مجلس الأمن الدولي يلوح بعقوبات على معرقلي الانتخابات الليبية

طرابلس - هدد مجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، بفرض عقوبات على كل مَن يعرقل إجراء انتخابات طال انتظارها في ليبيا، مطالبا جميع الأطراف بالمشاركة في المسار السياسي دون شروط، وهو ما يحشر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة الذي كان يطمح إلى التمديد له في الزاوية.
وقال أعضاء المجلس (15 دولة)، في بيان، إن "الأفراد أو الكيانات مِمَن يهددون السلام أو الاستقرار أو الأمن في ليبيا أو يعيقون أو يقوضون استكمال عملية الانتقال السياسي بنجاح عبر عرقلة الانتخابات أو تقويضها، قد يتم إدراجهم على قوائم عقوبات مجلس الأمن".
وأكدوا "التزامهم القوي بعملية سياسية شاملة يقودها ويمتلكها الليبيون، وتيسرها الأمم المتحدة، وتبني على القوانين الانتخابية المحدثة التي وافقت عليها لجنة 6+6".
وكان مجلس النواب الليبي قد أعلن في 3 أكتوبر الماضي موافقته على إصدار قوانين الانتخابات التي أقرتها لجنة "6+6" المشتركة مع المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) ليتم بموجبها انتخاب رئيس الدولة ومجلس الأمة (البرلمان)، على الرغم من أن بنودا في القوانين الانتخابية تواجه معارضة من أطراف ليبية.
وألقى أعضاء مجلس الأمن بثقلهم خلف جهود الممثل الأممي عبدالله باتيلي في تعزيز العملية السياسية الشاملة حيث شددوا "دعمهم لجهود الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا للاجتماع مع المؤسسات الليبية المعنية لدعم التقدم نحو إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن".
ودعوا "جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين إلى المشاركة الكاملة مع باتيلي بحسن نية ودون شروط مسبقة، وتقديم التنازلات اللازمة لدفع البلاد إلى الأمام نحو الانتخابات".
وكان باتيلي قد دعا في 23 نوفمبر الماضي، الأطراف المؤسسية الرئيسية إلى المشاركة في اجتماع، لم يُعقد بعد، للتوصل إلى تسوية بشأن القضايا ذات الخلاف السياسي المرتبطة بإجراء الانتخابات في البلد الغني بالنفط.
والمقصود بالأطراف المؤسسية: المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر .
وفي إحاطته الأخيرة خلال الشهر الجاري أمام مجلس الأمن الدولي، أكد باتيلي أن الحل الوحيد لتحقيق الأمن والازدهار في ليبيا هو "تشكيل حكومة جديدة موحدة. ليست حكومة غرب أو شرق، وإنما حكومة لكل الليبيين".
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة التونسية اليوم الأربعاء، محادثات لبحث تشكيل حكومة ليبية جديدة تُجهز لإجراء الانتخابات، ضمن مساعي فك الانسداد السياسي.
وينعقد الاجتماع بمشاركة أعضاء من مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين، وأعضاء من اللجنة المشتركة 6+6.
ويهدف لبحث ملف تشكيل حكومة جديدة تنهي التنازع الحاصل بين حكومة منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والحكومة المكلفة من البرلمان، بقيادة أسامة حماد.
ويضم الاجتماع الذي يستمر حتى الخميس، شخصيات سياسية ليبية، بالإضافة إلى وفد يمثل بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
والاجتماع المرتقب يستهدف تقريب وجهات النظر، والاتفاق على تشكيل حكومة موحدة جديدة للوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وشدد الدبيبة قبل الأيام على الرفض التام لمسألة تشكيل حكومة جديدة، وأكد أن حكومته جاءت لتكون آخر مرحلة انتقالية في ليبيا، وأكد خلال حضوره القمة العالمية للحكومات في دبي أن المرحلة الثانية ستكون الاتفاق على قاعدة دستورية لتنظيم الانتخابات ثم إجرائها.
وفي محاولة لإظهار نفسه على أنه ليس من معرقلي الانتخابات سارع الدبيبة بالترحيب ببيان مجلس الأمن، مجددا دعوة جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار لتدشين مرحلة الاستقرار الدائم.
وقال الدبيبة عبر حسابه على منصة إكس في وقت متأخر من مساء الثلاثاء "أرحّب بما جاء في بيان أعضاء مجلس الأمن بشأن ليبيا اليوم، من دعوتهم إلى ضرورة إجراء الانتخابات العامة في أقرب وقت ممكن".
وأضاف أن موقف مجلس الأمن المعلن في البيان الأخير هو ما دعا "إليه مرارا وتكرارا لاتفاقه مع رؤيتنا للحل السياسي في ليبيا القائمة على طي المراحل الانتقالية الطويلة، التي عانتها بلادنا وشعبنا، عبر عملية انتخابية نزيهة وشفافة تقوم على أسس دستورية وقانونية عادلة".
وأكد أن ذلك هو ما دعاه أيضا "إلى قبول دعوة المبعوث الخاص إلى ليبيا لطاولة الحوار الخماسي وسرعة الاستجابة لها"، منتهزا "مناسبة إصدار هذا البيان، لنجدد دعوة جميع الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار لتدشين مرحلة الاستقرار الدائم التي يستحقها شعبنا".
وحول الوضع الأمني، جدّد مجلس الأمن، دعوته لانسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا من دون تأخير، كما عبر عن قلقه إزاء التوترات المتزايدة في ليبيا، بما في ذلك انتشار الميليشيات المسلحة.
وتنتشر أعداد من التشكيلات المسلحة على طرابلس تحت مسميات عسكرية تتبع الحكومة والمجلس الرئاسي، أبرزها جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وجهاز دعم الاستقرار، وجهاز الأمن العام، واللواء 444 مشاة.
كما تنتشر أعداد أخرى من التشكيلات المسلحة مختلفة الانتماءات في مدن مصراتة والزنتان والزاوية، وهي أبرز ثلاث مدن في الغرب الليبي لها ثقل سياسي وعسكري.
وخلال الأيام الماضية، ظهرت مخاطر العودة إلى العنف والقتال، بعد اندلاع اشتباكات بين الميليشيات المسلحة في العاصمة طرابلس ومدن الغرب الليبي، الأمر الذي يقوّض الجهود الجارية لتهيئة بيئة أمنية مواتية لإجراء الانتخابات.
كما أكد أعضاء المجلس الأمن "أهمية عملية مصالحة شاملة تقوم على مبادئ العدالة الانتقالية والمساءلة"، ورحبوا بـ"جهود المجلس الرئاسي لإطلاق عملية المصالحة الوطنية، بدعم من الاتحاد الإفريقي، بما في ذلك تسهيل عقد مؤتمر المصالحة الوطنية في 28 أبريل المقبل بمدينة سرت (شرق)".
ويأمل الليبيون في إجراء الانتخابات لإنهاء نزاعات وانقسامات تتجسد منذ مطلع 2022 في وجود حكومتين، إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب (شرق)، والأخرى معترف بها من الأمم المتحدة ومقرها في العاصمة طرابلس (غرب)، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة.