مجلس سياسي في جنوب سوريا ينضم إلى دعاة اللامركزية

دمشق - أفضى حراك شهدته مؤخرا منطقة جنوب سوريا إلى الإعلان عن مجلس سياسي يضم فصائل ومشايخ وفعاليات سياسية وثقافية في محافظة السويداء.
ويهدف إنشاء المجلس إلى إيجاد إطار جامع يمثل القوى السياسية والمجتمعية في المحافظة ذات الغالبية الدرزية، ويدافع عن مطالبها ورؤيتها للشكل المستقبلي للدولة السورية ونظامها السياسي، والذي يرى القائمون على المجلس أنه يجب أن يقوم على اللامركزية.
ومنذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر عقب هجوم مباغت من فصائل المعارضة وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام، تعالت الأصوات لاسيما في صفوف الأقليات مطالبة بتغيير شامل، يستند إلى نظام ديمقراطي لامركزي، لكن هذه المطالب لا تلقى حماسة من الإدارة الجديدة.
ويأمل أنصار إقامة نظام لامركزي في سوريا في خلق حالة إجماع في الداخل وتوسيع دائرة المؤيدين ما يشكل ضغطا على السلطة السياسية الحاكمة حاليا.
ويستند برنامج المجلس السياسي الوليد في السويداء إلى “العمل على وحدة سوريا شعباً وأرضاً، وبناء دولة ديمقراطية لا مركزية تقوم على أساس المناطق لا على أساس الطوائف، والعمل على أن تكون السلطة في يد الشعب عبر برلمان يُنتخب وفق دستور جديد قائم على مبدأ فصل السلطات.”
وقال زياد أبوحمدان، عضو في المجلس السياسي بالسويداء، إن الهدف من تشكيل المجلس هو “ملء حالة الفراغ السياسي والعمل على توحيد الآراء ورص الصفوف بما تقتضي المرحلة المقبلة من استحقاقات السوريين.”
انضمام فعاليات السويداء في جسم موحد إلى المنادين باللامركزية سيخلق زخما أكبر حيال المسألة، ويضاعف الضغوط على السلطة
ورحب أبوحمدان في حديث لنورث برس، بـ”خطاب النصر” وتعيين أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا، قائلاً إنها “خطوة هامة لتنظيم الدولة السورية.”
وشهدت محافظة السويداء خلال العامين الأخيرين احتجاجات ضد نظام الأسد، حيث طالبت بإسقاطه، ودعا المتظاهرون إلى تأسيس نظام لامركزي، يقطع مع استفراد فئة أو طائفة واحدة أو شخص واحد بسلطة القرار في سوريا.
واستمرت تلك الاحتجاجات إلى حين سقوط الأسد وفراره إلى روسيا. ويرى نشطاء من السويداء أن هناك قناعة لدى الفعاليات المجتمعية والسياسية بأن اللامركزية هي الحل الأفضل لسوريا الجديدة.
ويتبنى هذا الموقف أيضا الأكراد، وقال مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا الشهر الماضي، إن “اللامركزية هي الخيار الأنسب للواقع الحالي في سوريا، موضحاً أنها لا تتعارض مع مفهوم وحدة الأراضي السورية.”
ويقول مراقبون أن انضمام فعاليات السويداء في جسم موحد إلى المنادين باللامركزية سيخلق زخما أكبر حيال المسألة، ويضاعف الضغوط على السلطة الجديدة التي لا تريد بالواضح حدوث مثل هكذا تحول في سوريا، وتعمل على مركزة القرار بيدها.
وأعلن الرئيس السوري أحمد الشرع في مقابلة مع تلفزيون سوريا، مؤخرا عن ملامح المرحلة السياسية المقبلة في البلاد، مؤكداً أن مستقبل سوريا سيستند إلى نظام جمهوري يضم حكومة تنفيذية وبرلماناً يعملان ضمن إطار قانوني يحقّق المصلحة العامة.
أنصار إقامة نظام لامركزي في سوريا يأملون في خلق حالة إجماع في الداخل وتوسيع دائرة المؤيدين ما يشكل ضغطا على السلطة السياسية الحاكمة حاليا
وشدّد الشرع على أن شكل نظام الحكم في سوريا سيكون منسجماً مع القيم التي أُسستْ عليها الدولة منذ نشأتها، حيث ستتعاون السلطات الثلاث لضمان تحقيق العدالة والمساءلة.
وعند سؤال الرئيس السوري عن تصوّره لشكل نظام الحكم سياسيا، قال “سوريا هي جمهورية، نظامها جمهوري فيها برلمان، وأيضاً فيها حكومة تنفيذية، وهناك قانون وسلطات تتعاون مع بعضها، وسلطات تشترك مع بعضها، ستكون سوريا طبيعية كما يعرفها الناس.”
وتحدث عن المؤتمر الوطني الذي قال إن الهدف منه تمهيد الطريق نحو إعلان دستوري يحدّد مستقبل البلاد، مضيفاً أن صياغة الإعلان الدستوري لن تكون بقرار فردي، بل نتيجة مشاورات واسعة تعكس إرادة الشعب.
وأشار الشرع إلى أهمية إجراء مشاورات قبل الإعلان الدستوري لأن هذا “يحدّد شكل ومصير البلد، وفيه عناوين مهمة جداً، مثل شكل الهوية السورية، مثلاً مستقبل سوريا، كيف سيكون؟ وقد ارتأيت أن هذه المسائل لا ينبغي أن يتفرّد بها شخص واحد، ورأيت من الأفضل أن تكون هناك مشاورات متعددة نستضيء من خلالها بآراء الناس، ونعتبر هذه المشاورات كتوصيات تُعطى للجنة التحضيرية.”
وفيما إذا كان هناك جدول زمني لهذه المراحل وصولاً إلى مرحلة الانتخابات، قال الشرع “لديّ تقدير أن المدة ستكون تقريباً بين أربع سنوات إلى خمس سنوات وصولاً إلى الانتخابات، لأن هناك بنية تحتية تحتاج إلى إصلاحات واسعة كما ذكرت، وهذا يحتاج إلى وقت.”
وأضاف “هناك الكثير من الأدوات التقنية التي تحتاجها الدولة حتى تكون لدينا أرقام صحيحة وواضحة، دون هذا الأمر، أيّ انتخابات ستُجرى سيُشكّك بها، الكثير من الناس طرحوا عليَّ: أجْرِ انتخابات والناس سينتخبونني، قلت: يا أخي هذا لا يهمني الآن، المهم أن تكون العملية صحيحة، العملية إن لم تكن صحيحة، فسيُشكّك بها.”
وبدا واضحا أن الشرع حرص على تجنب التعليق على المطالبين باللامركزية، وهو مؤشر سلبي بالنسبة لدعاتها.