مجلس الدولة في ليبيا بلا رئيس وأنباء عن دور خفي للدبيبة

المشري يؤكد أن تحديد تكالة موعدا لجولة ثالثة من الانتخابات إعلان باطل صدر عن غير ذي صفة.
الأربعاء 2024/08/07
خالد المشري يحذر تكالة من مؤامرة على المجلس

طرابلس – لا يزال جدل انتخابات رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا قائما في ظل الانقسام الحاصل بين معسكري رئيسه المنتخب حديثا خالد المشري والقيادي في حزب "العدالة والبناء" محمد تكالة الذي خسر منصبه في الانتخابات، في الوقت الذي تتحدث أنباء عن دور خفي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة في انقلاب تيار الإخوان المسلمين على النتائج بهدف عرقلة تشكيل حكومة جديدة موحدة.

وشهدت جلسة انتخاب رئيس لمجلس الأعلى للدولة الثلاثاء حالة من الجدل إثر فوز خالد المشري، برئاسة مجلس الدولة في ليبيا بعد حصوله على 69 صوتا من أصل 137، متفوقا بصوت واحد على محمد تكالة الحاصل على 68 صوتا والذي رفض الاعتراف بالنتيجة إذا لم يتم احتساب بطاقة تم إلغاؤها بسبب الكتابة على ظهرها، واعتبرها التيار الإخواني لفائدة تكالة واحتسابها يعني التعادل الذي يفرض اللجوء إلى جولة ثالثة.

وإثر ذلك قرر تكالة، الذي كان يترأس الجلسة، تعليق الجلسة للتشاور في جلسة مغلقة، قبل أن يستأنف الجلسة ويعلن عن إحالة أوراق التصويت إلى القضاء للبت فيها، إلا أن المشري خرج في مؤتمر صحافي ليعلن رفض ذلك وأنه سيبدأ في ممارسة مهامه بصفته الرئيس الشرعي.

وتواصل الجدل بين الرجلين، إذ أصدر تكالة بيانا تاليا أعلن فيه عن إعادة التصويت في جولة ثالثة في العشرين من الشهر الجاري إذا لم يحسم القضاء القضية قبل هذا التاريخ، ليعترض المشري مرة أخرى، مشيرا إلى أن إعلان تكالة "إعلان باطل صدر عن غير ذي صفة".

وأوضح المشري أن إحالة الخلاف على الورقة الملغية للقضاء، ماهي إلا محاولة لكسب الوقت ليس إلا، لمعرفة تكالة المسبقة بعدم اختصاص القضاء بهذا النزاع، حيث تنص اللائحة الداخلية للمجلس على اختصاص اللجنة القانونية للمجلس بحل هذا النزاع.

وأضاف المشري في بيانه ردا على إعلان تكالة بأن النظام الداخلي للمجلس ينص صراحة على أن مدة ولاية مكتب رئاسة المجلس هي فقط سنة واحدة من تاريخ انتخاب مكتب الرئاسة، وبالتالي فقد انتهت مدة ولايته بالانتخاب وبالمدة القانونية.

وتنص الفقرة الثانية من المادة 97 من لائحة المجلس، على إلغاء أي ورقة للتصويت تتضمن "علامة تعريف أو تمييز من أي نوع كانت.

وتابع المشري أن الجميع "شاهد بثًا مباشرًا لعملية التصويت، والتي كان الفائز فيها المرشح خالد المشري بعدد أصوات 69 صوتا مقابل 68 صوتا لمحمد تكالة وبحضور مراقبين ممثلين عن المرشحين أمام صناديق الاقتراع"، لافتا إلى أن تكالة "ليس رئيسًا للمجلس حتى يدعو إلى عقد جلسة أو غير ذلك".

وكان المشري قد حذر تكالة وتيار الإخوان المسلمين الداعم له من أي تصعيد آخر معتبرا أن ذلك "مؤامرة على المجلس". كما أكد في مؤتمر صحافي مساء الثلاثاء أنه هو الرئيس الشرعي لمجلس الدولة، بناء على نتائج الانتخابات.

