محطة العطارات للكهرباء جعلت الأردن مدينا للصين

عمان - كان الكثيرون ينظرون إلى محطة العطارات الأردنية لتوليد الكهرباء على أنها مشروع تاريخي سيزود المملكة الصحراوية بمصدر رئيسي للطاقة مع توطيد عمّان لعلاقاتها مع الصين.
لكن بعد أسابيع من الافتتاح الرسمي أصبحت المحطة الواقعة وسط صخور سوداء مفتّتة في صحراء قاحلة جنوب عمان مصدرا لجدل محتدم.
ووضعت الصفقة المحيطة بتشييد المحطة الأردن في مأزق بسبب ديون بمليارات من الدولارات للصين من أجل منشأة لم تعد طاقتها مطلوبة بسبب اتفاقيات أخرى أبرمتها عمّان منذ إنشاء المشروع.
ونتج عن ذلك تأجيج توترات بين الصين والأردن، وقامت الحكومة الأردنية بالطعن على الصفقة وسط معركة قانونية دولية بين البلدين.
ومع تنامي نفوذ الصين، أصبحت محطة العطارات التي شيدت بمبلغ 2.1 مليار دولار نموذجا لسياسة الصين المعتمدة على إثقال كاهل العديد من الدول الآسيوية والأفريقية بالديون.
ويقول جيسي ماركس الزميل في مركز ستيمسون للأبحاث بواشنطن “العطارات مثال لما كانت وما أصبحت عليه مبادرة الحزام والطريق”، في إشارة إلى مخطط الصين لتشييد بنية تحتية عالمية وتعزيز نفوذها السياسي العالمي.
ويضيف “بات الأردن حالة مثيرة للاهتمام ليس لنجاح الصين في المنطقة، ولكن لكيفية انخراطها في البلدان ذات الدخل المتوسط”.
وصممت محطة العطارات، التي تنتج الكهرباء من الصخر الزيتي، منذ حوالي 15 عاما لتحقيق الطموحات الوطنية لاستقلال الأردن في مجال الطاقة، لكنها باتت مصدر غضب في المملكة الآن بسبب ثمنها الباهظ.
وفي حال استمرار الاتفاقية الأصلية، سيتعين على الأردن سداد 8.4 مليار دولار للصين خلال 30 عاما مقابل شراء الكهرباء المولدة من المحطة.
ولأنه لا يمتلك سوى موارد طبيعية شحيحة في منطقة مليئة بالنفط والغاز، خرج الأردن من هذه الصفقة خاسرا، بينما كانت المملكة تأمل في تحقيق مكاسب ضخمة.
واقترحت شركة العطارات الأردنية للطاقة على الحكومة عام 2012 استخراج الصخر الزيتي من الصحراء وتشييد محطة تستخدمه لتوفير 15 في المئة من إمدادات الكهرباء في البلاد.
وقال مسؤولون بالشركة إن الاقتراح يتناسب مع رغبة الحكومة المتزايدة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة وسط اضطرابات ناجمة عن انتفاضات الربيع العربي عام 2011. لكن ثبتت صعوبة وارتفاع كلفة وخطورة استخراج الصخر الزيتي.
وتقع المحطة وسط صخور سوداء مفتتة في صحراء قاحلة جنوب عمّان. ومع تأخر العمل في المشروع، أبرم الأردن اتفاقية بقيمة 15 مليار دولار لاستيراد كميات هائلة من الغاز الطبيعي بأسعار تنافسية من إسرائيل عام 2014، وتضاءل الاهتمام بمحطة العطارات.
في حال استمرار الاتفاقية الأصلية، سيتعين على الأردن سداد 8.4 مليار دولار للصين خلال 30 عاما مقابل شراء الكهرباء المولدة من المحطة
ويقول محمد المعايطة الرئيس التنفيذي لشركة العطارات إنه طرح المشروع في جميع أنحاء العالم، من الولايات المتحدة وأوروبا إلى اليابان وكوريا الجنوبية، لكن دون جدوى.
وفي خطوة أدهشت الأردن عرضت بنوك صينية على عمّان أكثر من 1.6 مليار دولار في شكل قروض لتمويل بناء المحطة عام 2017.
واشترت شركة غوانغدونغ إنيرجي غروب الصينية الحكومية للطاقة حصة 45 في المئة في العطارات، ما جعلها صاحبة نصيب الأسد في تنفيذ مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينبينغ خارج الصين.
ويقول خبراء إن هذا الاستثمار كان جزءا من اندفاع الصين الأوسع نحو عالم عربي متعطش للاستثمار الأجنبي. وجاء التمويل المخصص لمشروعات البنى التحتية الضخمة مصحوبا بشروط سياسية.
وقال ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط “الصين لا تحمل معها المفاهيم الأميركية. انتابنا بالفعل بعض القلق بشأن الديمقراطية والشفافية والفساد. لكن بالنسبة إلى الدول الاستبدادية، هناك جاذبية توافق تقربها من الصين”.
وبموجب اتفاق شراء الكهرباء الذي يمتد لثلاثين عاما، يتعين على شركة الكهرباء الأردنية المملوكة للدولة شراء الكهرباء من شركة العطارات التي تمتلكها الصين حاليا بأسعار باهظة، ما يعني خسارة الحكومة الأردنية 280 مليون دولار سنويا، وفقا لتقديرات وزارة الخزانة.