متاجر التجزئة تدفع ضريبة التوتر في البحر الأحمر

عمليات التوريد والتجارة تعاني تبعات تجنب ممر قناة السويس مع تنامي التأخيرات والتكاليف الإضافية.
السبت 2023/12/30
تغير سريع للأسعار

تسللت تداعيات ما يحصل على طريق التجارة عبر البحر الأحمر، وما خلفته توتراته من ندوب عميقة على صناعة الشحن، إلى قطاع متاجر التجزئة التي وجد مسؤولوها أنفسهم يصارعون للحفاظ على نشاط شركاتهم في ظل التأخيرات والتكاليف الإضافية.

لندن - تسارع الكثير من الشركات المتخصصة في تصنيع الغذاء والأثاث والألعاب، التي تزود متاجر التجزئة حول العالم، إلى تغيير مسار تلك البضائع بعيدا عن البحر الأحمر وقناة السويس بسبب هجمات الحوثيين.

وتقول مصادر في قطاع اللوجستيات إن شركات توريد لمتاجر كبرى شهيرة، مثل شركة الأثاث السويدية العملاقة إيكيا وهوم ديبوت الأميركية المتخصصة في تحسين المنازل وعملاق التجارة الإلكترونية أمازون وكيانات تجزئة أخرى في العالم، تقوم بنفس الشيء.

تأتي هذه المعضلة الجديدة في وقت تعاني فيه الشركات من تبعات أكبر تعطل لحركة الشحن البحري منذ الفوضى التي أحدثتها أزمة جائحة كورونا في سلاسل الإمداد العالمية.

وتبرز شركة بيزك فن الأميركية للألعاب، التي خصصت فريقيا يشرف على شحنات بحرية لمتاجر تجزئة عملاقة مثل وولمارت، كإحدى ضحايا ما يحصل.

جاي فورمان: وصول البضائع سيستغرق وقتا أطول وسيتطلب كلفة أبهظ
جاي فورمان: وصول البضائع سيستغرق وقتا أطول وسيتطلب كلفة أبهظ

وقال جاي فورمان الرئيس التنفيذي لبيزك فن، ومقرها فلوريدا، في مقابلة عبر الهاتف مع رويترز الجمعة من مكتبه في هونغ كونغ “إن الشركة عادة تشحن المنتجات المتجهة إلى أوروبا من مصانعها في الصين عبر قناة السويس وهي الطريق الأسرع للنقل بين المنطقتين”.

ويرتبط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عن طريق قناة السويس المصرية، مما يشكل أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا، حيث تمر قرابة 12 في المئة من حركة الشحن العالمية عبر القناة.

ويستخدم نحو ثلث بضائع سفن الشحن العالمية هذا الطريق التجاري، ومن المتوقع أن يضيف تحويل مسار السفن حول الطرف الجنوبي للقارة الأفريقية ما يصل إلى مليون دولار أخرى للوقود لكل رحلة ذهابا وإيابا بين آسيا وشمال أوروبا.

وتنفذ جماعة الحوثي هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ في البحر الأحمر انطلاقا من اليمن لإظهار الدعم لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تقاتل إسرائيل في قطاع غزة، وهي هجمات قلبت خطط الشحن العالمية رأسا على عقب.

وجراء ذلك يعمل فريق بيزك فن الآن خلال أيام العطلة لإرسال ألعاب من الصين إلى موانئ في بريطانيا وروتردام عبر الطريق الأطول وهو طريق رأس الرجاء الصالح.

كما غيرت الشركة مسار بعض البضائع المتجهة إلى موانئ على الساحل الشرقي للولايات المتحدة من قناة السويس إلى قناة بنما، المتضررة أصلا من موجة جفاف أبطأت حركة الشحن فيها.

وحولت بيزك فن مسار شحنات أخرى متجهة إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة عبر الطريق المباشر الذي يقطع المحيط الهادئ.

