متمردون أكراد يتأهبون لهجمات إيرانية جديدة في شمال العراق

أربيل - يتفقد متمردون أكراد إيرانيون في أحد مقارهم الذي انهار جزء من سقفه ودمرت قذيفة أحد جدرانه متنقلين بين حطام زجاج متناثر، الأضرار التي خلفتها “صواريخ النظام” الإيراني، بانتظار ضربات أخرى.
ويبدو الحصن القديم المعروف باسم “القلعة” والعائد إلى عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، مستوحى من رواية مغامرات.
وأقام الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني مقره في هذا الحصن الواقع على سفح تلة قرب بلدة كويسنجق التي يطلق عليها اسم كويا باللغة الكردية. وتقع هذه البلدة في إقليم كردستان العراق حيث استقرت الحركة الإيرانية المعارضة في العام 1993.
للجماعات الكردية الإيرانية المعارضة وبينها الحزب الديمقراطي، وجود في كردستان العراق منذ ثمانينات القرن الماضي
وتحول هذا المقر في الفترة الأخيرة إلى هدف لصواريخ وطائرات مسيرة إيرانية. ويقول كريم فرخبور أحد قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني إن “النظام الإيراني قصفنا ثلاث مرات في أقل من شهرين”، مشيرا إلى فقدان حزبه 12 من عناصره وإصابة 20 آخرين بجروح.
وأخلى عناصر الحزب المقر الذي تعرضت أجزاء منه للدمار، بعد الضربات الأخيرة قبل نحو أسبوع.
وتتدلى أسلاك كهربائية من سقف مكتبة فيما تناثرت الرفوف على الأرض. وفي غرفة أخرى، يتسلل فرخبور بين الأنقاض محاولا الوصول إلى علم كردي نجا من القصف.
ويؤكد فرخبور “نظام طهران سيستهدفنا مجددا، سترون لم ينته ذلك”. وليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها الحرس الثوري الإيراني شن ضربات ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.
لكن الضربات الأخيرة التي استهدفت كذلك مجموعات أخرى من المعارضة الكردية الإيرانية في شمال العراق، تتزامن مع الأوضاع السياسية المضطربة التي تعيشها إيران.
وتصف إيران هذه الجماعات بأنها “إرهابية”، متهمة إياها بـ”تهريب أسلحة” من العراق والمساهمة في تأجيج التظاهرات التي تشهدها إيران منذ السادس عشر من سبتمبر إثر وفاة الإيرانية الكردية مهسا أميني بعدما أوقفتها شرطة الأخلاق لعدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.
لكن مصطفى مولودي القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المتواجد في كويسنجق، يعتبر ذلك “خطأ”.
ويقول “ليس هناك دليل على أننا هربنا أسلحة إلى إيران”، ويتابع “إنها كذبة يطلقها النظام ليخفي الحقيقة على الناس، الإرهابي الحقيقي هو النظام”.
وللجماعات الكردية الإيرانية المعارضة وبينها الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وتنظيم “كومله” القومي الكردي الإيراني، وجود في كردستان العراق منذ ثمانينات القرن الماضي خلال الحرب العراقية – الإيرانية، بمباركة نظام صدام حسين، لكنها لطالما كانت في مرمى السلطات الإيرانية.
ويوضح فرخبور، الذي يدين التمييز الذي تتعرض له الأقلية الكردية في إيران (نحو 10 ملايين كردي من أصل 83 مليون نسمة) “نحن علمانيون ونناضل من أجل حقوق المرأة”.
ويفيد محللون أن الأنشطة العسكرية لهذه الجماعات تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة إلا أنها لا تزال تنشط من الخارج.
ويشدد فرخبور على أن حزبه يناضل من أجل “إيران فيدرالية” تقام فيها محافظة كردية تملك صلاحية اتخاذ قرارات على المستوى المحلي وتتمتع بحكم ذاتي واسع.
ويتبع الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني نظاما تراتبيا صارما. فطلب من مراسلي وكالة فرانس برس خلال زيارة لمواقع الحركة في كويسنجق التقيد ببرنامج رسمي وضعه قياديو الحزب.
وتؤكد الناشطة شاونم هامزي البالغة 36 عاما، وتعيش في كويسنجق مع والديها “نحن أحرار” في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.
وتوضح هذه الشابة أنها كانت تعيش لسنين طويلة قبل الهجوم الأخير، في مخيم يضم 200 عائلة أخرى تقطن في منازل خرسانية من طابق واحد، يبعد حوالي 500 متر عن قلعة الحزب ما يجعله مهددا بالضربات الإيرانية.
وتروي هامزي أن الهجمات الأخيرة “كانت أشد بكثير من الهجمات السابقة، الأطفال والعائلات كانوا خائفين جدا، نحن الآن نعيش في خوف عميق”.
وعلى غرار باقي السكان، اضطرت شاونم إلى ترك منزلها والتنقل من منزل إلى آخر.
وتقول هذه المرأة الكردية الإيرانية التي تتعاطف بقوة مع حركة الاحتجاجات في إيران “إذا حاول النظام إيقافنا ولو مؤقتا، فإن التظاهرات ستنطلق من جديد، لأنها في قلوبنا”، مؤكدة بنبرة قوية أن “المتظاهرين لن يذعنوا أبدا لقواعد هذا النظام” في إيران.