محاكمة عسكرية لصحافي ليبي بسبب تدوينات على فيسبوك

طرابلس - نددت منظمات إعلامية ليبية باحتجاز الصحافي والمدون الصالحين الزروالي في سجن الشرطة العسكرية بمدينة بنغازي، بتهم تتعلق بكتابة منشورات على فيسبوك منذ منتصف مايو 2024، في ممارسة أصبحت متكررة وتكشف ملاحقة أصحاب الرأي والصحافيين لانتقادهم السلطة.
وفي بيان مشترك، قالت شبكة أصوات للإعلام والمؤسسة الليبية للصحافة الاستقصائية ومنظمة جديد للإعلام الرياضي والمنظمة الليبية للإعلام المستقل إن الزروالي “احتج عندما كان يقود سيارته في وسط مدينة أجدابيا مع ابنه ذي السنوات التسع”، وأضافت أن “سيارة مدنية تابعة لجهاز أمني أوقفت الصحافي ونزل منها ملثمون قاموا بضربه وطرحه أرضا هو وابنه الذي تركوه في الشارع، بينما اقتادوا والده إلى مقر الجهاز الأمني في مدينة أجدابيا ثم إلى مدينة بنغازي”.
وأشارت المنظمات إلى تكرار السلطات في شرق البلاد استخدام المحاكم العسكرية في قضايا الرأي والتعبير والنشر لملاحقة من تعتقد أنهم معارضوها، مؤكدة أن النيابة العسكرية وجهت للصحافي تهما تتعلق بكتابة منشورات على صفحته الشخصية على فيسبوك ضد الجيش وبهدف الترويج للجماعات الإرهابية.
ويرى مراقبون أن محاكمة الزروالي أمام القضاء العسكري بسبب تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد استمرار سلطات شرق ليبيا في قمع حرية التعبير والتأسيس لدكتاتورية لا تتقبل مبدأ النقد والحريات العامة وتعدد الأفكار والتوجهات، كما تطرح من جديد ملف حقوق الإنسان في ظل سلطة الأمر الواقع التي فرضتها حالة الانقسام وصراع الغنائم في البلاد.
محاكمة الصالحين الزروالي تطرح من جديد ملف حقوق الإنسان في ظل سلطة الأمر الواقع التي فرضتها حالة الانقسام
وبحسب البيان المشترك، فإن “ما تقوم به السلطات في شرق البلاد يخالف الإعلان الدستوري والمواثيق الدولية المتعلقة بحرية الصحافة”، انطلاقا من أن “محاكمة المواطنين أمام محاكم عسكرية في قضايا الصحافة خرق لالتزامات ليبيا الدولية لحماية حرية الرأي والتعبير”، وطالبت بإطلاقه وإسقاط التهم الموجهة إليه.
وفي يوليو الماضي، طالبت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا بالكشف عن مصير الزروالي، وضمان إطلاق سراحه دون قيد أو شرط، وقالت إنها تحمل السلطات في شرق البلاد المسؤولية القانونية الكاملة حيال مصيره وسلامته وحياته، مشيرة إلى أن السلطات الليبية بشرق البلاد يستوجب عليها الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، وضمان حماية المواطنين من الاعتقال التعسفي الخارج عن القانون، والإخفاء القسري.
والزروالي صحافي خريج قسم الإعلام بجامعة بنغازي، وحصل على درجة الماجستير من الأكاديمية الليبية ببنغازي العام 2019، ويعمل متعاونا في قسم الإعلام بجامعة أجدابيا، كما عمل رئيسا لتحرير جريدة أجدابيا، وله أنشطة في مجال التصوير والرياضة والعمل الخيري، إضافة إلى عمله كمذيع في راديو أجدابيا.
وحلت ليبيا في الترتيب الـ143 عالميا والـ10 عربيا، وفق التصنيف العالمي لحرية الصحافة للعام 2024، فيما دعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا إلى تمكين الصحافيين من القيام بدورهم الحيوي، وأكدت أن الوضع السياسي والأمني في الوقت الراهن يمنع الصحافيين من العمل بالقدر الكافي من الحرية.
وبين المركز الليبي لدراسات حقوق الإنسان أن نهج قمع الحريات والرأي ينتشر في ليبيا، وأنه لا يمكن تجاهل التحديات التي تواجهها ليبيا، فالتقارير تشير إلى حالات اعتقال مواطنين بسبب تعبيرهم عن آرائهم، ودعا السلطات في ليبيا إلى الإفراج عن جميع معتقلي الرأي والكلمة والتوجه السياسي، ونادى بضرورة حماية وضمان حرية التعبير في ليبيا، والعمل على إنهاء أي شكل من أشكال القمع الذي يحد من هذه الحريات الأساسية.
إلى ذلك، كشف راديو “لام” أنه تعرض لاعتداء من قبل مجهولين في ساعات الصباح الأولى الثلاثاء، بالعاصمة طرابلس، مما أدى إلى توقف البث مؤقتا، وقال إن الحادثة أدت إلى “إحراق جزء من المقر، وإتلاف ونهب بعض المعدات، مما تسبب في توقف البث”، معتبرا إياها “تهديدا صريحا لحرية الصحافة، وضمن محاولات تكميم الأفواه.”
وأكد البيان “التزام الراديو بمواصلة العمل الصحفي والإعلامي بكل مهنية وموضوعية”، مشيرا إلى “اتخاذ كل الإجراءات القانونية، لملاحقة المعتدين ومحاسبتهم وفق الإجراءات التي يخولها القانون”. ولم يكشف الراديو تفاصيل هوية المعتدين أو اتجاهاتهم أو الأسباب وراء الاعتداء.