محاولات سورية مضنية لإنعاش الإنتاج الصناعي

دمشق - تسعى الأوساط الصناعية السورية إلى جمع قواها بالتعاون مع السلطات من أجل إنعاش نشاط الشركات التي تعاني من مشاكل لا حصر لها في ظل انهيار الليرة وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل جنوني.
وتواجه المصانع الخاضعة لسيطرة النظام السوري أزمة غير مسبوقة تهدد بقاءها بسبب نقص التمويلات، التي تساعدها في استدامة أنشطتها رغم التحفيزات التي اعتمدتها الحكومة.
وتغذي هذه المعضلة، التي يبدو أن حلها صعب في الوقت الراهن ما لم تحصل دمشق على دعم مالي قوي من الخارج، الكثير من العوامل بينها تأثيرات الحرب في أوكرانيا وأيضا عقوبات “قيصر” الأميركية وغيرها من التعقيدات.
وفي سياق المحاولات المضنية لدفع القطاع المشلول، ناقش اتحاد غرف الصناعة السورية في وقت سابق هذا الأسبوع سبل توحيد جهود كافة الفاعلين وأصحاب الشركات، إلى جانب وزارات ومؤسسات الدولة للمساهمة في عملية تنمية القطاع والعمل على زيادة قدرتها التنافسية وتنويع الإنتاج المحلي.
وبحث أعضاء مجلس إدارة الاتحاد أثناء اجتماعهم الخميس الماضي اعتماد آلية مناسبة لتشجيع التصدير وزيادة نسبة الدعم للصادرات الصناعية وتأمين حاجة المنشآت الصناعية من المشتقات النفطية وتسهيل توريد المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج.
وأكد المجلس ضرورة التنسيق بين الاتحاد والصناعيين في المحافظات التي تضم غرفا مشتركة لرعاية مصالحهم وتسهيل عملهم.
وخلال الاجتماع تم بحث دراسة تمويل المستوردات الصناعية عبر منصة “تمويل المستوردات” بهدف تأمين مستلزمات الصناعيين من مواد أولية وآلات، إضافة إلى مناقشة مشروع تعديل مرسوم يتعلق بحماية المستهلك والمحال إلى الاتحاد لإبداء الرأي.
واتفق الاتحاد على تشكيل لجان مختلفة حسب القطاعات الصناعية الأربعة، وهي الهندسية والكيميائية والغذائية والنسيجية، إضافة إلى لجنتي المعارض والتصدير.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية عن رئيس الاتحاد محمد غزوان المصري قوله إن “الاتحاد له دور في هذه المرحلة لدعم الصناعة، والعمل على تذليل الصعوبات التي نتجت عن الأزمة خلال السنوات الماضية”.
وأكد المصري، الذي تولى رئاسة الاتحاد في أواخر نوفمبر الماضي، على ضرورة عقد اجتماع دوري لمجلس إدارة الاتحاد شهريا بهدف عرض القضايا الصناعية.
كما شدد على إيجاد الحلول لتلك القضايا “بالسرعة الممكنة للمساهمة في عملية تنمية الصناعات المحلية والعمل على زيادة قدرتها التنافسية وتنوع الإنتاج المحلي”.
ورغم المحاولات الخجولة، التي تقوم بها الحكومة السورية منذ أن خفت حدة المعارك قبل خمس سنوات لإعادة الروح للقطاع، إلا أن الخبراء يشككون في قدرتها على تجاوز المطبات التي خلفتها سنوات الحرب.
المصانع الخاضعة لسيطرة النظام السوري تواجه أزمة غير مسبوقة تهدد بقاءها بسبب نقص التمويلات
وسبق أن أكد وزير الصناعة زياد الصباغ أن القطاع الصناعي الخاص رديف وشريك أساسي إلى جانب القطاع العام في العملية الإنتاجية والمساهمة في دعم الناتج المحلي وتأمين متطلبات المواطنين من مختلف المواد والسلع والمنتجات.
وقدرت وزارة الصناعة في مارس الماضي حجم الأضرار التي طالت القطاع الصناعي بسبب الحرب بأكثر من 600 تريليون ليرة (نحو 150 مليار دولار بأسعار السوق الحالية).
ووصل الاقتصاد السوري إلى أدنى مستوى له منذ بداية الحرب الأهلية قبل ما يقرب من 12 عاما، مع تصاعد التضخم ونقص حاد في الوقود في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة.
وسجلت الليرة أدنى مستوى لها على الإطلاق عند سبعة آلاف ليرة للدولار في السوق السوداء الأسبوع الماضي قبل أن تنتعش إلى نحو ستة آلاف ليرة. ولا يزال هذا هبوطا كبيرا، نظرا لأن المعدل كان حوالي 3600 قبل عام واحد.
ورفع البنك المركزي سعر الصرف الرسمي من 3015 إلى 4522 الاثنين الماضي، في محاولة على ما يبدو لإغراء الناس لاستخدام السعر الرسمي بدلا من التجارة في السوق السوداء.
ووسط نقص الوقود، رفعت الحكومة أسعار البنزين والديزل. وبالسعر الرسمي، تكلف 20 لترا من الغاز الآن ما يقرب من راتب شهر كامل لموظف حكومي متوسط، وهو حوالي 150 ألف ليرة، أي 25 دولارا بسعر السوق السوداء.
ويتفق الصناعيون على أنه لكي يعود الإنتاج كما كان ثمة عدة عوامل يجب أن تتوفر، تشمل رفع العقوبات على الواردات والصادرات وتوفير الكهرباء على مدار اليوم، والحصول على وقود كاف في حالات الطوارئ لأن شبكة الكهرباء تتعرض أحيانا لبعض الأعطال.
وقبل الحرب كانت الحكومة تقدم دعما قويا للمصانع حيث تزودها بكل الوسائل اللازمة لمنتجات النسيج، على سبيل المثال، مثل الوقود وخيوط القطن وخيوط البوليستر، لكن اليوم الوضع اختلف كثيرا.