مجلس الأمن الدولي يستعجل تعيين خليفة لباتيلي لإنهاء الأزمة الليبية

نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة ستيفان خوري تبدأ سلسلة لقاءات مع أبرز القيادات السياسية والعسكرية في شرق ليبيا وغربها تمهيدا لتسلم مهامها.
الأربعاء 2024/05/08
ستيفان خوي تركز في أول لقاءاتها الأولى على القادة العسكريين

الأمم المتحدة - دعا مجلس الأمن الدولي إلى تعيين مبعوث أممي جديد خلفا للسنغالي عبدالله باتيلي "في أقرب وقت ممكن"، وذلك بعد نحو أسبوعين من تقديم استقالته، حيث من المقرر أن تباشر نائبة رئيس بعثة الأمم المتحدة ستيفان خوري مهام رئاسة البعثة بالإنابة.

وكان باتيلي، قد أعلن في 16 أبريل الماضي، استقالته من مهمته التي تسلّمها في 2 سبتمبر 2022، خلفًا للأميركية ستيفاني ويليامز. وتأتي استقالته في خضم تصاعد التجاذبات الإقليمية والداخلية بشأن الأزمة الليبية، وفشل المبادرات الهادفة إلى إجراء انتخابات عامة تنهي حال الانقسام والتشظي المؤسّساتي التي تشهدها البلاد منذ عام 2014.

وأعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي في بيان أصدروه الاثنين عن "امتنانهم للممثل الخاص للأمين العام في ليبيا ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل) عبدالله باتيلي، على جهوده، عقب إعلان استقالته".

وأكدوا استمرار "دعمهم لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وقيادتها"، مشددا أيضًا على "أهمية أن تواصل القيادة المؤقتة للبعثة تنفيذ ولاية البعثة وضمان الانتقال السلس للممثل الخاص الجديد للأمين العام للأمم المتحدة".

وجدد أعضاء مجلس الأمن التزامهم بعملية سياسية شاملة يقودها ويمتلكها الليبيون، وتيسرها الأمم المتحدة، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بناءً على الاتفاق السياسي الليبي، خارطة طريق منتدى الحوار الوطني"، داعين إلى "البناء على القوانين الانتخابية المحدثة التي وافقت عليها لجنة 6+6، باعتبارها طريقًا قابلاً للتطبيق لإجراء الانتخابات والسلام الدائم".

وشددوا على "ضرورة مشاركة المؤسسات الليبية المعنية بشكل كامل، وبحسن نية ودون شروط مسبقة، وتقديم التنازلات اللازمة لإحراز تقدم في العملية السياسية التي يقودها ويملكها الليبيون، والتي تيسرها الأمم المتحدة"، مكررين دعوتهم للمجتمع الدولي لتقديم دعمه الكامل في هذا الصدد.

وجدد أعضاء مجلس الأمن أيضًا دعوتهم لانسحاب جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا دون تأخير، "بما يتماشى مع اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر 2020 وقراري مجلس الأمن 2701 (2023) و2702 (2023)".

وشددوا على أهمية عملية المصالحة الوطنية الشاملة على أساس مبادئ العدالة الانتقالية والمساءلة، مشجعين جميع الأطراف الفاعلة في ليبيا، وكذلك الدول المجاورة والاتحاد الأفريقي، بمساعدة الأمم المتحدة، على دعم هذه العملية.

وأكد الأعضاء أهمية ضمان المشاركة "الكاملة والمتساوية والفعالة والهادفة والآمنة" للمرأة، وإدراج ممثلي الشباب والمجتمع المدني، في جميع الأنشطة وصنع القرار المتعلق بالتحول الديمقراطي وجهود المصالحة، مشددين كذلك على أهمية توفير بيئة آمنة لمنظمات المجتمع المدني للعمل بحرية وحمايتها من التهديدات والأعمال الانتقامية.

وأجرى باتيلي قبيل تسليم مهامه جولة لقاءات ختامية مع أبرز القيادات السياسية والعسكرية في البلاد، برفقة نائبة المبعوث الأممي ستيفاني خوري، التي ستتولى قيادة مرحلة انتقالية لتسيير مهام البعثة إلى حين تسمية مبعوث جديد إلى ليبيا.

وركزت خوري في لقاءاتها الأولى على القادة العسكريين، حيث التقت الأحد، كلاً من قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في مقره العسكري بالرجمة، شرق بنغازي، ورئيس الأركان العامة لقوات حكومة الوحدة الوطنية الفريق محمد الحداد في مقره بالعاصمة طرابلس.

