محطات المونوريل بأسماء رجال أعمال ومنتجعات سكنية وجامعات في مصر

القاهرة - قررت وزارة النقل والمواصلات في مصر توظيف التوسع في وسائل نقل الركاب لتحقيق عوائد مالية بدلا من التمادي في زيادة الأسعار التي يمكن أن تتسبب في غضب شريحة مجتمعية كبيرة ترتادها ولم تعد تتحمل أعباء زيادات جديدة.
وكشف وزير النقل كامل الوزير أخيرا أن ملاك منتجع سكني في منطقة التجمع الخامس بشمال شرق القاهرة أبدوا رغبتهم في دفع ثمن تكلفة محطة مونوريل بقيمة 6 ملايين يورو مقابل تسميتها باسم "الكمبوند" الذي يقطنون فيه، والذي لم يفصح عن اسمه.
ويمكن استثمار هذا المبلغ الذي يساوي نحو 120 مليون جنيه مصري في دعم وسائل المواصلات عوضا عن رفع أسعار تذاكرها، ويتضاعف هذا الرقم مع وجود محطات مونوريل عديدة يتم إنشاؤها بطول القاهرة، فضلا عن أربعة خطوط عملاقة لمترو الأنفاق، وثلاثة خطوط للقطار الكهربائي، وعشرات من المحطات بالسكك الحديدية.
وحرصت وزارة النقل على مطالبة رجال الأعمال أن يكون دفع الثمن بالعملات الأجنبية، الدولار واليورو، في إشارة توحي برغبة الوزير في التماشي مع تطلعات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في سد العجز في العملات بأي وسيلة، لكن الوزير تناسى أن الشُح عام وكبير في الدولة ولن تستطيع الكثير من الجهات الراغبة في إطلاق أسماء توفير العملات الصعبة بسهولة وسط أزمة تعصف بسوق الدولار.
وقال كامل الوزير في مداخلة هاتفية مع أحد البرامج التلفزيونية إن قاطني "الكمبوند" الواقع في منطقة التجمع الخامس سددوا فعلا مليون يورو والباقي سيتم دفعه بنظام التقسيط، مؤكدا وجود رجال أعمال أعلنوا عن رغبتهم وضع أسمائهم على إحدى محطات المونوريل، في إطار إستراتيجية استغلال هذه المحطات استثماريا.

وتعاقدت وزارة النقل بالفعل مع رجال أعمال مصريين بهذا الشأن منهم أحمد السويدي الذي تعاقد على محطة باسم "السويدي" وهو اسم معروف في مجال الكهرباء والكابلات، وياسين منصور الذي يستثمر في سوق السيارات.
وهناك جهات وجامعات متباينة أبدت استعدادا لدفع تكاليف إنشاء محطات ركاب في بعض المشروعات الجارية، مثل المونوريل والقطار الكهربائي، مقابل تسمية تلك المحطات بأسمائها أو أسماء مشروعات مملوكة لها.
ونقلت وزارة النقل تجربة إطلاق أسماء أشخاص وشركات وبنوك وجامعات من بعض الدول مقابل دفع مبلغ مالي معين أو وضع لوحات إعلانات خاصة بمنتج معين.
وسلكت بعض الجمعيات الخيرية في مصر مثل مستشفى 57357 هذا الاتجاه عندما أطلقت حملة إعلانية واسعة لجمع تبرعات بشأن إطلاق أسماء أشخاص وعائلات وأندية وجامعات وكليات وغيرها على بعض الوحدات الطبية والغرف، ونجحت الفكرة في تشجيع كثيرين على التبرع بسخاء.
وتعتزم وزارة النقل تعميم الفكرة على المونوريل كوسيلة مواصلات حديثة في مصر تشيد حاليا لخدمة العاصمة الإدارية الجديدة في شرق القاهرة، ويمكن أن تتطور وتشمل جميع وسائل المواصلات، ما يسهم في تخفيف العجز في ميزانية وزارة النقل ويؤجل الاتجاه نحو رفع أسعار التذاكر.
وأصبح التفكير الاقتصادي والاستفادة من كل ما يمكن أن يجلب عائدا ماليا مسيطرا على أداء الحكومة أملا في تخفيف الأعباء التي تتحملها وعدم إرهاق المواطنين كثيرا وتأجيل التكاليف الاجتماعية الناجمة عن رفع الدعم لبعض السلع والخدمات.
وينطوي اللجوء إلى رجال الأعمال على إشارة بأن الدولة لا تستثني أحدا من المساهمة في تحمل الأعباء وتجيب بشكل غير مباشر على ما تردد بأن الحكومة تقسو على الفقراء فقط، وقد يبدو تحصيل عوائد من أسماء المحطات اختياريا، غير أنه لا يخلو من معان إجبارية ضمنيا خاصة إذا تزايد الإقبال على شراء أسماء المحطات.
◙ خصخصة المحطات اتجاه جيد لزيادة دخل وزارة النقل، لكن ربما يعرضها للحرج إذا استخدمت الأسماء في غسيل سمعة بعض رجال الأعمال
ويقول مراقبون إن خصخصة المحطات أو بيع الأسماء التي تطلق عليها اتجاه جيد لزيادة دخل وزارة النقل، لكن ربما يعرضها للحرج إذا استخدمت الأسماء في غسيل سمعة بعض رجال الأعمال أو اكتشفت لاحقا أن أحدهم لم تأت ثروته بطرق نزيهة ومعروفة ومشروعة، فهناك ثلاثة من أشهر رجال الأعمال اتهموا في جرائم مختلفة ويقبعون في السجن بعد أن كانوا ملء السمع والبصر.
ويضيف المراقبون أن هذا الاتجاه لا يجب أن تحكمه القيمة المادية فقط لكي لا يمنح كل صاحب ثروة الحق في إطلاق أسماء مشبوهة، ما يفرض على وزارة النقل التدقيق من خلال وضع المزيد من الضوابط الصارمة حتى لا تتحول أسماء المحطات إلى السخرية في الذاكرة الجمعية، وتتحمل الحكومة تكاليف معنوية باهظة.
وقد تتخلى الدولة بهذه الطريقة عن تقليد اتبعته منذ بداية تشغيل محطات مترو الأنفاق عام 1988 عندما اختارت إطلاق أسماء لشخصيات سياسية ووضع أسماء أماكن تقع فيها كل محطة، فهناك محطات بأسماء الرؤساء جمال عبدالناصر وأنور السادات، وحسني مبارك الذي تغيرت محطته رسميا إلى رمسيس بعد ثورة يناير 2011 ولا تزال شعبيا توصف بمحطة مبارك.
وتختار الإدارات المحلية في المحافظات المصرية أسماء الشوارع والميادين من بين شخصيات سياسية وثقافية وفكرية وإعلامية واجتماعية تخليدا لذكرى أصحابها.