مجسمات فنية عالمية تشكل الهوية البصرية الحديثة في جدة التاريخية

برنامج جدة التاريخية يسعى إلى حماية وتأهيل مبانيها التراثية.
الاثنين 2025/06/30
تفاعل العراقة المعمارية مع الحداثة الفنية

جدة - تزينت بحيرة الأربعين في جدة التاريخية بمجسمات فنية عالمية، أضفت بعدا جماليا وإبداعيا يبرز التقاء الفن المعاصر بعراقة المكان، وأسهمت في تعزيز حضور المدينة على خارطة الثقافة العالمية، ضمن رؤية تسعى إلى إعادة اكتشاف الهوية البصرية للمنطقة من خلال الفنون.

وتمثل جدة التاريخية، المسجلة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، جوهرة التراث السعودي. ويسعى برنامج جدة التاريخية إلى حماية وتأهيل مبانيها التراثية، وإجراء الأبحاث والتنقيب عن آثارها، كما يسعى لتحويلها إلى منطقة استثنائية ومستدامة، وجعلها وجهة تراثية وسياحية عالمية، إذ يستغل الفنون والثقافة ليروج للمنطقة كوجهة رائدة ومنارة للثقافة والفنون، مما يعزز فرص التنمية البشرية والاقتصادية.

وتضم جدة التاريخية 14 مجسما فنيا عالميا، أدرجت ضمن المشهد البصري في إطار جهود وزارة الثقافة بالتعاون مع أمانة جدة لإحياء المنطقة، وإبراز هويتها الثقافية، وتمثل هذه المجسمات نتاجا تفاعليا حيا بين الماضي والحاضر، وتجسيدا لمشهد بصري متكامل يجسد روح المدينة وتاريخها العريق.

هذه الأعمال تأتي ضمن مسعى فني لتوظيف المساحات العامة كونها مراكز مفتوحة للفنون متيحة للزوار تجارب حسية
أعمال تأتي ضمن مسعى فني لتوظيف المساحات العامة كونها مراكز مفتوحة للفنون متيحة للزوار تجارب حسية

ومن أبرز المجسمات التي تحتضنها بحيرة الأربعين، عمل الفنان فيكتور فاساريلي بعنوان “وهم المكعب الثاني”، ومجسم “رووج” و”مرونة التوازن” للفنان ألكسندر كالدر، ومجسم “كتلة دائرية” للفنان أرنالدو بومودورو، إلى جانب مجسم “الطائر” لخوان ميرو، ومجسم “إعطاء وتلقي الحب” للفنان لورينزو كوين، الذي يعبر عن القيم الإنسانية من خلال تكوينات نحتية بصرية مؤثرة.

وجاءت هذه الأعمال ضمن مسعى فني لتوظيف المساحات العامة كونها مراكز مفتوحة للفنون، وتتيح للزائر تجربة حسية تتفاعل فيها العراقة المعمارية مع الحداثة الفنية، في مشهد يرسخ جدة التاريخية بصفتها وجهة نابضة بالثقافة.

وأسهمت هذه المجسمات في تشكيل ملامح الهوية البصرية الحديثة لجدة، عبر إدخال عناصر فنية على البيئة الحضرية تعزز من جاذبيتها، وتربطها بثقافة المكان، كما تعد جزءا من تحولات كبرى شهدتها المدينة خلال العقود الماضية، كان للفنون فيها دور محوري في الانتقال من الطابع التقليدي إلى مشهد بصري عالمي.

ويظهر انتشار المجسمات حول ميدان الثقافة المجاور للبحيرة؛ رؤية ترتكز على دمج الفنون في المشهد اليومي للمدينة، وتحويل المناطق التراثية إلى منصات نابضة بالحياة الثقافية والإبداعية.

ويشكل هذا المشروع الفني أحد أوجه التعاون المؤسسي؛ الهادفة إلى جعل جدة التاريخية مركزا للتجارب الثقافية، ووجهة تستقبل الإبداع من مختلف أنحاء العالم، ويعزز من حضور الفنون في تشكيل الهوية الحضرية، ويسهم في رفع مستوى الوعي العام بقيمة الجماليات البصرية ضمن البيئة الحضرية.

وتجسد المجسمات الفنية المنتشرة في جدة التاريخية روح المكان، وتفتح آفاقا جديدة للتعبير الثقافي، وتؤكد أهمية الفنون في إعادة تشكيل المدن على نحو يعكس خصوصيتها التاريخية وتطلعاتها المستقبلية، ضمن رؤية تسهم في تحفيز الحراك الثقافي، وتكريس جدة كونها مدينة ذات بعد إنساني عالمي.

وتأتي خطوة نشر المجسمات الفنية في إطار تصور كامل تسعى من خلاله السعودية إلى الاعتماد على الفنون والصناعات الثقافية كقوة ناعمة تلتقي فيها عراقة الماضي وزخم الحاضر والتطلع إلى المستقبل.

وجدير بالذكر أن برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة انطلق منذ سنة 2018 بأمر ملكي من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود بهدف إدارة وتنمية منطقة جدة التاريخية والحفاظ على تراثها المادي وغير المادي، انطلاقا من أهميتها ومكانتها التاريخية كبوابة للبحر الأحمر، ومركز تجاري عالمي، والمحطة الرئيسية لاستقبال الحجاج والمعتمرين.

وفي 2021 أطلق الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء مشروع إعادة إحياء جدة التاريخية والذي يسعى إلى إحداث نقلة نوعية في جدة التاريخية بتطوير مجالها المعيشي واستثمار عناصرها الثقافية للمساهمة في النمو الاقتصادي وتحقيق مستهدفات رؤية 2030.

Thumbnail
13