مايكل ألدويل: لا يمكنك أن تعيد ترتيب مسار الشحن العالمي في لحظة
مايكل ألدويل: لا يمكنك أن تعيد ترتيب مسار الشحن العالمي في لحظة

وقال فورمان “سيستغرق الأمر وقتا أطول وسيتطلب كلفة أبهظ”، مشيرا إلى أن كلفة الشحن لبعض السلع من الصين إلى بريطانيا زادت لأكثر من المثل إلى نحو 4400 دولار للحاوية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في أكتوبر الماضي.

ولا يزال وضع قناة السويس سريع التغير وتسعى شركات شحن كبرى مثل هاباغ لويد الألمانية وميرسك الدنماركية وسي.أم.أي-سي.جي.إم لاستئناف العبور في القناة بمرافقة عسكرية في البحر الأحمر.

وقال متحدث باسم هاباغ لويد لشحن الحاويات لرويترز الجمعة إن الشركة “قررت مواصلة تحويل مسار سفنها حول قناة السويس لأسباب أمنية”، مضيفا أنه “سيتم إجراء التقييم التالي في الثاني من يناير المقبل”.

وتوقفت شركات الشحن العملاقة بما في ذلك هاباغ لويد وميرسك في وقت سابق من هذا الشهر عن استخدام طرق البحر الأحمر وقناة السويس بعد أن بدأت جماعة الحوثي اليمنية المسلحة في استهداف السفن، مما أدى إلى تعطيل التجارة العالمية.

وبدلا من ذلك قامت بتغيير مسار السفن حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح لتجنب الهجمات وفرضت رسوما إضافية على الزبائن وإضافة أيام أو أسابيع إلى الوقت الذي يستغرقه نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا وإلى الساحل الشرقي لأميركا الشمالية.

وتخطط ميرسك لإبحار كل سفن الحاويات تقريبا التي تسافر بين آسيا وأوروبا عبر قناة السويس من الآن فصاعدا، بينما تحول عدد قليل فقط من السفن إلى الإبحار حول أفريقيا، وفقا لما أظهره جدول أعمال المجموعة الذي نشرته رويترز الخميس.

ويرى مايكل ألدويل، نائب الرئيس التنفيذي لشركة كينا آند نايجل السويسرية للوجستيات الشحن البحري، أن أكبر تأثير للأمر سيتكشف على مدى الأسابيع الستة المقبلة. وقال “لا يمكنك أن تعيد ترتيب الشحن العالمي في لحظة”.

وتوقع ألدويل أن تتسبب عمليات تحويل المسار في نقص مساحات تحميل السفن المطلوبة ووجود حاويات شحن فارغة مطلوبة للصادرات من الصين عالقة في المواقع الخطأ وارتفاع مؤشرات سعر النقل في الأجل القصير ارتفاعا حادا.

Thumbnail

وَوِفقا لتقديرات منصة الشحن زينتا تبلغ كلفة شحن حاوية بسعة وحدة مكافئة لأربعين قدما من الشرق الأقصى إلى البحر المتوسط “بعد التصعيد” في المنطقة 2320 دولارا مقابل 1865 دولارا في أوائل ديسمبر الجاري.

وبلغت كلفة شحن حاوية من الصين إلى بريطانيا “بعد التصعيد” 1625 دولارا مقابل 1425 دولارا للحاوية قبل ذلك.

وقال بيتر ساند كبير المحللين في زينتا إن تلك الأسعار لا تشمل ارتفاع رسوم المخاطر “الاستثنائية”، وكذلك لا تشمل “استرداد الكلفة في حالات الطوارئ” التي قد تتراوح بين 400 دولار وألفي دولار للحاوية.

وتظهر بيانات كينا آند نايجل أنه حتى الأربعاء الماضي تم تحويل مسار ما يقرب من 20 في المئة من أسطول سفن الحاويات العالمي، أي نحو 364 ناقلة حاويات ضخمة قادرة على حمل ما يزيد قليلا عن 2.5 مليون حاوية، بسبب هجمات البحر الأحمر.

وأكدت شركتا ميتسوي أو.أس.كي لاينز ونيبون يوسن، وهما أكبر شركتي شحن يابانيتين، أن سفنهما التي تتعامل مع إسرائيل تتجنب منطقة البحر الأحمر وأنهما تواصلان مراقبة الموقف عن كثب لاتخاذ قرار بشأن الخطوات المقبلة.

10