مجلة مجمع اللغة العربية تواصل دعم لغة الضاد

الشارقة - أضاءت “مجلة مجمع اللغة العربية” بالشارقة، في عددها السادس الصادر حديثا، على عدد من الدراسات والبحوث والمقالات الأدبية واللغوية والمعجمية، التي عرفت القراء بإسهامات العلماء العرب في تفسير وتسهيل الكتب العربية القديمة، مؤكدة ضرورة التحدث باللغة العربية الفصحى، التي تستحق أن تحظى باهتمام الأجيال وطلاب المدارس والجامعات، كما سلطت المجلة الضوء على جهود “مجمع اللغة العربية” بالشارقة في التواصل مع المراكز البحثية والأكاديمية في دول مختلفة من العالم.
وتحت عنوان إطلالة على “هدية الأريب لأصدق حبيب” أكد الدكتور امحمد صافي المستغانمي، الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالشارقة، أن هذا الكتاب ألفه الشيخ التونسي محمد الطاهر بن عاشور (الجد)، وشرح فيه كتاب ابن هشام الأنصاري “قطر الندى وبل الصدى”، الذي يعد من أفضل ما كتب في علم النحو، “حيث أتى على جميع مباحث النحو إيضاحا وتبيانا، وشاع في المتعلمين ذكره، وعم نفعه وبره، وطارت سمعته، وسارت بها الركبان مشرقا ومغربا، ويعد واسطة القلادة في عقد أسفار النحو المفيدة الذائعة الصيت، المنتشرة في الأمصار والأقطار”.
وأثنى المستغانمي على جهود العلماء المعاصرين من أمثال الشيخ ابن عاشور، في تيسير العلوم التي تزخر بها المكتبة العربية وتمكين الشباب والأجيال القادمة من الوصول إليها، مشيرا إلى أن القرون السابقة أنتجت علماء جادت قريحتهم بمخزون معرفي لا حدود له، ولا بد من تذليله ووضعه بين أيدي الدارسين، من خلال البسط والتوضيح، وحل العبارات المشكلة فيه، وتوسيع شرح المباحث التي تحتاج إلى شرح واستفاضة في التبيان، لتكون سهلة العبارة ميسرة الوصول إلى أذهان طلاب العلم في هذا الزمان.
وفي مقالة بعنوان “التحدث بالعربية واجب قومي”، أكد الكاتب محمد عبدالباقي أن التحدث باللغة العربية الفصحى السهلة الدارجة غير المتقعرة أو المتكلفة واجب قومي للحفاظ على الهوية العربية والدينية، لمناهضة الهجمات التي تهدف إلى الإخلال بها، مشيرا إلى أن العربية هي أغزر اللغات العالمية بالمفردات، إذ تحتوي على أكثر من 12 مليون كلمة، ويتحدث بها أكثر من 467 مليون إنسان، وهي في الترتيب الرابع أو الخامس من حيث اللغات الأكثر انتشارا في العالم. وأكد ضرورة إعداد معلمي الصفوف الأولى في المدارس ليحببوا التحدث بالعربية إلى الطلاب، مع أهمية التركيز على المهارات الأساسية وأن يكون التواصل بين المعلم وطلابه بالفصحى السهلة المرنة.
وضمن قراءاتها الأدبية، نشرت المجلة دراسة بعنوان “تجليات صورة الأم في الشعر الجاهلي”، أشار فيها الدكتور أحمد علي شحوري إلى أن حضور الأم في الشعر الجاهلي باهت الألوان عموما، مقارنة بحضور المرأة، حبيبة أو زوجة، ولعل مرد ذلك إلى طغيان صورة الرجل الفارس في ظل البيئة الجاهلية القاسية، وما تتطلبه من قوة وبأس وشجاعة من جهة، وإلى شعور الحياء الكامن في نفس الشاعر تجاه أمه من جهة أخرى، لأنها عرضه وشرفه اللذان يموت دون المس بهما، وعليه فإنه حجب صورتها قدر الإمكان عن ضوء القصيدة، فجاء ذكرها مقتضبا عموما، وركز في ظهورها على وظائفها المتصلة بالأمومة والتربية الأسرية وإعداد الفارس للحرب.
وفي “وقفة مع ديوان الخوافي”، تنقلت الباحثة فدوى العبود في قراءة نقدية فلسفية وأدبية في مجموعة “الخوافي” للشاعر العراقي جراح كريم، الحائزة على جائزة الشاعر محمد القيسي لعام 2020، والتي تحرت من خلالها الصورة الشعرية والخيال في علاقة الشاعر بالوجود، موضحة أن الدراسة تندرج في إطار فلسفة الفن التي تبحث في الصورة الفلسفية والبعد الوجودي.
وتحت عنوان “وقفات هامة في لغة الضاد”، تحدثت الكاتبة سريعة سليم حديد حول العربية كلغة للأدب والعلم والثقافة عند العرب، والتي زادت أهميتها بعد ما جاء الإسلام، ووحد لهجاتها من خلال نزول القرآن الكريم بها. مؤكدة أن تأليف العديد من المعاجم يدل على غزارة مفرداتها، وأن جمال العربية تعدى المعاني والبيان والبديع إلى جماليات الخط العربي الذي عبر عن روعة الفن المعتمد على تعانق الحروف والكلمات.
إلى جانب ذلك، تطرق هذا العدد من المجلة إلى موضوعات أدبية ولغوية متعددة، منها “تعليم العربية للطلاب غير المتخصصين”، و”التأويل النحوي القرآني بين الرؤية البصرية الأسلوبية والرؤية الكوفية التداولية”، و”اللغة والتاريخ” و”جهود ابن خلدون اللغوية في كتابه المقدمة”، و”الترجمة: تحديات مفاهيمية”، و”مكانة الشعر العربي ورسالته عبر العصور”، و”مقامات الزمخشري بين الاتباع والابتداع”، و”ألفاظ الأوبئة والأمراض في معاجم العربية”، إضافة إلى عدد من القصائد الشعرية لنخبة من الشعراء الإماراتيين والعرب.
كما عرجت المجلة على أهمية المجلدات الـ36 المنشورة من "المعجم التاريخي للغة العربية"، والتي أهدت منها الشارقة إلى "معهد الدراسات الشرقية" بجامعة ياجيلونسكيفي في بولندا، بهدف دعم جهود تعليم اللغة العربية، وإبراز دور المجمع في الشراكات العلمية بين المؤسسات التعليمية العالمية.
وأبرز هذا العدد كذلك نتائج زيارة وفد مجمع اللغة العربية بالشارقة لجامعة الفارابي الوطنية بكازاخستان، التي جاءت ضمن جهود المجمع الرامية إلى دعم تعليم اللغة العربية في الجامعات والمراكز اللغوية في كازاخستان، ودراسة إمكانية ترجمة المخطوطات وتبادل الخبرات التعلمية، حيث تم بحث سبل التعاون بين الجانبين ومناقشة خطط زيارات طلابية إلى الشارقة، للتعرف على الثقافة العربية والإماراتية، وجهود الإمارة ومجمع اللغة العربية في إطلاق مشروع "المعجم التاريخي للغة العربية".