مجلس النواب الأردني يتخذ قرارا حاسما بشأن "المال الأسود"

عمان - يناقش مجلس النواب الأردني في جلسته التي يعقدها الاثنين، قرار لجنته القانونية التي رفضت اعتبار "شراء الأصوات" في الانتخابات النيابية فسادا.
وقررت اللجنة القانونية شطب التعديل الذي أرسلته الحكومة في القانون المعدل لقانون النزاهة ومكافحة الفساد، والذي ينص على أنه يعتبر فسادا لغايات هذا القانون "الجرائم المنصوص عليها في المادة 59 من قانون الانتخاب لمجلس الأمة أو أي مادة تحل محلها".
وتجرّم المادة 59 من قانون الانتخاب إعطاء أو التعهد بإعطاء مبلغ أو منفعة لدفع البعض على الاقتراع أو عدم الاقتراع، أو للتأثير في غيره للاقتراع أو الامتناع عن الاقتراع، كما تجرّم قبول أو طلب مبلغ من المال أو قرض أو منفعة أو أي مقابل آخر لنفسه.
وقال النائب فايز بصبوص، عضو اللجنة القانونية، إن "مبرر شطب التعديل في قانون معدل النزاهة لوجود نص يعاقب على شراء الأصوات في قانون الانتخاب بالأشغال الشاقة لمدة لا تزيد على سبع سنوات، في حين أن التعديل المقترح في معدل قانون النزاهة يعاقب على شراء الأصوات بعقوبة أربعة شهور، وهذا تعارض واضح، كما أن اللجنة غلبت تطبيق العقوبة الأشد الواردة في قانون الانتخاب".
وتبرر الحكومة إرسال التعديل الذي يعتبر شراء الأصوات فسادا بأنه من أجل تعزيز نزاهة الانتخابات وتأكيد الجدية في محاربة المال الأسود في العملية الانتخابية.
ونقلت وكالة عمون الأردنية عن مصادر قانونية، لم تسمها، قولها "إن وجود النص الذي يعتبر التدخل في إرادة الناخبين عملا من أعمال الفساد يجب المحاسبة عليه كجريمة فساد، حماية لنزاهة الانتخابات النيابية من تدخل المال الأسود".
وأضافت أن الحكومة حريصة على نزاهة الانتخابات النيابية، لذلك أرسلت التعديل لتحصين النزاهة من تدخل المال الأسود في إرادة الناخبين بهدف التأثير على خياراتهم.
وأكدت أن تجريم شراء الأصوات في قانون النزاهة ومكافحة الفساد يهدف إلى محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها، كونها تفسد العملية الانتخابية وبوصفها تزويرا لإرادة الناخبين، لذلك يجب القضاء عليها من خلال التشريعات المتعلقة بقانوني الانتخاب والنزاهة.
ويعتبر رجال القانون أن قانون الانتخاب الحالي، وتعليماته، أوجد تدابير وضمانات لمكافحة المال الذي يُستخدم لأهداف غير قانونية، أو ما يُعرف بـ"المال الأسود"، من أهمها المادة 59 من القانون التي غلظت العقوبة على كل من يقوم بشراء الأصوات.
ويشكل المال السياسي أو المال الأسود إحدى الظواهر السلبية التي ترافق كل استحقاق تشريعي في المملكة. ورغم الجهود التي قامت بها الهيئة المستقلة للانتخابات، إلا أن العديد من الخروقات تم تسجيلها خلال الاستحقاق الذي جرى في نوفمبر الماضي.
وفي يناير الماضي كشف تقرير برنامج مراقبة الانتخابات "راصد"، أن عمليات "شراء الأصوات، واستخدام المال الفاسد"، أثر على العملية الانتخابية الأخيرة، مشيرا إلى أنها شهدت انتشارا غير مسبوق لتفاقم ظاهرة شراء الأصوات.
وذكر التقرير أن الهيئة العليا للانتخابات في الأردن قدمت أدلة وبراهين لـ42 قضية حولت إلى المدعي العام، و9 قضايا حوّلت إلى الأجهزة الأمنية بشأن شراء أصوات الناخبين.
وأشار "راصد" إلى أن أهم الأسباب التي أسهمت في تزايد تعداد عمليات شراء الأصوات، هو تأخر إصدار الأحكام القضائية المرتبطة بالقضايا التي تم تحويلها إبان مرحلة الحملات الانتخابية، موصيا باعتبار القضايا المرتبطة بالمال الفاسد قضايا تأخذ صفة الاستعجال ووضع حدّ زمني للبت فيها.
ويرى نشطاء أردنيون أن تفشي ظاهرة المال الأسود في الانتخابات التشريعية يعكس في واقع الأمر أن دوافع المرشحين لا تأتي من منطلقات مبدئية، بل من نوازع نفسية في علاقة بالامتيازات المادية والمعنوية التي يحصل عليها النائب.