مجموعة العمل المالي تتجه لوضع لبنان على قائمتها الرمادية

تقارير إعلامية تؤكد أن حاكم مصرف لبنان سيبقى في منصبه حتى نهاية ولايته في يوليو المقبل ولن يتم إيقافه دوليا لأنه لا زال يحظى بالحماية الأميركية.
الثلاثاء 2023/05/23
البلدان المدرجة في القائمة الرمادية تخضع لمراقبة أشدّ

بيروت - قالت ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز إن من المرجح أن تدرج مجموعة العمل المالي لبنان على قائمتها "الرمادية" للدول الخاضعة لرقابة خاصة بسبب ممارسات غير مرضية، وذلك بهدف القضاء على أنشطة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وتأتي هذه الخطوة المحتمل حدوثها، تزامنا مع تقارير تتحدث عن أن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، الذي يواجه تهم غسيل أموال والثراء غير المشروع وقد صدرت في شأنه مذكرات توقيف دولية، باق في منصبه حتى انتهاء ولايته.    

وسيكون إدراج لبنان على القائمة بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني من انهيار مالي منذ عام 2019 وتكافح للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98 بالمئة من قيمتها لتزج بمعظم السكان إلى براثن الفقر. وعبر دبلوماسيون على مدى شهور عن قلقهم من أن الاقتصاد القائم على المعاملات المالية النقدية بشكل متزايد قد يسمح بإخفاء المزيد من التدفقات المالية غير المشروعة.

وأجرى قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة العمل المالي، وهي هيئة معنية بمراقبة الجرائم المالية، تقييما أوليا لاقتصاد لبنان. وقالت المصادر إن الدول الأعضاء ستطلع عليه هذا الأسبوع في البحرين.

وبحسب مصدر دبلوماسي اطلع على نسخة من التقرير الأولي، فإن النتيجة التراكمية لهذا التقييم تضع لبنان "فوق عتبة القائمة الرمادية بعلامة واحدة".

ووفقا لمسودة، جرى تصنيف لبنان على أنه ملتزم بالمعايير جزئيا في عدة فئات منها إجراءات مكافحة غسل الأموال والشفافية فيما يتعلق بالملكية الفعلية للشركات والمساعدة القانونية المتبادلة فيما يتعلق بتجميد الأصول ومصادرتها.

وأحجمت مجموعة العمل المالي عن التعليق على التقرير أو التقييم قبل نشرهما.

وقال المصدر الدبلوماسي إن "لبنان يسعى لمزيد من التساهل ويحاول الحصول على نتيجة أفضل في إحدى الفئات حتى لا يقع ضمن منطقة القائمة الرمادية".

وأكد سعادة الشامي نائب رئيس الوزراء في حكومة تصريف الأعمال، والذي يترأس محادثات بلاده مع صندوق النقد الدولي، لوكالة "رويترز" أنه لم يطلع على مسودة التقرير وأحجم عن التعليق على التأثير المحتمل له على المحادثات مع الصندوق.

وأشار مصدر مالي مطلع على الأمر إلى أن المسودة منحت لبنان درجة يستحق معها إدراجه على القائمة الرمادية. وقال المصدر "السلطات تحاول جاهدة منع حدوث ذلك".

وقال مصدر دبلوماسي ثان مطلع على الأمر إن مسودة التقرير كانت متساهلة بالفعل في ضوء انهيار الاقتصاد اللبناني. وأضاف "أي شيء عدا القائمة الرمادية سيكون فضيحة".

وتابع المصدران الدبلوماسيان أن وحدة الامتثال في هيئة التحقيق الخاصة التابعة لمصرف لبنان كانت تضغط على الدول الأعضاء في مجموعة العمل المالي من أجل تغيير النتيجة.

وخلص صندوق النقد الدولي في وثيقة تعود لعام 2021 إلى أن إدراج دولة على القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي قد تؤدي إلى تعطيل تدفقات رأس المال مع احتمال انسحاب البنوك من التعاملات مع العملاء الموجودين في البلدان عالية المخاطر لتقليل تكاليف الامتثال.

كما أن مثل هذا الإدراج يخاطر بإلحاق الضرر بسمعة البلد وتعديلات التصنيف الائتماني وصعوبة الحصول على تمويل دولي وارتفاع تكاليف المعاملات.

لا قرار لبناني بتوقيف رياض سلامة ولا بإقالته
لا قرار لبناني بتوقيف رياض سلامة ولا بإقالته

وفي حالة لبنان، أدى الانهيار المالي بالفعل إلى تقييد المعاملات المصرفية بشدة وقطعت العديد من المؤسسات علاقاتها مع البلاد.

وسيكون الإدراج بمثابة لائحة اتهام للنظام المالي اللبناني في وقت تشتد في الأزمات. وتسير البلاد بوتيرة بطيئة في إحراز تقدم على صعيد الإصلاحات الرئيسية المطلوبة لإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

ووجهت فرنسا اتهامات لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في قضية اختلاس أموال، مما أدى إلى إصدار منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) مذكرة توقيف بحقه، بعد تخلفه عن حضور جلسة تحقيق الثلاثاء الماضي في باريس.

وقال مصدر قضائي كبير لوكالة رويترز اليوم الثلاثاء إن ألمانيا أبلغت بيروت شفهيا بمذكرة اعتقال بحق حاكم مصرف لبنان.

ويجري التحقيق مع سلامة ومساعدته ماريان الحويك وشقيقه رجا في لبنان وخمس دول أوروبية على الأقل للاشتباه في استيلائهم على أكثر من 300 مليون دولار من البنك المركزي. فيما ينكر الشقيقان ارتكاب أي مخالفة.

وقالت تقارير إعلامية إن سلامة، والذي صدرت بحقه مذكرات توقيف من دول دولية، باق في منصبه حتى انتهاء ولايته في آخر يوليو المقبل.

ووفقا لموقع "النشرة"، فإن سلامة سيبقى في منصبه، خصوصا بعد أن أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، عدم تأمين ثلثي أعضاء الحكومة من أجل عقد جلسة لإقالة سلامة، حيث لا يجوز عقد جلسة للحكومة تحت هذا العنوان إلا بعد تأمين حضور ثلثي الأعضاء.

ونقل "النشرة" عن مصادر تأكيدها أنه "لا قرار لبنانياً بتوقيف سلامة ولا بإقالته كما لن يقدم استقالته طوعياً، بل سيبقى في منصبه حتى انتهاء ولايته في 31 يوليو المقبل وسيمارس صلاحياته بشكل قانوني".

ولفتت المصادر إلى أن استمرار سلامة يعود إلى أن "الأميركيين لم يرفعوا التغطية عنه، ولم يتخلوا عنه ولا زال يحظى بالحماية الأميركية"، متوقعة أنه "وبعد نهاية ولايته لن يتم توقيفه وإما سيجري تهريبه إلى الخارج إلى دولة لا تنفذ مذكرات الإنتربول بسبب عدم وجود اتفاقات معه، أو سيبقى في منزله في ظل حماية أمنية ومتابعة قضائية وتأخذ التحقيقات المحلية مسارها معه".

ودار في لبنان خلال الأيام الماضية لغطا كبيرا حول مستقبل حاكم مصرف لبنان، وذلك عقب صدور مذكرات توقيف من عدد من الدول الأوروبية بحقه، بناء على قضايا تم رفعها ضده، لكن الوضع اللبناني المتشابك ربما يطيل أجل تلك القضايا نظرا لتشابك المصالح فيه.