محدودية طاقة الاستيعاب تغذي تكاليف الإقامة الفندقية في مصر

القاهرة - شهدت أسعار الحجز الفندقي في مصر ارتفاعات متفاوتة هذا العام مدعومة بزيادة الزوار الوافدين ونشاط السياحة الداخلية في موسم الصيف، ومع محدودية طاقة الاستيعاب من المتوقع استمرار ارتفاع الأسعار حتى العام المقبل.
وذكر مصدر حكومي بالقطاع لاقتصاد الشرق من بلومبرغ أن الزيادة في أسعار الإقامة بالفنادق والمنتجعات السياحية لن تقل هذا العام عن 35 في المئة مقارنة بالعام الماضي، ومن المتوقع أن ترتفع بنحو 30 في المئة خلال العام المقبل.
ويتوافق هذا مع تقديرات جهاز الإحصاء لمعدل التضخم السنوي لأسعار مجموعة خدمات الفنادق بنسب تفوق الثلاثين في المئة.
وتستهدف القاهرة الوصول بأعداد السياحة الخارجية هذا العام إلى 15 مليونا، متجاوزة الرقم القياسي المحقق في 2010، عند مستوى 14.7 مليون سائح.
وتؤكد الأرقام أن السوق المحلية استقبلت نحو 7 ملايين سائح خلال النصف الأول من هذا العام، وهو ما رفع متوسط معدلات الإشغال الفندقية إلى 80 في المئة، مقابل 65 في المئة على أساس سنوي.
وتتعطش المقاصد السياحية بالبلاد إلى الزيادة السعرية بعد سنتين عجفاوين نتجتا عن الأزمة الصحية.
وأرجع المسؤول الحكومي، الذي طلب عدم نشر اسمه، ارتفاع أسعار الخدمات الفندقية إلى نمو الحجوزات لقضاء العطلات، مشيرا إلى بلوغ معدل ارتفاع الأسعار 45 في المئة ببعض الوجهات.
ويتفق العاملون في القطاع على أن ثمة ما يستدعي ارتفاع أسعار الغرف الفندقية، ولكنهم يختلفون حول معدله وأسبابه الرئيسية.
ويعتقد إبراهيم المسيري الرئيس التنفيذي لشركة أبوسومة للتنمية السياحية، المطورة لمنطقة سوما باي، أن متوسط سعر الغرفة في منطقة سوما باي شمال مدينة الغردقة ارتفع إلى ما بين 150 و200 دولار في الليلة خلال النصف الأول من 2023.
ويتوقع المسيري زيادة أخرى قريبة بالتزامن مع الارتفاعات المتوقعة في الكلفة نتيجة التضخم المتزايد، ورجح أن تشهد كافة أسعار الغرف الفندقية في المناطق الساحلية زيادة أخرى لا تقل عن 10 في المئة بدءاً من العام الجديد.
وبحسب الإحصائيات الرسمية تمثل الغرف الفندقية بمناطق البحر الأحمر نحو ثلث الطاقة الفندقية في مصر.
ويقول علاء عاقل رئيس غرفة الفنادق المصرية إن “النمو في التدفقات السياحية الوافدة هذا العام يؤهل لزيادة مستويات الأسعار بين 10 إلى 15 في المئة خلال العام المقبل”.
وأوضح أن هناك نمواً كبيراً في أسعار الغرف التي يتم حجزها مباشرة، مقارنة بأسعار الغرف التي يتم حجزها عبر شركات السياحة ومنظمي الرحلات.
30
في المئة متوسط ارتفاع أسعار الإقامة المتوقع لليلة واحد في الفنادق المحلية خلال 2024
وأشار عاقل إلى أن 95 في المئة من التدفقات السياحية الوافدة لمصر هي سياحة مجموعات و5 في المئة فقط سياحة أفراد أو ما يُطلق عليه الحجز المباشر، وهي التي تحدث فيها تعديلات سعرية باستمرار وفق العرض والطلب.
وفي منطقة نويبع – طابا، أقصى شرق مصر، يقول سامي سليمان، رئيس جمعية المستثمرين السياحيين في المنطقة، إن “المنطقة تُعد الأقل من حيث معدل الإشغال مقارنة بكافة المناطق السياحية في البلاد”.
لكنه يتوقع ارتفاع أسعار الغرف إلى ما يتراوح بين 120 و150 دولاراً لليلة بنهاية العام، مقارنة بنحو 70 إلى 100 دولار للغرفة في النصف الأول من 2023.
