مجلس الأمن يحثّ على استئناف المفاوضات حول سدّ النهضة بوساطة أفريقية

المجلس يدعو مصر والسودان وإثيوبيا إلى معالجة الخلافات وتجنّب أي تصريحات من شأنها زيادة التوترات في المنطقة.
الجمعة 2021/07/09
الجهود الدولية والأفريقية لا تثني إثيوبيا عن مشروعها

الأمم المتحدة – أيد مجلس الأمن مساء الخميس استمرار جهود الوساطة التي يجريها الاتحاد الأفريقي بين إثيوبيا ومصر والسودان في النزاع حول تشغيل سد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، وحثّ جميع الأطراف على استئناف المحادثات.

وفي مداخلاتهم، شجّع ممثلو الدول الأعضاء في مجلس الأمن، الدول الثلاث على تخطي خلافاتها والتوصل إلى اتفاق برعاية الاتحاد الأفريقي.

ودعا موفد الأمين العام إلى منطقة القرن الأفريقي بارفيه أونانغا - أنيانغا "الأطراف كافة إلى معالجة المسألة بطريقة بناءة وتجنّب أي تصريحات من شأنها زيادة التوترات في منطقة تواجه سلسلة تحديات".

وشدد على أن "كل الدول التي تتشارك مياه النيل لديها حقوق ومسؤوليات، وأن استخدام هذا المورد الطبيعي وإدارته يتطلّبان التزاما متواصلا من كل الدول المعنية، وحسن نية من أجل التوصل إلى تفاهم".

وقالت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، "يمكن التوصل إلى حل متوازن وعادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة من خلال الالتزام السياسي من جميع الأطراف".

وأضافت "هذا يبدأ باستئناف المفاوضات الموضوعية المثمرة. ينبغي عقد هذه المفاوضات تحت قيادة الاتحاد الأفريقي، وينبغي استئنافها على وجه السرعة"، وذكرت أن الاتحاد "هو المكان الأنسب لمعالجة هذا النزاع".

ولا يود الكثير من الدبلوماسيين بالمجلس التدخل في النزاع، إلى مدى أكثر من عقد اجتماع الخميس، خشية أن يشكل ذلك سابقة قد تسمح لدول أخرى بطلب مساعدة المجلس في نزاعات مائية.

ورأت مصر أن جهود الاتحاد الأفريقي لحلّ الخلاف حول السدّ "فشلت ووصلت إلى طريق مسدود".

ودعت القاهرة والخرطوم المجلس الخميس إلى التحرك للمساعدة في حل النزاع، بعدما بدأت إثيوبيا، التي تعارض تدخل المجلس في النزاع، هذا الأسبوع ملء خزان السد للعام الثاني.

والاثنين، أخطرت إثيوبيا دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثان للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراء أحادي الجانب.

وتقول إثيوبيا إن السد ضروري لتنميتها الاقتصادية وتزويد شعبها بالكهرباء، لكن مصر ترى أن السد تهديد خطير لحصتها من مياه النيل التي تعتمد عليها بالكامل تقريبا. وعبر السودان، وهو دولة مصب أيضا، عن قلقه إزاء السلامة الإنشائية للسد وأثره على السدود ومحطات المياه السودانية.

ووزعت تونس مشروع قرار على أعضاء مجلس الأمن يدعو إلى التوصل إلى اتفاق ملزم بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأن تشغيل سد النهضة خلال ستة أشهر، غير أنه لم يتضح بعد متى يمكن طرحه للتصويت.

وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في كلمته أمام جلسة مجلس الأمن، إن المشروع التونسي لحل الأزمة يمكّن الأمم المتحدة من الدفع بخبرائها لبحث السد فنيا، والخروج بتوصيات ملزمة للجميع في ظل إطار زمني محدّد.

وأضاف شكري أن المجلس يجب أن يبقى ملتزما بسلام ورخاء القارة الأفريقية، محذرا من الإخفاق في علاج هذه الأزمة، وأن ذلك يعد تنصلا من دوره الدولي المنوط به.

ودعا شكري المجلس إلى تبني القرار، موضحا أن بلاده "لا تتوقع من المجلس صياغة حلول للقضايا القانونية والفنية المعلقة، كما لا تطلب من المجلس فرض شروط التسوية".

وقال "هذا القرار سياسي بطبيعته والغرض منه… إعادة إطلاق المفاوضات"، مؤكدا أنه "في حال تضررت حقوقنا المائية فلا يوجد أمام مصر بديل إلا أن تصون حقها الأصيل في المحافظة على الحياة".

وسبق أن لوح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بإمكانية اللجوء إلى الحلّ العسكري في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق ملزم، وهو ما أكدت إثيوبيا أنها مستعدة لمواجهته، ما ينذر باحتمال دخول المنطقة في نزاع جديد ستكون له عواقب وخيمة على البلدين. 

وحثت وزيرة خارجية السودان مريم الصادق المهدي المجلس أيضا على التحرك بالدعوة إلى استئناف المفاوضات، ومطالبة إثيوبيا بالامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية.

وقال وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي أولاتشيو إن الاتفاق بشأن تشغيل السد الذي تبلغ تكلفته خمسة مليارات دولار "في المتناول"، وقال إن مطالبة مصر والسودان باجتماع مجلس الأمن أمر مؤسف.

وقال للمجلس "ندعو أشقاءنا المصريين والسودانيين إلى أن يدركوا أن حل قضية النيل لن يأتي من مجلس الأمن. لا يمكن أن يأتي الحل إلا من خلال مفاوضات حسنة النية".

واقترح سفير روسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا، أن تجتمع الدول وهي في نيويورك لمحاولة تسوية بعض القضايا.

ومنذ عام 2011 تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة، المعد ليكون أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في أفريقيا بقدرة تصل إلى 6500 ميغاوات.

وفي مارس 2015 وقّع قادة مصر والسودان وإثيوبيا في الخرطوم اتفاق إعلان مبادئ بهدف تجاوز الخلافات.

وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديدا حيويا لها إذ يؤمن لها النيل نحو 97 في المئة من مياه الري والشرب.