محادثات تيغراي: مناورة لربح الوقت أم بحث عن حل

طرفا الأزمة يريدان وقف الحرب لكن كل جهة تعمل على إظهار أنها الأقوى وأنها لا تتنازل تحت الضغط.
الثلاثاء 2022/10/25
المحادثات فرصة لحل النزاع سلميا

نيروبي – قال متمرّدو جبهة تحرير شعب تيغراي إن مفاوضيهم وصلوا إلى جنوب أفريقيا لإجراء محادثات سلام بقيادة الاتحاد الأفريقي مع الحكومة الإثيوبية، في وقت يتساءل فيه مراقبون إن كانت هذه المفاوضات مناورة تهدف إلى ربح الوقت من جانب إثيوبيا أم أنها حوار ضرورة من أجل إيجاد حل سلمي للحرب الدامية المستمرة منذ عامين في البلاد في ظل عجز طرفي الأزمة عن الحسم العسكري.

وأعلن الأسبوع الماضي أن المفاوضات ستبدأ الاثنين، بعد تصاعد القتال في شمال إثيوبيا في الفترة الأخيرة، وهو أمر أثار قلق المجتمع الدولي.

وقالت الحكومة الإثيوبية إنها ستشارك في المفاوضات مع تصاعد الضغط الدبلوماسي لإنهاء الحرب الدائرة في ثاني أكبر بلد في أفريقيا من حيث عدد السكان، والتي أودت بحياة أعداد غير معروفة من الأرواح وتركت الملايين في حاجة إلى مساعدات إنسانية.

وأعلن كنديا جبريهيووت الناطق باسم سلطات المتمردين في تيغراي وصول الوفد إلى جنوب أفريقيا، وذلك في بيان على تويتر مساء الأحد.

ليندا توماس غرينفيلد: حجم القتال وحصيلة القتلى ينافسان ما نراه في أوكرانيا، والمدنيون الأبرياء عالقون في مرمى النيران
ليندا توماس غرينفيلد: حجم القتال وحصيلة القتلى ينافسان ما نراه في أوكرانيا

وكرر مطالب المتمردين بـ”الوقف الفوري للأعمال العدائية ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وانسحاب القوات الإريترية”.

من جهتها، قالت أديس أبابا في بيان إن وفدها غادر متوجها إلى جنوب أفريقيا صباح الاثنين، مشيرة إلى أن “حكومة إثيوبيا تنظر إلى المحادثات كفرصة لحل النزاع سلميا”.

لكنها أعلنت في الوقت نفسه أن قواتها “واصلت سيطرتها على مراكز حضرية رئيسية في الأيام القليلة الماضية” دون أن تحددها.

وقال المراقبون إن طرفي الأزمة يريدان وقف الحرب لصعوبة الاستمرار فيها وفي ظل خسائر كبيرة، لكن كل جهة ستعمل على إظهار أنها الأقوى وأنها لا تتنازل من موقع ضعف.

واستؤنف القتال في أغسطس ما أدى إلى انهيار هدنة استمرت خمسة أشهر وعودة الجيش الإريتري إلى ساحة المعركة لدعم القوات الإثيوبية.

والأسبوع الماضي، تعهدت الحكومة بأن تستولي على المطارات والمواقع الفدرالية الأخرى من المتمردين، في حين سيطرت القوات الإثيوبية والإريترية على بلدات في المنطقة التي مزقتها الحرب، ما دفع المدنيين إلى الفرار.

وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذي أرسل القوات الحكومية إلى إقليم تيغراي في نوفمبر 2020 متعهدا بتحقيق نصر سريع على القادة المنشقين في المنطقة الواقعة في شمال البلاد، إن الحرب “ستنتهي ويعم السلام”.

وأضاف آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام الخميس أن “إثيوبيا ستكون سلمية ولن نستمر في القتال إلى ما لا نهاية”.

وتابع “آمل في أن يكون اليوم الذي سنعمل فيه مع إخواننا في تيغراي من أجل التنمية، قريبا”.

غراف

وتتصاعد الدعوات الدولية إلى وقف العنف المتصاعد في تيغراي منذ محاولة فاشلة للاتحاد الأفريقي في وقت سابق من الشهر الحالي لتشجيع الطرفين المتحاربين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

وأدى استئناف القتال إلى وقف المساعدات التي تحتاج إليها منطقة تيغراي، المعزولة مع سكانها البالغ عددهم ستة ملايين عن العالم الخارجي والتي تواجه نقصا حادا في الوقود والأغذية والأدوية وتفتقر إلى خدمات أساسية بما فيها الاتصالات والكهرباء.

وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا خلف أبواب مغلقة الجمعة لمناقشة الصراع المتصاعد والمخاوف المتزايدة على المدنيين المحاصرين في مرمى النيران.

وقالت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بعد المحادثات، إن الآلاف من القوات الإثيوبية والإريترية ومتمردي تيغراي يخوضون قتالا نشطا.

وأضافت أن “حجم القتال وحصيلة القتلى ينافسان ما نراه في أوكرانيا، والمدنيون الأبرياء عالقون في مرمى النيران”.

الدعوات الدولية تتصاعد إلى وقف العنف المتصاعد في تيغراي منذ محاولة فاشلة للاتحاد الأفريقي لتشجيع الطرفين المتحاربين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات

وتابعت “خلال عامين من الصراع، قتل ما يصل إلى نصف مليون، والولايات المتحدة قلقة جدا من احتمال وقوع المزيد من الفظائع الجماعية”.

كما اجتمع مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، وهو أبرز هيئة لحل النزاعات، للمرة الأولى الجمعة منذ استئناف القتال في أغسطس.

ورحّب المجلس المؤلف من 15 عضوا في بيان “بالالتزامات المتبادلة للمشاركة الحقيقية في عملية السلام”، معربا عن أمله في “نتيجة مثمرة”.

ويفترض أن يتوسط في المحادثات مبعوث الاتحاد الأفريقي أولوسيغون أوباسانجو ونائبة رئيس جنوب أفريقيا السابقة فومزيل ملامبو نغوكا والرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا.

وبدأ الصراع في الرابع من نوفمبر 2020 عندما أرسل آبي أحمد القوات الحكومية إلى تيغراي بعد اتهام جبهة تحرير شعب تيغراي بمهاجمة معسكرات للجيش الفدرالي.

وسيطرت جبهة تحرير شعب تيغراي على التحالف السياسي الحاكم في إثيوبيا لعقود قبل أن يتولى آبي أحمد السلطة في العام 2018 ويهمش الحزب.

5