ويرى توني غزال، رئيس غرفة الفنادق في الإسكندرية والساحل الشمالي، أن الأسعار في المنطقة تشهد تفاوتا كبيرا، لكن في المتوسط شهدت زيادة في الأسعار تراوحت بين 30 و50 في المئة مقارنة بالعام الماضي.
وقال إن “أسعار الإقامة للفنادق في مطروح بين 5 آلاف إلى 10 آلاف جنيه (162 دولارا و324 دولارا) أما أسعار الإقامة في المنتجعات في الساحل فقد تتجاوز الثلاثين ألف جنيه لليلة الواحدة (972 دولارا).
ويتوقع غزال أن تتصدر المنطقة معدلات الارتفاع مع الاستثمارات الضخمة، خاصة مدينة العلمين.
المستثمريون يركزون حاليا على تحقيق الربح من الأنشطة المرتبطة بالإقامة الفندقية، وليس مكاسب الإقامة نفسها ذات الربح المحدود
أما محمد عثمان، عضو مجلس إدارة غرفة الفنادق بجنوب مصر، فيعتقد أن مستويات الإقامة بالفنادق العائمة في منطقة الأقصر وأسوان سجلت نموا يتراوح بين 25 و30 في المئة خلال النصف الأول من 2023 مقارنة بالعام الماضي.
وقال إن “الزيادة السعرية ستستمر حال استمرار نمو الطلب بنفس المستويات المتحققة خلال الشتاء الماضي، ونتوقع نمواً في الأسعار على الأقل 50 في المئة بدءاً من أكتوبر المقبل”.
ورفع النمو في الأسعار عدد الفنادق العائمة العاملة في جنوب البلاد إلى 160 فندقا خلال النصف الأول من هذا العام، مقارنة مع 150 فندقاً خلال العام الماضي، مع توقع وصولها إلى 200 فندق عائم في الموسم المقبل، بحسب عثمان.
وتستهدف مصر زيادة حركة السياحة الوافدة إلى 30 مليون سائح بحلول 2028، وفق وزير السياحة أحمد عيسى، وهو ما تطلب عمل الوزارة على هدف مضاعفة الطاقة الفندقية الحالية، والتي تبلغ 220 ألف غرفة، لاستيعاب الزيادة المستهدفة.
ولكن هذا الرقم يبدو متفائلاً من حيث القدرة على الاستيعاب، والقدرة على تنفيذه في ظل ارتفاع كلفة تمويل الاستثمار حالياً.
وقال أحد المسؤولين عن الترويج للاستثمار السياحي إن “الطاقة الاستيعابية القصوى الحالية للغرف الفندقية تصل إلى 17 مليونا، ونمتلك 150 ألف وحدة تحت الإنشاء، تجعلنا قريبين من القدرة على استيعاب 20 مليون سائح”.
غير أنه أكد في حديثه مع اقتصاد الشرق من بلومبرغ أن ضخ استثمارات جديدة يحتاج إلى اتخاذ المزيد من الخطوات.

وأشار إلى أن المستثمرين يركزون حاليا على تحقيق الربح من الأنشطة المرتبطة بالإقامة الفندقية، وليس مكاسب الإقامة نفسها ذات الربح المحدود.
ويدور ذلك الربح حول 10 في المئة تقريباً من إجمالي أرباح القطاع، بينما يسيطر نشاط بيع العقارات السياحية والنقل والأنشطة الترفيهية على باقي هامش الربح.
وبحسب المسؤول الذي لم تكشف بلومبرغ هويته فإن السلطات بدأت في دراسة وضع حوافز خاصة بالاستثمار السياحي، ما يقرب الدولة من تحقيق مستهدفها.
ويعيق نمو الاستثمار السياحي قرار البنك المركزي أواخر يوليو الماضي إلغاء مبادرة تمويل ذات عائد منخفض عند 11 في المئة، لدعم قطاع، ما تسبب في التوقف عن منح أي تمويل جديد، وذلك في وقت تقترب فيه كلفة التمويل من 20 في المئة.
وتدرس الحكومة حاليا إطلاق مبادرة جديدة لتمويل مشاريع الاستثمار السياحي بالتزامن مع إستراتيجية مضاعفة الطاقة الفندقية العاملة.
وتوقع أحد المستثمرين القريبين من الملف إطلاق المبادرة خلال سبتمبر المقبل وستتم فيها التفرقة بين التمويل لإنشاء مشاريع سياحية جديدة، والتمويل اللازم لعمليات الإحلال والتجديد، مع دراسة تنويع الفائدة حسب درجة التشبع السياحي في المناطق المختلفة.