محتجو الناصرية يحبطون محاولة التيار الصدري اختراق حراكهم

رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر يأمل في استمالة جمهور المحتجيّن في الناصرية لكن الطريق لا تبدو سالكة أمامه بسبب انخراطه السابق في قمع انتفاضة أكتوبر.
الجمعة 2021/04/30
الناصرية لا يستهويها اللعب على الرموز الدينية

الناصرية (العراق)- كثّف التيار الصدري الذي يقوده رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر محاولاته لاختراق الحراك الاحتجاجي القوي في محافظة ذي قار بجنوب البلاد، بعد أن تحوّل الحراك إلى حامل سياسي لقوى شبابية ترفع شعار التغيير الشامل ويُتوقّع أن تكون مشاركتها في الانتخابات القادمة عاملا مؤثّرا في نتائجها في حال جرت وفق ما هو مأمول من شفافية وسلامة من التلاعب والتزوير.

ويأمل الصدر الطامح للفوز في الانتخابات القادمة والحصول على حقّ تشكيل الحكومة في استمالة جمهور المحتجيّن في الناصرية مركز ذي قار التي أصبحت مركزا لمناهضة الأحزاب والقوى الشيعية التي شاركت بدرجات مختلفة في حكم العراق خلال فترة ما بعد سنة 2003 بما في ذلك التيار الصدري وحزب الدعوة الإسلامية بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، إضافة إلى أحزاب أخرى وميليشيات مسلّحة مرتبطة بها.

وتجلّى ذلك بوضوح خلال انتفاضة أكتوبر 2019 وما بعدها والتي قام محتجو الناصرية خلالها بمداهمة وإحراق مقّرات تلك الأحزاب والميليشيات ورفع شعارات مضادّة لقادتها.

طريق مقتدى الصدر ليست سالكة في الناصرية التي سبق للميليشيا التابعة له أن قمعت محتجّيها وقتلت عددا منهم

ولا تبدو طريق زعيم التيار الصدري سالكة في الناصرية، وذلك بسبب انخراطه السابق في قمع انتفاضة أكتوبر من خلال ميليشيا كان قد شكّلها للغرض تحت مسمى “القبعات الزرقاء” وشارك عناصرها في عمليات اقتحام ساحات التظاهر والاعتصام وممارسة العنف ضد المحتجّين والمعتصمين داخلها.

ودخل محتجو الناصرية في عملية لي ذراع مع الصدر وتياره عكستها مواقع التواصل الاجتماعي وتجلّت بوضوح في حملة على تويتر أطلقها المحتجون تحت عنوان “ذي قار عراقية” ردّا على حملة مماثلة أطلقها الصدريون تحت عنوان “ذي قار صدرية”.

وحفل هاشتاغ حملة المحتجين بصور وشعارات مناهضة للصدر وتياره وصلت في أحيان كثيرة إلى حدّ السخرية منه ومن فكره السياسي ومواقفه المتقلّبة.

وارتفعت درجة العداء بين أهالي الناصرية وأتباع التيار الصدري بشكل غير مسبوق منذ آخر نوفمبر الماضي عندما هاجم عناصر من التيار بالأسلحة النارية والهراوات المعتصمين بساحة الحبوبي في المدينة وأوقعوا في صفوفهم ستة قتلى.

وبارك التيار ذلك الهجوم على لسان المقرب من مقتدى الصدر صالح محمد العراقي الذي قال عبر تويتر “بالأمس أثبت عشاق آل الصدر انضباطهم وتنظيمهم الدقيق.. إلا أن الجوكرية (وهو مصطلح ابتكرته الميليشيات التابعة لإيران لوصف المتظاهرين المستقلين) في الناصرية الفيحاء أَبوا إلا التعامل مع الوضع وفق أجندات خارجية مشبوهة أدت إلى تفاقم الوضع لولا رجالات الناصرية الفيحاء الذين أبوا إلا أن ترجع محافظتهم إلى أهلها وإلى رونقها الأول”.

كما كرّر محاولة التيار الصدري نسبة نفسه لـ“التشرينيين” في إشارة إلى “انتفاضة تشرين” قائلا “أتمنى من المتظاهرين التشرينيين عدم الانجرار خلف شهوات الجوكرية فنحن والتشرينيون في خانة الإصلاح ما داموا لا يدعمون الشغب والأعمال الإرهابية”.

وعانت محافظة ذي قار على غرار باقي محافظات العراق طيلة الـ18 سنة الماضية من حكم الأحزاب الدينية في العراق من أوضاع اقتصادية واجتماعية بالغة السوء، ما جعل موجة الاحتجاجات هناك تأخذ مدى استثنائيا وتستعصي على كل محاولات السلطة لإنهائها.

دخل محتجو الناصرية في عملية لي ذراع مع الصدر وتياره عكستها مواقع التواصل الاجتماعي وتجلّت بوضوح في حملة على تويتر أطلقها المحتجون تحت عنوان “ذي قار عراقية”

وخرجت مجموعات من أهالي المحافظة، الخميس، مجدّدا إلى الشارع وأغلقت الطريق الرئيسي بين الناصرية والعاصمة بغداد لمطالبة الإدارة المحلية والحكومة الاتحادية بإيجاد حل سريع لمشكلة نقص الخدمات وخصوصا الكهرباء.

وتفصل العراق عن موعد الانتخابات المبكّرة المقرّرة لشهر أكتوبر القادم حوالي خمسة أشهر سيمتد أغلبها على فترة الصيف الذي تبلغ فيه الحرارة في البلاد وخصوصا مناطق الجنوب معدّلات عالية ما يضاعف الحاجة إلى الكهرباء.

وكثيرا ما كان نقص الكهرباء سببا مباشرا لاحتجاجات عارمة في العراق، ما يرشّح صائفة السنة الحالية لأن تشهد احتجاجات كثيرة خصوصا وأن الحكومة العراقية واجهت صعوبات في تحسين خدمة تزويد السكان بالطاقة الكهربائية.

3