محافظة دمشق تنفي تدخلات أمنية بإغلاق مطاعم تقدم مشروبات كحولية

قرارات الإغلاق تثير مخاوف حول مستقبل القطاع السياحي في دمشق القديمة، فيما يفاقم تقييد الأنشطة الأعباء ويشرد العاملين، ويُفقد المدينة جاذبيتها.
السبت 2025/05/24
تراخيص معلقة في قطاع يمثل شريان الحياة الاقتصادية

دمشق - أكدت محافظة دمشق أن عمليات إغلاق بعض المنشآت السياحية في دمشق القديمة جاءت ضمن جولات رقابية دورية ووفق الأصول القانونية، نافية ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي حول فرض إغلاقات ليلية أو تدخلات أمنية في هذا الصدد.

وجاء هذا التوضيح بعد أن ضجت المنصات الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي بأخبار تفيد بأن المحافظة أغلقت عددا من المطاعم في مناطق مثل باب توما، القيمرية، باب شرقي، والقصاع، بسبب تقديم المشروبات الكحولية فيها أو إحياء برامج فنية دون ترخيص.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن محافظة دمشق أصدرت قرارات بإغلاق عدد من المطاعم في منطقتي باب توما وباب شرقي لمدة 37 يوما، مع تغريم أصحابها 15 ألف ليرة سورية، وذلك على خلفية تقديم مشروبات كحولية وإقامة حفلات دون الحصول على التراخيص اللازمة،

وذكر المرصد أن عدد من أصحاب المطاعم تقدموا بطلبات رسمية للحصول على تراخيص لتقديم مشروبات كحولية، إلا أن هذه الطلبات لم تلقَ استجابة، حيث لم تُمنح أي تراخيص حتى الآن، وفق ما أفاد به أصحاب المنشآت.

وردا على الأخبار المتداولة، أصدرت مديرية مدينة دمشق القديمة بيانا رسميا، نقلته وسائل إعلام محلية مثل "تلفزيون سوريا"، مؤكدة أن "ما يتم تداوله بشأن فرض إغلاقات ليلية أو تدخلات أمنية لا يمت للحقيقة بصلة".

وأوضحت المحافظة أن الجولات الرقابية الأخيرة استهدفت التحقق من مدى التزام المنشآت بالأنظمة والقوانين النافذة، وأسفرت عن إغلاق عدد من المنشآت السياحية والتجارية بسبب العمل دون ترخيص أصولي أو مخالفة شروط التراخيص الممنوحة.

كما شددت المحافظة على أن جميع إجراءات الإغلاق تمت حصرا تحت إشراف الجهات المختصة، ووفقا للأطر القانونية المحددة.

وأشار التلفزيون إلى أن محافظة دمشق تراجعت في وقت سابق عن قرارها بإغلاق بعض مطاعم وحانات حي باب شرقي في دمشق القديمة، بعدما كانت قد وجهت إنذارات شفهية لعدد من المحال التي تقدم المشروبات الروحية، وأغلقت بعضها بالشمع الأحمر.

وتعكس هذه التطورات حساسية العلاقة بين السلطة الجديدة والمشهد الاجتماعي والاقتصادي في سوريا، خاصة في مناطق مثل دمشق القديمة التي تُعرف بحياتها الليلية ووجهتها السياحية.

وتُشير هذه الإجراءات المتخذة إلى منظورين محتملين يُفسّران دوافع الإدارة الجديدة. فقد تكون محاولة لفرض نوع من الانضباط الاجتماعي وتطبيق قوانين ربما أُهملت خلال سنوات النزاع الطويلة، وفي الوقت ذاته، يمكن اعتبارها جزءا من سياسة أوسع لإعادة تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية للمدن، بما يتوافق مع رؤى ومبادئ الإدارة الحالية.

وتُثير قرارات الإغلاق الأخيرة في دمشق مخاوف جدية حول مستقبل القطاع السياحي، الذي يُعد شريانا حيويا لاقتصاد البلاد المنهك. فتقييد الأنشطة الترفيهية، إلى جانب عدم منح التراخيص اللازمة، قد يُفضي إلى إغلاق دائم للمزيد من المنشآت وتشريد العاملين فيها، مما يُفاقم الأعباء الاقتصادية.

علاوة على ذلك، يُمكن أن تُؤثر هذه الإجراءات سلبا على جاذبية دمشق كوجهة سياحية وثقافية، خاصة بالنسبة للزوار الذين يبحثون عن تجارب شاملة.

وعلى الصعيد الاجتماعي، قد تُثير هذه الخطوات حالة من عدم اليقين والقلق لدى شرائح واسعة من المجتمع، خاصة تلك التي اعتادت على نمط حياة معين أو تعتمد على هذا القطاع في معيشتها.

وتأتي هذه التطورات في دمشق ضمن سياق أوسع تشهده سوريا بعد 14 عاما من نزاع دام، أطاحت فيه فصائل معارضة بقيادة هيئة تحرير الشام الإسلامية بحكم الرئيس بشار الأسد في ديسمبر.

تواجه الإدارة الجديدة، التي تعهدت بتشكيل حكومة ممثلة لكل أطياف الشعب السوري، تحديات أمنية واقتصادية كبيرة. فمنذ توليها زمام السلطة، سعت الإدارة إلى طمأنة الأقليات الدينية ومختلف المكونات، خاصة مع تزايد المظاهر الإسلامية والدعوية في دمشق وغيرها من المدن السورية، في وقت يحث فيه المجتمع الدولي الرئيس أحمد الشرع على إشراك جميع المكونات السورية في المرحلة الانتقالية.

هذه الخلفية السياسية والاجتماعية تُضفي تعقيدا على أي إجراءات تنظيمية، خاصة تلك التي قد تُفهم بأنها تمس الحريات الشخصية أو الأنشطة الاقتصادية.