وقال "سأمارس مهامي بناء على أنني الرئيس الشرعي للمجلس الأعلى للدولة وعلى المتضرر، بعد صدور قراري كرئيس للمجلس، ممارسة حقه في الطعن في هذا القرار".

وشدد على أنه لن يتنازل عن رئاسة المجلس أبدًا حتى انتخابات المجلس العام المقبل، مؤكدا أن "العملية الديمقراطية مهددة في ليبيا بالكامل" مستشهدًا بـ"رفض نتائج انتخاب سليم"، متسائلًا "إذا كان على هذا المستوى والوضوح بدأنا في رفض نتائج الانتخاب ماذا سيحدث في الانتخابات المقبلة".

وكان تكالة قد رفع الجلسة الانتخابية، وكلف نائبه الأول مسعود عبيد بتسيير شؤون المجلس إلى حين فصل القضاء في مسألة الورقة الملغاة محلّ الخلاف، فيما كان مناصرو المشري يصرون على استكمال الجلسة وانتخاب النائبَين والمقرّر، وأن يتولى المشري رئاستها.

وتحدثت وسائل إعلام محلية عن وجود محاولات لشراء عدد من الأصوات بما يضمن فوز تكالة برئاسة المجلس.

وذكرت منصة "ليبيا برس" نقلا عن مصادر مطلعة على الأمر أن وليد اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة الدبيبة تواصل مع 15 عضوًا بالمجلس الأعلى للدولة، واتفق معهم على مبالغ مالية تتراوح من 200 إلى 300 ألف دولار، مقابل التصويت لمحمد تكالة.

ونقلت المنصة عن عضو المجلس الانتقالي السابق حسن الصغير قوله إن "الدبيبة أنهى مجلس الدولة، حيث سيظل تكالة ينازع المشري على الشرعية، مشيرا إلى أن حدث هو نهاية ما سمي بفتح باب الترشح من البرلمان، مضيفا "فلا جهةٍ متفق عليها غربًا لإحالة التزكيات للبرلمان، ولا رئاسة لمجلس الدولة موحدة لتبت في الترشيحات".

ويرى مراقبون أن الخلاف داخل مجلس الدولة الليبي ليس قانونيا، بل خلاف سياسي يتجاوز تكالة والمشري، ويرتبط براهنية مصالح سياسية يمثلها الرجلان يحققها فوز أي منهما لصالح حلفائه خارج المجلس، مؤكدين أن حل الخلاف هو حل سياسي وليس قانونيا.

ويشير هؤلاء المراقبين إلى أن تيار الإخوان المسلمين في ليبيا التي راهن على فوز تكالة، لا يريد ترأس المشري للمجلس لأن ذلك يتعارض مع مصالحه حتى وإن كان الثمن تماسك المجلس الذي بات الآن مهددا بالانهيار.

وهذه المرة السادسة التي يفوز فيها المشري برئاسة المجلس الأعلى للدولة، بعد أن تولى المنصب لمدة 5 مرات متتالية من 2018 إلى 2022، حيث من المتوقع أن تنعكس عودته إلى قيادة المجلس على الوضع السياسي بالبلاد.

وعلى عكس منافسه محمد تكالة المدعوم من حزب "العدالة والبناء" يؤيد خالد المشري، خارطة طريق مشتركة مع البرلمان تقوم على إجراء الانتخابات بعد إقرار قوانينها التي أعدتها لجنة 6+6، كما يبدي مرونة اتجاه تشكيل حكومة جديدة والتخلّي عن حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها الدبيبة.

ويتزامن انتخاب رئيس جديد لمجلس الدولة، مع جمود سياسي تشهده البلاد، بسبب خلافات بين القادة الرئيسيين حول خارطة الطريق التي تؤدي للانتخابات، حيث يطالب معسكر الشرق بتشكيل حكومة جديدة تتوّلى الإعداد لانتخابات وفقا للقوانين التي أقرّتها لجنة 6+6، بينما يعارض معسكر الغرب ذلك، ويقول إن هذه القوانين "غير عادلة ومفصلّة على مقاس أشخاص".