مبعوث من تبون إلى قيس سعيد: الجزائر تسعى لتطويق الإحباط التونسي

الجزائر- استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد السبت بقصر قرطاج وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة الذي جاء إلى تونس حاملا رسالة من الرئيس عبدالمجيد تبون إلى نظيره التونسي، بعد أيام من غياب الرئيس الجزائري عن القمة الفرنكفونية التي احتضنتها تونس.
وقالت أوساط سياسية تونسية إن وصول المبعوث الجزائري إلى تونس بعد أيام من انقضاء قمة الفرنكفونية يهدف إلى تطويق الإحباط التونسي من المواقف الجزائرية المتضاربة تجاه تونس، وخاصة غياب تبون عن قمة الفرنكفونية التي احتضنتها مدينة جربة، وهو يعرف أهمية هذه القمة بالنسبة إلى قيس سعيد وسعيه لتوسيع علاقات بلاده أكثر ما يمكن.
◘ تبون حضر افتتاح مونديال قطر، وهو مناسبة غير رسمية وغاب عن قمة الفرنكفونية التي يهتم قيس سعيد بنجاحها
وأضافت هذه الأوساط أن تبون فضّل الذهاب إلى افتتاح مونديال قطر، وهو مناسبة غير رسمية فيما القمة الفرنكفونية مناسبة رسمية، وهي كما تهم قيس سعيد فهي تهم تبون كونه رئيسا لأحد أبرز الدول الناطقة بالفرنسية.
وبدا أن ذهاب تبون إلى افتتاح المونديال كان نوعا من المكافأة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي حضر إلى القمة العربية في الجزائر بعد أن غاب عنها أبرز قادة الخليج الآخرين. كما أن قطر مستثمر مهم في الجزائر، ولا يتوقف الشيخ تميم في كل زيارة إلى الجزائر على الإعلان عن مشاريع جديدة، وهذا ما جعل الرئيس الجزائري يحضر افتتاح المونديال كمشاركة رمزية في إسناد قطر ودعمها في المونديال.
في المقابل، لا تحتاج الجزائر إلى تونس، ولا يحتاج تبون إلى رد الجميل إلى قيس سعيد، الذي سبق أن زار الجزائر في زيارة رسمية، ثم حضر إليها للمشاركة في القمة العربية. كما عرّض علاقات بلاده مع المغرب إلى توتر باستقباله لزعيم بوليساريو إبراهيم غالي خلال القمة الأفريقية – اليابانية التي احتضنتها تونس.
وتشير الأوساط السابقة إلى أن تونس التي تقترب أكثر فأكثر من الجزائر لم تحصل بعد على ما تريده من دعم، خاصة أن الوعود الجزائرية كبيرة وواسعة، لكنها مازالت معلقة بالرغم من الإعلان عنها مرارا على ألسنة المسؤولين التونسيين.
وفي نوفمبر الماضي، قال المتحدث باسم الحكومة التونسية نصرالدين النصيبي إن الجزائر التي تعتمد عليها تونس في الحصول على الغاز والكهرباء لن تدخل لعبة الأسعار والتوريدات مع بلاده، وإن تونس لا تشعر بأيّ قلق في ما يتعلق بالحصول على ما تحتاجه من جارتها الغربية.
وقال النصيبي إن تونس ستكون لها أولوية الحصول على الغاز من جارتها الجزائر هذا الشتاء.
وأضاف “تونس لديها أولوية التزود من قبل الجارة الجزائر، كما أن المسألة ليست مرتبطة بالأسعار، وليس لدينا أيّ مشكل في التزود بالغاز”.
وجاءت تصريحات النصيبي المتفائلة بعد تصريحات من الرئيس الجزائري أكد فيها الوقوف إلى جانب تونس والحرص على مواصلة مساندتها والوقوف إلى جانبها. جاء ذلك خلال لقائه مع الرئيس التونسي على هامش القمة العربية.
وقال تبّون خلال لقائه قيس سعيّد إن “الجزائر حريصة على مواصلة مساندة تونس والوقوف إلى جانبها ودعم مواقفها”.
وأضاف أن الجزائر “متمسكة بالشراكة الإستراتيجية القائمة بين البلدين، لاسيما في ظلّ التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة والتحولات العالمية المتسارعة”.
وقالت صفحة الرئاسة التونسية على فيسبوك إن المحادثة بين الرئيس التونسي ووزير الخارجية الجزائري قد تطرقت إلى الروابط الأخوية الوطيدة القائمة بين تونس والجزائر والحرص المشترك على مزيد تدعيمها وفتح آفاق واعدة للتعاون وفق رؤى وتصورات جديدة، فضلا عن تعميق الحوار وتكريس سنّة التشاور المتواصل والتنسيق المستمر.
كما مثل هذا اللقاء، وفق الموقع نفسه، مناسبة لمتابعة مخرجات القمة العربية الأخيرة المنعقدة في الجزائر، ولاستعراض جملة من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتستغل الجزائر الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها تونس كورقة ضغط لجلب قيس سعيد إلى صفها في القضايا الإقليمية، لكن من دون أن تظهر أيّ رغبة في تطوير العلاقات. لكن يبقى الموقف من القمة الفرنكفونية مشكلة تحتاج إلى تفسير جزائري رسمي، وربما كانت الرسالة التي حملها لعمامرة تحمل هذا التفسير.
وغابت الجزائر عن قمة الفرنكفونية، التي عقدت في جزيرة جربة التونسية في 19 و20 نوفمبر الجاري، ولو بتمثيل متواضع، بعدما دأبت في عهد بوتفليقة (1999 – 2019)، على المشاركة بوصفها ضيفا خاصا، أو عضوا مراقبا منذ 2002.
وقمة جربة، هي الأولى لمنظمة الدول الفرنكفونية في عهد الرئيس تبون (منذ نهاية 2019)، حيث كانت مقررة في 2020، لتؤجل مرتين بسبب وباء كورونا، حيث تعقد كل سنتين.
وكان بوتفليقة، في 2002، متحمسا لضم الجزائر إلى منظمة الدول الفرنكفونية، وقال حينها إن بلاده تتجه “بهدوء ولكن بالتأكيد” للانضمام إلى هذه المنظمة.
وأحد مؤشرات غياب تبون عن قمة تونس أن البيان الختامي للقمة العربية في الجزائر، التي عقدت في الأول والثاني من نوفمبر الجاري، لم يتضمن أيّ دعم لتونس لاحتضانها قمة الفرنكفونية، على عكس دعمها لقمم وتظاهرات دولية في عدد من الدول العربية مثل مصر وقطر.