متى يتحوّل الإعلام السعودي من ناقل للخبر الاقتصادي إلى مصدر له

يفتقد الإعلام السعودي للكوادر الصحافية المتخصصة في قضايا الاقتصاد والنفط وسط كم كبير من المعلومات غير الدقيقة تبث عبر وسائل إعلام عربية وغربية عن الاقتصاد السعودي، إضافة إلى الحاجة الملحة لتحول الإعلام السعودي من ناقل للخبر الاقتصادي إلى مصدر له من خلال المعلومات الموثوقة من الجانب السعودي.
الرياض- تأخر النقاش حول أهمية إعداد كادر صحافي متخصص في الاقتصاد والنفط داخل المؤسسات الإعلامية السعودية، وأصبح ضرورة ملحة مع انتشار رسائل إعلامية مضللة وغير صحيحة عن الاقتصاد النفطي في السعودية والخليج وازديادها في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية المرتبطة بجائحة كورونا.
وحمل الدكتور محمد سرور الصبان الجهات والمؤسسات الإعلامية السعودية مسؤولية غياب الإعلامي والصحافي النفطي عن الساحة الإعلامية.
وأكد الصبان خلال ندوة نظمتها هيئة الصحافيين السعوديين بمكة المكرمة بعنوان “الإعلام السعودي والاقتصاد النفطي”، أن “الوقت مهم الآن لتدريب وتنمية قدرات الإعلامي النفطي المتخصص”.
ويفترض أن تترافق الاستراتيجية البترولية السعودية مع أدوات إعلامية قوية لتوضيح السياسة السعودية بهذا الخصوص في أسواق النفط واللاعبين الكبار فيها، ليكون الإعلام السعودي مصدرا للخبر عوضا أن يكون مجرد ناقل له، حيث يشيع مصطلح “البتروفوبيا” في بعض وسائل الإعلام الغربية وتلقفته وسائل إعلام عربية معروفة بتوجهها ضد السعودية.
ويتعلق الأمر بتقديم محتوى المادة الإعلامية المقدمة، التي تتضمن بيانات وأخبارا وتحليلات ذات طبيعة اقتصادية ومالية، منها ما هو على شكل تقارير مالية (مثل قائمة الدخل والمركز المالي للشركات، وكذلك الموازنة العامة)، ومنها ما يتعلق بتقارير الأداء الاقتصادي والمالي للأسواق المالية وأسواق السلع كالبترول والذهب وغيرها، إضافة إلى التعرض للمتغيرات الاقتصادية العامة كالأزمات المالية وأسبابها وتداعياتها.
ويؤكد خبراء الإعلام أن تأثير الصحافة الاقتصادية ينعكس على حركة التجارة والاستثمار وهو ما يفرض تأهيل الصحافيين بشكل احترافي ووضع معايير لممارسة المهنة نظرا إلى حساسية دورهم الشديد في التعبير عن الوضع الاقتصادي وعكس صورة السعودية دوليا من جهة، وتوفير المعلومات بشأن أسواق المال والنفط السعودية من مصادرها الموثوقة وبطريقة احترافية تضع حدا للشائعات والمعلومات المغلوطة في وسائل الإعلام.ونفى الصبان ادعاءات بعض وسائل الإعلام العربية والغربية المغرضة والتي تبث رسائل إعلامية مضللة وغير صحيحة عن الاقتصاد النفطي وحذر منها وحث الإعلاميين السعوديين بالبحث عن المعلومات الصحيحة من مصادرها المعتمدة ومنوها بقوة ومكامن الاقتصاد السعودي النفطي عالميا واستعرض كافة التحديات المستقبلية التي تواجه الاقتصاد النفطي.
واستبعد الصبان المستشار النفطي الدولي، حدوث حرب لأسعار النفط بين السعودية وروسيا كما تروج له بعض وسائل الإعلام الدولي لتتم الاستفادة من فرق الأسعار من قبل المضاربين في ظل التحالف القوي بين الدولتين، والتزام روسيا الكامل بتخفيضاتها الإنتاجية، والأضرار الكبيرة التي تعود على جميع الأطراف.
وتواجه الصحافة الاقتصادية السعودية عدة تحديات من أهمها تحويل المعلومات المتعلقة بالنفط والطاقة عموما من معلومات للنخبة والمتخصصين إلى مصطلحات بسيطة تصل إلى جميع فئات المجتمع من غير المتخصصين في الشأن الاقتصادي بشكل يتناسب مع متطلبات الفترة المقبلة، ورؤية 2030 في ما يتعلق بإشراك المواطن في عجلة التنمية والتطور.
ويضمن نشر الثقافة الإعلامية الاقتصادية والنفطية في المجتمع سد الثغرات التي تستغلها بعض وسائل الإعلام في تضليل الرأي العام المحلي والإقليمي حول المواقف السعودية وخططها للحفاظ على توازن واستقرار أسواق البترول العالمية.
ويشير مختصون إلى ضرورة التركيز على الجوانب الإيجابية والحلول في تناول قضايا الشأن الاقتصادي مثلما يتم تناول السلبيات في الأزمات والتركيز على الإبداع في التناول والحلول المطروحة للمشكلات وليست المشكلات بذاتها.
نشر الثقافة الإعلامية الاقتصادية يضمن سد الثغرات التي تستغلها بعض وسائل الإعلام في تضليل الرأي العام
ومن خلال منشئي المادة الإعلامية تأتي الأهمية الأكبر والقيمة المضافة، مع الحذر في بعض المسائل لأن الكتابة أو التعليق أو التحليل بحاجة إلى تحقيق متطلبات علمية واطلاع متخصص في العلوم المالية والاقتصادية وليس فقط قدرات إعلامية، وذلك بسبب تعقيد الأحداث الاقتصادية على مستوى الشركات والأسواق والدول، والتي تحتاج دراسة علمية متخصصة.
ويؤكد خبراء إعلام على أهمية التخصص في إنشاء وتقديم المحتوى الإعلامي الاقتصادي بما يحقق الفائدة المعرفية وتوعية المجتمع بالأحداث الاقتصادية وحقيقة تأثيرها دون مبالغات أو تناول سطحي، فالثقافة العامة وسعة الاطلاع، وحتى مجرد المتابعة الحثيثة لسوق ما لا تعطي لصاحبها القدرة على التحليل والتفسير أو التنبؤ الاقتصادي وتقديم الاستشارات والنصائح الاستثمارية في المحتوى الإعلامي.
لذلك فإن تطوير الإعلام الاقتصادي وتأهيل الكوادر المختصة مسألة حتمية ستكون أكثر إلحاحا خصوصا مع التضليل الإعلامي الذي استهدف مؤخرا جهود السعودية عالميا في استقرار أسواق النفط. ولا بد من وجود أقلام متخصصة للرد بالحجة والبراهين على الأخطاء التي يقع فيها هذا الإعلام بشكل علمي.