محتجو لبنان يستأنفون حراكهم على وقع أزمة كورونا

بيروت - مزيد تدهور الأوضاع الاقتصادية على وقع انتشار فايروس كورونا، دفع المتظاهرين في لبنان للعودة إلى الشارع احتجاجا على تفاقم البطالة وارتفاع الأسعار.
وجاء ذلك فيما اجتمع البرلمان اللبناني للمرة الأولى منذ بدء إجراءات العزل العام لمجابهة سرعة تفشي الفايروس. وتدفق عشرات المتظاهرين إلى شوارع بيروت في سياراتهم للتعبير عن غضبهم من زيادة الفقر والمعاناة.
وكان لغياب أي دور حكومي من أجل تخفيف تداعيات الغلق الشامل على الطبقات المتضررة من الحجر الصحي والفئات الهشة والفقيرة، دور كبير في عودة اللبنانيين إلى الشوارع مجددّا.
ونزلت الجموع إلى الشوارع في أنحاء أخرى من لبنان أيضا، بما في ذلك مدينة طرابلس الشمالية، لاستئناف الاحتجاجات التي تراجعت خلال الأشهر الماضية بعد أن هزت البلاد منذ أكتوبر.
وخرج الرجال والنساء من نوافذ سياراتهم، ملوحين بأعلام لبنان وهم يهتفون "ثورة". وجاء الاحتجاج من داخل السيارات حفاظا على قواعد التباعد الاجتماعي بينما تكافح البلاد تفشي فايروس كورونا شديد العدوى.
وقاد المحتجون سياراتهم من وسط بيروت إلى مقر انعقاد الجلسة التشريعية الأولى التي جرى نقلها من مبنى البرلمان إلى قاعة أحد المسارح للسماح بتطبيق قواعد التباعد الاجتماعي أيضا.
وقال علي حيدر وهو متظاهر ارتدى كمامة في وسط بيروت "نازلين نقول إنه في ظل الكورونا وفي ظل الأزمة الاقتصادية، الدولة وضعتنا بين خيارين.. إما أن نموت من الجوع وإما من الوباء. فبما إنه موت وموت، فخلينا نموت وإحنا واقفين على القليل يعني ونأخذ موقف... اليوم النزلة عشان نقول إنه لا ما تركنا الساحات".
وضاعف تفشي فايروي كورونا من حجم الأزمة الاقتصادية في لبنان الذي سقط في هوة أزمة مالية شديدة قبل شهور. وكان على اللبنانيين التعامل مع تراجع قيم مدخراتهم والانخفاض السريع في سعر العملة وارتفاع الأسعار المؤلم وفقدان الوظائف.

ولا زالت حكومة حسان دياب المدعومة من حزب الله عاجزة عن تحقيق أي انفراجة اقتصادية والاستجابة لتطلّعات اللبنانيين.
ويرى مراقبون أن مزيد تدهور الوضع الاقتصادي بسبب إجراءات الغلق الشامل سيصعّد من حجم غضب الشارع اللبناني الذي سيواصل حراكه، وربما يسقط حكومة حزب الله في قادم الأيام.
وقبل تفشي المرض، توقع البنك الدولي أن 40 في المئة من اللبنانيين سيكونون في فقر بحلول نهاية عام 2020، وهي توقعات يعتقد وزير الاقتصاد أنها عفا عليها الزمن الآن.
ووصلت مشكلات لبنان الاقتصادية، التي تعود جذورها إلى الفساد الحكومي وإهدار الموارد على مدى عقود، إلى ذروتها العام الماضي بعد جفاف تدفقات رأس المال واندلاع الاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة التي تتولى مقاليد السلطة منذ الحرب الأهلية التي استمرت من عام 1975 إلى عام 1990.
وقالت نور بسام (30 عاما)، وهي متظاهرة شاركت ضمن موكب سيارات في بيروت، "نحنا كلنا واخدين الاحتياطات وقاعدين بالسيارات. بس الوضع لا يطاق".
ومنذ منتصف مارس آذار، لا يمكن للناس مغادرة منازلهم إلا لشراء الطعام أو الدواء، وذلك للحد من انتشار الفايروس الذي أصاب حتى الآن 677 شخصا وأودى بحياة 21 في لبنان. ويمنع حظر التجول ليلا خروج الناس من الساعة الثامنة مساء حتى الخامسة من صباح اليوم التالي. وتنفذ قوات الأمن فرض هذه القيود.
وفي طرابلس، وهي واحدة من أفقر مدن لبنان، تحدث محتجون يجتمعون كل مساء منذ أيام عن تفاقم الجوع واليأس. وقال كثيرون منهم إنهم لا يستطيعون البقاء في منازلهم دون عمل أو دعم لأن الأزمة الاقتصادية لم تترك لهم شيئا أو ما يكفي للتعامل مع هذا الوضع.
وقال محتج يُدعى ميشال محفوظ في إحدى المظاهرات "يوم ما أعلنوا التعبئة الوطنية (الإغلاق)، كلاتنا التزمنا... أما الشعب الجوعان بطرابلس ما قدر يلتزم بالتعبئة لإنه مجرد مشاريع وهمية على الورق".