ووفقا للمكتب الإعلامي لقيادة حفتر، فإن اللقاء ناقش "آخر التطورات السياسية للأزمة الليبية، وأهمية مواصلة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا جهودها الرامية للدفع بالعملية السياسية من أجل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة تحقيقاً لتطلعات الشعب الليبي"، مشيراً إلى أن اللقاء حضره آمر عمليات القوات البرية صدام حفتر، وآمر اللواء 166 اللواء أيوب بوسيف، وآمر اللواء 165 اللواء باسم البوعيشي.

ومن جانبه، أشار المكتب الإعلامي لرئاسة الأركان بطرابلس إلى أن باتيلي أشاد بجهود الحداد في "حل الخلافات ونزع فتيل التوتر من أجل تحقيق الاستقرار والسلام". وعلى الرغم من استمرار شغور منصب باتيلي، حيث لم يعلن الأمين العام للأمم المتحدة تعيين بديل عنه، إلا أن سلسلة لقاءاته الجديدة التي عاد لعقدها جاءت في سياق لقاءات لتوديع قادة الأطراف الليبية قبل تسليمه مهامه.

وجاء لقاء خوري وباتيلي مع الحداد عقب نجاح الأخير في دفع قادة عدد من المجموعات المسلحة في طرابلس والغرب الليبي إلى عقد اجتماع في طرابلس، مطلع الأسبوع الجاري، للتصالح فيما بينها بعد عدة أيام من التوتر المكتوم الذي شهدته أوساط المجموعات المسلحة في طرابلس وامتداداتها في مناطق محيط العاصمة.

ويرجح أن تبدأ الدبلوماسية الأميركية من أصول لبنانية ستيفاني خوري مهامها بالعناية بالملف الأمني والعسكري، ضمن أولوية تصور جديد في سياق رؤية أميركية تركز على هذا الجانب في الملف الليبي.

وفي مطلع مارس الماضي، أعلن الأمين العام أنطونيو غوتيريش عن تعيين خوري نائبةً لرئيس البعثة في ليبيا خلفاً للدبلوماسي الزمبابوي ريزيدون زينينغا.

وعلى الرغم من مسيرتها الحافلة بتولي العديد من المناصب الأممية، وآخرها منصب مديرة الشؤون السياسية في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان، إلا أن تعيينها ذكّر الليبيين بتعيين سلفها ستيفاني وليامز نائبةً لرئيس البعثة الأممية السابق غسان سلامة، الذي أعلن استقالته هو الآخر بشكل مفاجئ في مارس 2021، لتتولى وليامز مهامه في فترة حرجة تزايدت فيها حدة الانسداد السياسي.

وأعلنت السفارة الأميركية لدى ليبيا، في وقت سابق الاثنين، عن مشاركة وفد من القادة العسكريين الليبيين من كل أنحاء البلاد في قمة القوات البرية الأفريقية التي عقدت في زامبيا، الأسبوع الماضي، بمشاركة 750 ممثلاً عن جميع الدول الأفريقية برعاية رئاسة أركان الجيش الأميركي، بحسب منشور على الصفحة الرسمية للسفارة.

وجددت السفارة دعم بلادها كافة الجهود الليبية لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، وإضفاء طابع الاحتراف عليها من أجل تحقيق السلام والاستقرار.

وخلال الفترة الماضية، تزايدت الأنباء حول خطة يعمل عليها مسؤولون أميركيون في ليبيا من خلال شركة أمنية على صلة بوزارة الدفاع الأميركية، كانت مصادر ليبية كشفت أنها شركة أمنتوم، من أجل جمع سلاح مجموعات غرب ليبيا، لا سيما في العاصمة طرابلس، وبدء تدريبات لعناصر مسلحة ليبية في إطار إصلاح القطاع الأمني الليبي.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن الشركة تعمل على تنفيذ الخطط الأميركية وفقا لعقد مبرم مع وزارة الدفاع بحكومة عبد الحميد الدبيبة، بالتنسيق مع وزير الداخلية عماد الطرابلسي، الذي جدد قبل أيام عزم وزارته على إخلاء طرابلس من التشكيلات المسلحة والبدء في إحلال قوات الوزارة الأمنية بدلاً عنها.

ويرى مراقبون، أن النشاط الأميركي في هذا الجانب يأتي في سياق بناء ارتباط مع مجموعات غرب ليبيا المسلحة لموازاة التوغل العسكري الروسي في شرق ليبيا وجنوبها.