مبيعات الغاز القطري تواجه عثرة اشتداد المنافسة

المشترون الآسيويون يميلون إلى الإمدادات الأميركية والإماراتية والعمانية لشروطها المرنة.
الثلاثاء 2024/10/22
السوق محدد لاتجاه معركة الحصص

تصطدم قطر بصعوبات في الاتفاق على صفقات جديدة لتوريد الغاز إلى الدول الآسيوية الرئيسية مع تزايد المنافسة من الولايات المتحدة وأماكن أخرى في منطقة الخليج مع شروط تعاقد أكثر مرونة، مما يتحدى هيمنة الدوحة على السوق والتي استمرت لعقود.

الدوحة- يبدي المشترون للغاز الطبيعي من آسيا تفضيلهم للإمدادات من الولايات المتحدة والإمارات وسلطنة عمان بدل قطر التي كانت ذات يوم أكبر مورد للغاز إلى اليابان وكوريا الجنوبية، بسبب شروطها الصعبة.

ويقدم كل هؤلاء الموردون عقودا أقصر أجلا، وعلى عكس الدوحة لا تقيد الوجهة النهائية للشحنات. ويمنح هذا المشترين المرونة لبيع الشحنات في أماكن أخرى بعد ذلك عندما لا يكونون في حاجة إليها.

وأكدت مصادر لوكالة رويترز أن إصرار قطر على بنود خاصة بوجهات الشحنات عرقل مفاوضاتها مع مشترين في اليابان وكوريا الجنوبية.

وقال مصدر تجاري كبير “يحاول القطريون تحقيق الكثير عبر كيفية بيع الغاز، من حيث الاحتفاظ بالسيطرة على السوق، في حين أن (آخرين مثل) أدنوك وسلطنة عُمان سعداء نوعا ما بمجرد الحصول على سعر جيد”. وأضاف “تستغل شركة أدنوك الإماراتية الوضع الحالي، وهو أن المشترين يرغبون في تنويع المصادر”.

آن صوفي كوربو: أحد الخيارات المتاحة لقطر البيع في السوق الفورية
آن صوفي كوربو: أحد الخيارات المتاحة لقطر البيع في السوق الفورية

وإذا لم توقّع شركة قطر للطاقة المملوكة للدولة اتفاقيات جديدة مع اليابان وكوريا الجنوبية، ثاني وثالث أكبر مستوردي الغاز في العالم بعد الصين، فسيزداد دور الدوحة تضاؤلا بعدما أطاحت بها الولايات المتحدة من صدارة الموردين عالميا في 2023.

وتنتهي مدة صفقة قطر الكبرى لتوريد 4.92 مليون طن سنويا لشركة غاز كوريا هذا العام. وأظهرت بيانات رسمية أن صفقة توريد أخرى تبلغ 2.1 مليون طن سنويا يحل أجلها في 2026. وتقول قطر للطاقة إنها لا تدلي بتعليقات بشأن تكهنات السوق.

ويشهد الطلب على الغاز في اليابان تراجعا بسبب إعادة تشغيل المفاعلات النووية والاستفادة من مصادر الطاقة البديلة وتباطؤ الاقتصاد. وتظهر بيانات الجمارك أن الواردات انخفضت إلى 66 مليون طن في 2023، من 83 طنا في 2018.

وانخفضت حصة قطر في السوق اليابانية إلى 4 في المئة العام الماضي من 12 في المئة في 2018. وفي الوقت نفسه، ارتفعت حصة الولايات المتحدة في اليابان إلى 8 المئة من 3 في المئة خلال الفترة ذاتها.

وأظهرت بيانات من شركة الاستشارات إنيرجي أسبكتس أن حصة قطر في سوق كوريا الجنوبية انخفضت إلى 19 في المئة خلال 2023 من 32 في المئة في 2018. في المقابل ارتفعت حصة أستراليا إلى 24 في المئة من 19 في المئة وزيادة حصة ماليزيا إلى 13 في المئة من 8 في المئة خلال الفترة نفسها.

واشتدت المنافسة بين قطر والولايات المتحدة في أعقاب قرار أوروبا تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، والذي كانت تستورده القارة عبر خطوط أنابيب، بعد غزو موسكو لأوكرانيا.

وملأ المصدرون الأميركيون معظم الفراغ الذي حدث بسبب تراجع الإمدادات الروسية، متجاوزين قطر لتعزيز مكانتهم في صدارة قائمة مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم في 2023.

وقالت آن صوفي كوربو الباحثة في مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا إنه “في غياب المشترين ذوي الملاءة المالية الذين يمكنهم توقيع عقود كبيرة وطويلة الأجل بشروط قطر، فإن أحد الخيارات المتاحة لها قد يكون بيع المزيد في السوق الفورية”.

