محادثات مالي تفشل في الاتفاق على موعد للانتخابات

المجلس العسكري المالي يصر على البقاء في الحكم.
الثلاثاء 2022/03/22
الجيش متمسك بفترة انتقالية تثير الشكوك

باماكو - غادر وسيط المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) مالي بعد زيارة استمرت يومين دون أن يحصل من المجلس العسكري على موعد لانتخابات تعيد السلطة إلى المدنيين، وهو شرط إيكواس لرفع العقوبات عن المجلس العسكري الحاكم.

وقال مصدر مالي قريب من المفاوضات مع إيكواس، إن المجلس العسكري أعلن أنه “يؤيد عملية انتقالية تستمر أقل من أربع سنوات”.

وكان المجلس العسكري قد اقترح خلال قمة إيكواس الأخيرة المخصصة للمسألة مطلع فبراير، فترة انتقالية مدتها أربع سنوات.

وفرضت المنظمة الإقليمية في يناير عقوبات صارمة على المجلس العسكري بقيادة الكولونيل أسيمي غويتا، الذي نفّذ انقلابا أوّل في أغسطس 2020 ثم نُصّب رئيسا “انتقاليا” بعد انقلاب ثان في مايو 2021.

وجاءت العقوبات التي من بينها إغلاق حدود دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مع مالي وحظر التجارة والمعاملات المالية معها، ردا على خطة الجيش لمواصلة الحكم لعدة سنوات، وتراجعه عن تعهده بتنظيم انتخابات في فبراير 2022.

إضافة إلى الأزمة السياسية، تشهد مالي أزمة أمنية خطيرة مستمرة منذ اندلاع تمرد انفصالي عام 2012 تلاه آخر جهادي

واقترحت لجنة فنية تابعة لإيكواس تنظيم الانتخابات في غضون 12 أو 16 شهرا، تشرف عليها لجنة انتخابات مستقلة.

وقال عضو في وفد المبعوث الإقليمي غودلاك جوناثان الذي وصل إلى مالي الجمعة “بلغنا نهاية المهمة في باماكو. إذا كنتم تسألون إن اتفقنا على موعد لانتهاء المرحلة الانتقالية، فإني أجيبكم على الفور بالنفي”.

وأضاف المصدر المالي القريب من المفاوضات “أعلم أنه لم يكن في نهاية هذه النقاشات اتفاق على موعد” للانتخابات.

وكان وسيط دول غرب أفريقيا قد دعا إلى انتقال ديمقراطي “في أقرب وقت”، غداة إقرار المجلس التشريعي المالي في الحادي والعشرين من فبراير خارطة طريق تسمح للمجلس العسكري بالبقاء في السلطة لمدة خمس سنوات.

وأعرب تحالف يضمّ نحو عشرة أحزاب مالية في بيان الأحد، عن أسفه لعدم “اتخاذ (المجلس العسكري) أي إجراء ملموس حول تنظيم انتخابات من أجل العودة إلى النظام الدستوري”.

وعرض المجلس الوطني الانتقالي في مالي مؤخرا ميثاقا دستوريا للفترة الانتقالية، التي تسبق عودة المدنيين إلى قيادة البلد الغارق في أزمة أمنية وسياسية خطيرة.

ويقضي الميثاق بأن تكون مدة الفترة الانتقالية متماشية مع التوصيات، التي أعقبت المشاورات الوطنية التي جرت في ديسمبر 2021، وأوصت بفترة انتقالية تمتد من ستة أشهر إلى خمس سنوات. وحافظت على الغموض المتعلق بموعد إجراء الانتخابات، وهي مسألة خلافية بين السلطات المالية من جهة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) وقسم من المجتمع الدولي من جهة أخرى.

وحدد النص الأصلي للميثاق الذي أصدره الجيش في الأول من أكتوبر 2020 مدة الانتقال بثمانية عشر شهرا، قبل أن تلغي السلطات التزامها الأولي بإجراء الانتخابات في السابع والعشرين من فبراير، وتعلن اعتزامها مواصلة الحكم لمدة أربع أو خمس سنوات أخرى.

واعتبرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) هذا التأخير “غير مقبول على الإطلاق”، ولذلك فرضت في التاسع من يناير عقوبات اقتصادية ودبلوماسية صارمة على مالي.

وعلّقت هذه العقوبات بأثر فوري كل المعاملات التجارية والمالية للدول الأعضاء مع مالي، باستثناء المنتجات الاستهلاكية والضروريات الأساسية.

كما جمّدت هذه العقوبات أصول مالي في البنوك المركزية للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وفي البنوك التجارية للدول الأعضاء، وعلّقت أيضا استفادة باماكو من أيّ معونة من المؤسّسات التمويلية التابعة لإيكواس.

الجيش المالي يماطل
الجيش المالي يماطل

وأعلنت الهيئة المسؤولة عن إدارة العمليات المالية في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، أنّ مالي التي ترزح تحت عقوبات غرب أفريقية تخلّفت منذ نهاية يناير عن سداد عدد من مستحقّات ديونها السيادية في هذه السوق الإقليمية.

وأوضحت أنّ قيمة الاستحقاقات المالية التي تخلّفت باماكو عن سدادها بلغت حتى الجمعة 53 مليار فرنك أفريقي أي ما يعادل 81 مليون يورو.

وفي الثاني من فبراير الجاري، أعلنت الحكومة المالية أنّها لم تتمكّن “بسبب قيود” من سداد مستحقّات تزيد قيمتها عن 2.6 مليار فرنك أفريقي متعلّقة بإصدارين من السندات في السوق المالية للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا. وأوضحت وزارة الاقتصاد والمال في باماكو يومها أنّ مالي “احترمت دائما التزاماتها في السوق المالية وتريد طمأنة المستثمرين بأنها مستعدة وقادرة على الوفاء بالتزاماتها”.

واقترح الحكام العسكريون في مالي مشروع قانون يمنع رئيس المجلس العسكري الكولونيل أسيمي غويتا من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة التي يفترض أن تعيد السلطة إلى المدنيين، في خطوة يقول مراقبون إنها لا تبدد المخاوف من سيطرة الجيش على السلطة.

وإضافة إلى الأزمة السياسية، تشهد مالي الفقيرة وغير الساحلية أزمة أمنية خطرة مستمرة منذ اندلاع تمرد انفصالي شمال البلاد عام 2012 تلاه آخر جهادي.

وتشهد مالي منذ العام 2012 عمليات لحركات جهادية مرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، فضلا عن أعمال عنف تشنها ميليشيات تقول إنها للدفاع الذاتي. وتتهم القوات النظامية أيضا بتجاوزات.

وتوسعت رقعة أعمال العنف التي بدأت في شمال البلاد العام 2012 لتشمل وسطها ومن ثم بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين. وأسفرت عن سقوط الآلاف من القتلى المدنيين والعسكريين ونزوح مئات الآلاف من الأشخاص رغم انتشار قوات أممية وفرنسية وأفريقية.

5