عين الحجر" كوميديا سوداء تناقش مشاكل المياه في الجزائر

الفيلم الذي أخرجه لطفي بوشوشي مزيج من الخيال والواقع، ما يعكس قضايا مجتمعية مثل الفساد والتلاعب والظلم الاجتماعي
الاثنين 2025/05/12
مخرج يعبر عن مشكلات وطنه

الجزائر- احتضنت الجزائر العاصمة تقديم العرض الأولي للفيلم الطويل “محطة عين الحجر” للمخرج لطفي بوشوشي، وهو فيلم كوميدي درامي تدور وقائعه حول عالم اجتماعي مصغر، يسلط من خلاله الضوء على مشاكل عديدة في المجتمع الجزائري.

حضر العرض الأول للفيلم وزير الثقافة والفنون زهير بللو، وهو عمل سينمائي أنتجه المركز الجزائري لتطوير السينما وشركة الإنتاج “ستوديو دي أس” تحت إشراف وزارة الثقافة والفنون، وعرض بسينماتيك الجزائر أمام جمهور غفير، من مهنيين ونقاد ومتخصصين في الفن السابع، إضافة إلى طلاب من المعهد العالي لمهن الفنون المسرحية والمعهد الوطني العالي للسينما.

ويروي الفيلم الطويل “محطة عين الحجر”، على مدار 90 دقيقة تقريبا، قصة قرية صغيرة تقع في أعماق الصحراء وسكانها الذين يحاولون بكل ما في وسعهم إنقاذها من العزلة والنسيان الذي يهددهم في أجواء كوميدية حلوة ومرة، وفي نفس الوقت تندد، تحت غطاء السخرية، بإخفاقات المجتمع في زمن التحديات الكبرى.

الفيلم يتناول بالحديث عن مسألة شائكة في الجزائر وهي أزمة المياه التي تعاني منها الجزائر منذ عام 2024
الفيلم يتناول بالحديث عن مسألة شائكة في الجزائر وهي أزمة المياه التي تعاني منها الجزائر منذ عام 2024

وشكل اختيار الممثلين والتوزيع اللذين ضما مجموعة من الممثلين والممثلات، من القدماء والجدد، إحدى النقاط القوية في نجاح هذا الفيلم؛ حيث نجح كل من نبيل عسلي وحورية بهلول ويعقوب قنفود وياسمين قرقاش وكامل الرويني ورشيد بن قديفة ومراد صاولي ومبروك فروجي وأحمد دلوم ومحمد قادري، اعتمادا على موسيقى أبوبكر معطال، في إعطاء روح لنص رشيد بن إبراهيم الذي أعاد كتابته الفنان الكبير لطفي بوشوشي.

وفي هذا الصدد أوضحت مديرة شركة الإنتاج “ستوديو دي أس” داليا عنتري، المكلفة بالجزء التنفيذي للمشروع، أن توزيع الفيلم المطول “محطة عين الحجر” في دور العرض السينمائية عبر التراب الجزائري من المقرر أن يتم ابتداء من نهاية الشهر الجاري.

وفي ختام العرض سلم وزير الثقافة والفنون زهير بللو جوائز شرفية لكل من المخرج لطفي بوشوشي ومديرة الإنتاج داليا عنتري، ومن خلالهما لكامل الطاقم التقني والفني للفيلم الطويل “محطة عين الحجر”، قبل أن يعطي الكلمة للجمهور الحاضر الذي نشط، رفقة مصممي الفيلم، نقاشا مثمرا وبناء ومفيدا.

ويُعتبر الفيلم مزيجًا من الخيال والواقع، حيث يسقط المخرج أحداثًا خيالية على واقع اجتماعي حقيقي، وهو ما يعكس قضايا مجتمعية مثل الفساد والتلاعب والظلم الاجتماعي.

وتدور أحداثه في قرية نائية تُدعى “عين الحجر”، حيث يتوقف قطار قادم من العاصمة بعد أن جرفته مياه الأمطار الغزيرة. فيجد السكان في عربات القطار المتوقفة مأوى لهم، ويبدأ الصراع بين ثلاث شخصيات رئيسية هي سي الطيب، رئيس المحطة، وبطوش، العامل الماهر الذي يتولى تسيير شؤون المحطة، وسي الشريف، المثقف والكاتب العمومي والبراح.

يتنافس هؤلاء على تولي مسؤولية المحطة، طمعًا في الأموال التي يدرها ابتزاز الناس الباحثين عن مأوى. وتتداخل الأحداث مع ظهور شخصيات أخرى مثل عائشة ومليكة، ما يضيف إلى العمل عمقًا دراميًا.

صانع الفيلم لطفي بوشوشي هو أحد أبرز الأسماء في السينما الجزائرية المعاصرة، اشتهر بأعماله التي تتناول قضايا تاريخية واجتماعية بعمق فني.

ويهتم الفيلم أيضا بالحديث عن مسألة شائكة في الجزائر وهي أزمة المياه التي تعاني منها الجزائر منذ عام 2024 وأثرت على العديد من الولايات (المحافظات)، خاصة الغربية والجنوبية، ومن بينها بلدية عين الحجر، الواقعة في ولاية سطيف الجزائرية، ما أدى إلى احتجاجات شعبية واسعة بسبب انقطاع مياه الشرب لفترات طويلة.

وصانع الفيلم لطفي بوشوشي هو أحد أبرز الأسماء في السينما الجزائرية المعاصرة، اشتهر بأعماله التي تتناول قضايا تاريخية واجتماعية بعمق فني.

ومن أبرز أعماله السينمائية فيلم “البئر” (2015)، الذي يُعد أول فيلم سينمائي طويل له، وهو من إنتاج الوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي. يتناول معاناة سكان قرية نائية في الجنوب الجزائري خلال حرب التحرير الوطني، حيث تحاصرهم قوات الاستعمار الفرنسي وتمنعهم من الوصول إلى البئر الوحيدة في قريتهم. ويُبرز الفيلم دور المرأة في المجتمع المقاوم، خاصة في ظل غياب الرجال إما بسبب الاستشهاد أو الالتحاق بجيش التحرير الوطني.

وقد حصد الفيلم جوائز من مهرجانات مهمة من بينها مهرجان مالمو السينمائي في السويد حيث حصل على جائزة أفضل مخرج، ومهرجان مسقط السينمائي حيث نال جائزة “الخنجر الذهبي” لأفضل فيلم روائي طويل، بالإضافة إلى جائزة أفضل سيناريو، والمهرجان المغاربي للفيلم بوجدة، المغرب، حيث توج بالجائزة الكبرى في صنف الفيلم الروائي الطويل، ومهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، أين حصل على أربع جوائز، من بينها أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل سيناريو.

ويتميز بوشوشي بأسلوبه الواقعي والإنساني في تناول القضايا، مع تركيزه على التفاصيل اليومية لشخصياته. كما يُظهر اهتمامًا خاصًا بدور المرأة في المجتمع، خاصة في فترات الأزمات، ويُعرف بقدرته على تجسيد الأحداث التاريخية بطرق مؤثرة وبصرية.

15