وأضافت “يجري حاليا تداول نحو 39 في المئة (من الإمدادات العالمية في) السوق الفورية وقصيرة الأجل، لكن بإمكان قطر أن تصل بتلك النسبة إلى 60 في المئة إذا أجرت تغييرات. والسؤال هو: هل يريدون ذلك؟”.

ولتحقيق عائدات مستقرة، تفضل قطر العقود طويلة الأجل التي تصل إلى 27 عاما، وهو العمر الافتراضي الحالي لمشروع توسعة حقل الشمال، وعادة ما تربط العقود بسعر النفط.

أما البائعون الأميركيون وأدنوك وعُمان فيقدمون عموما اتفاقيات الغاز على أساس التسليم على ظهر السفينة، مما يسمح للمشترين بإعادة بيع الشحنات. وعادة ما يجري ربط العقود بأسعار الغاز الطبيعي الأميركية وفقا لمؤشر هنري هب، والتي تكون أرخص من العقود المربوطة بالنفط.

ويشير أحد المصادر إلى أن نقطة خلاف أخرى بالنسبة إلى اليابان تتمثل في إصرار قطر للطاقة على أن يوقع المشترون عقودا بما لا يقل عن مليون طن سنويا لمدد تتراوح بين 10 و15 عاما.

ولن تكون هذه الشروط مناسبة لليابان في ظل الضبابية التي تكتنف آفاق احتياجاتها من الغاز على المدى الطويل بسبب إعادة تشغيل محطات للطاقة النووية وإنتاج الطاقة البديلة، مما يجعل من الصعب على المشترين الالتزام بصفقات غاز طويلة إذ انخفض الطلب.

يوميكو ياو: سنشتري من قطر في حال مرونة العقود والتوقيتات
يوميكو ياو: سنشتري من قطر في حال مرونة العقود والتوقيتات

ويؤكد المصدر أن قطر أظهرت بعض المرونة في المفاوضات، حيث عرضت شحنات أصغر بسعر أقل يبلغ 13 في المئة من سعر برميل النفط لكل مليون وحدة حرارية بريطانية للعقود التي تبدأ في 2028. ولم تجدد شركة جيرا اليابانية اتفاقية توريد 5.5 مليون طن سنويا مع قطر عندما حل أجلها في 2021.

وقال مسؤول حكومي ياباني “بالنسبة إلى المشترين التقيد ببند الوجهة قد يشكل صعوبة، لاسيما عندما ينخفض الطلب، مما سيدفعهم إلى البحث عن مشترين محليين”. وأوضح لرويترز، التي لم تذكر هويته، أنه بالمقارنة مع الدول الأخرى المنتجة للغاز، فإن هذا يضع قطر في وضع غير تنافسي.

وقالت يوميكو ياو المديرة العامة لشركة طوكيو للغاز، وهي أكبر مزود بالبلاد، إن “الشركة قد تشتري من قطر في حالة ملاءمة العوامل الاقتصادية ومرونة العقود والتوقيتات”. وأضافت “ستحدد هذه العوامل قرارات الشراء في المستقبل”.

وفي كوريا، تنتهي صفقة توريد 4.92 مليون طن سنويا لقطر مع شركة كوريا للغاز (كوغاس) هذا العام. وتنتهي صفقة توريد أخرى تبلغ 2.1 مليون طن سنويا في 2026.

وتعمل قطر للطاقة على توقيع اتفاقيات لتزويد مشترين أوروبيين وآسيويين بإمدادات جديدة من الغاز من خلال توسعة حقل الشمال التي ستعزز إنتاجها الإجمالي بما يعادل 85 في المئة.

ويرى الرئيس التنفيذي سعد الكعبي مستقبلا مشرقا للغاز الطبيعي المسال على مدى 50 عاما على الأقل، لاسيما في آسيا. وبين 2022 و2023، وافقت قطر للطاقة على سلسلة من الاتفاقيات مدتها 27 عاما لتزويد مشترين صينيين بالغاز من حقل الشمال.

ووقّعت تايوان والكويت اتفاقيات لشراء الغاز منذ أن أعلنت قطر عن التوسعة الأحدث للحقل، لكن الشركة لم تنفذ سوى عمليات بيع قليلة.

وتشير تقديرات محللين إلى أن قطر لم تتعاقد حتى الآن على بيع ما يعادل 48 في المئة من إجمالي إنتاج حقل الشمال ومشروع تابع لها في الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه أبرمت أدنوك وسلطنة عمان اتفاقيات طويلة الأجل مع مشترين من اليابان والصين والهند.

10