محادثات ليبية-ليبية في تونس لفك الانسداد السياسي

طرابلس – تحتضن تونس خلال الأيام القادمة اجتماعا لممثلين عن مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين لبحث ملف تشكيل حكومة موحدة جديدة ما يمهد الطريق لتخطي إشكالية وجود حكومتين، وحتى تتمكن من بسط نفوذها على مختلف أقاليم البلاد وعلى الإشراف على تنظيم الانتخابات وهو استحقاق طال انتظاره.
ونقل موقع "بوابة الوسط" عن عضو مجلس النواب الليبي خليفة الدغاري قوله إن "ممثلين عن مجلسي النواب والأعلى الدولة سيجتمعون خلال الأيام المقبلة في تونس، لمناقشة ملف تشكيل حكومة موحدة جديدة". دون ذكر موعد محدد للاجتماع أو عدد المشاركين فيه من الجانبين.
وأوضح الدغاري أن الاجتماع المرتقب يأتي لتقريب وجهات النظر، والاتفاق على تشكيل حكومة موحدة جديدة، للوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وعبّر عن أمله بأن "يكون الاجتماع للاتفاق والوفاق وإنهاء الانقسام والتشظي، والوصول إلى النتيجة المرجوة وتقريب وجهات النظر، وإبعاد التكتلات والمصالح".
ويأتي الاجتماع المرتقب بعد أن تحول مقترح تشكيل حكومة جديدة موحدة في ليبيا إلى مزاج عام يتصدر المشهد السياسي في ظل استمرار الجدل حول متطلبات المرحلة القادمة والمسار الانتخابي وتوحيد مؤسسات الدولة.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي قد أكد، في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار في ليبيا هو "تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة لكل الليبيين".
وأوضح باتيلي في إحاطته أن عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، جدد التأكيد خلال مناقشاتهما للأوضاع في البلاد على أن القضية الرئيسية التي ينبغي أن تُطرح على جدول الأعمال هي تشكيل حكومة موحدة، لأن هذا سيكون من الصلاحيات الرئيسية لمجلس النواب باعتباره "السلطة الشرعية الوحيدة" المعنية بهذا الشأن، وأنه سوف يشارك فقط في حال إما مشاركة الحكومتين أو استبعادهما معا، بينما يصر عبدالحميد الدبيبة على أنه لن يتنحى عن منصبه الحالي إلا بعد إجراء الانتخابات، ما يعني أن حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها ستشرف على العملية الانتخابية المقبلة.
ولا يزال الخلاف مستمرا بين الأطراف السياسية الرئيسية في ليبيا حول ملف تشكيل حكومة جديدة، وهو ما أدى إلى تعثر الحل وعرقلة المرور إلى انتخابات، رغم المحاولات الأممية والدولية لإزالة هذه الخلافات.
وشدد الدبيبة قبل الأيام على الرفض التام لمسألة تشكيل حكومة جديدة، وأكد أن حكومته جاءت لتكون آخر مرحلة انتقالية في ليبيا، وأكد خلال حضوره القمة العالمية للحكومات في دبي أن المرحلة الثانية ستكون الاتفاق على قاعدة دستورية لتنظيم الانتخابات ثم إجرائها.
ويأتي ذلك في وقت تتداول فيه وسائل إعلام أحاديث عن خطط لدمج الحكومتين يبدو أنها ستقابل بالرفض أيضا، حيث مع بدء انتشار الأخبار بالخصوص أكد المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب فتحي المريمي، أن مسألة دمج حكومة تصريف الأعمال برئاسة الدبيبة وحكومة الاستقرار برئاسة أسامة حماد غير واردة حتى الآن.
وقال إن خطة الحل السياسي لأزمة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا متفق عليها بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، ولم يبق سوى تشكيل حكومة جديدة لتنفيذها.
واعتبر أنه بتشكيل حكومة جديدة تشرف على الانتخابات ستنتهي جميع المراحل الانتقالية، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي يلح بصورة كبيرة على الأطراف الليبية في شأن الإسراع بإجراء الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة تشرف عليها في كافة أنحاء البلاد.
وكان المبعوث الأميركي الخاص السفير رتشارد نورلاند قد جدد التزام بلاده بدعم الليبيين جميعا لاختيار حكومة موحدة، داعيا القادة إلى منح الأولوية للصالح العام.
وقال نورلاند في تدوينة على موقع السفارة الأميركية في منصة إكس بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لثورة 17 فبراير "تؤكد الولايات المتحدة من جديد التزامها بدعم الليبيين من الشرق والغرب والجنوب في جهودهم لتحقيق تطلعاتهم طويلة الأمد نحو اختيار حكومة موحدة تضمن التنمية المتساوية لجميع مناطق البلاد وتحقيق السلام والازدهار على المدى البعيد".
وفي 31 أغسطس الماضي، أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا دعم جهود باتيلي لتشكيل حكومة ليبية موحدة تشرف على الانتخابات، وأعرب المبعوثان الخاصان إلى ليبيا الأميركي ريتشارد نورلاند والفرنسي بول سولير خلال لقاء جمع بينهما في تونس عن "دعمهما لجهود باتيلي ودعوته إلى إنشاء حكومة تكنوقراط موحدة لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تدعم استقرار ليبيا"، وهو ما يشير إلى تحول واضح في موقف واشنطن بالأساس ومن ورائها باريس، واتجاه لسحب البساط من تحت قدمي رئيس حكومة الدبيبة.
وانزلقت ليبيا في الفوضى منذ العام 2011، إثر الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، وغرقت لسنوات في مواجهات وانقسامات مستمرة حتى اليوم. إذ تتقاسم السلطة فيها حكومتان، واحدة برئاسة الدبيبة ومركزها طرابلس، وأخرى في طبرق برئاسة حماد يدعمها البرلمان وقائد الجيش الليبي.