مبادرة فرنسية لرصّ الصفوف خلف منظمة الصحة العالمية

مساع فرنسية لإقناع الحكومات بتأسيس مجلس أعلى يشمل كبار الخبراء الدوليين لدعم عمل المنظمة.
الثلاثاء 2020/04/21
اتباع البيانات «الخاطئة» حوّل مسار الأزمة

كثفت فرنسا من تحركاتها لرصّ الصفوف خلف منظمة الصحة العالمية لمواجهة أخطر وباء تواجهه حكومات الدول منذ عقود عبر تقديم مقترح، يقول مراقبون إنه يهدف إلى استمالة الولايات المتحدة، التي قررت الانسحاب من هذا الكيان التابع للأمم المتحدة.

باريس – اعتبر دبلوماسيون غربيون أن مقترح فرنسا لدعم منظمة الصحة العالمية “المغضوب عليها” من قبل عدة دول أبرزها الولايات المتحدة، سيصبّ في خانة دعم الجهود العالمية لمكافة وباء فايروس كورونا المستجد.

وفي مسعى لرصّ الصفوف، اقترحت فرنسا تشكيل مجموعة من الخبراء الدوليين، على غرار الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لدعم منظمة الصحة العالمية، التي تتهمها واشنطن بسوء إدارة أزمة وباء كوفيد – 19.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في مقابلة مع صحيفة لوموند المحلية واسعة الانتشار، نشرت الاثنين إنه “يجب منح منظمة الصحة العالمية الوسائل الكفيلة بتحسين معايير مهمتها، وكذلك الأمر بالنسبة لقدرتها على التحذير والتقصي”.

ومن الواضح أن باريس تعمل على رأب الصدع بين الولايات المتحدة والمنظمة عبر إقناع حكومات الدول على الإسراع في تأسيس مجلس استشاري عالمي يضم كبار الخبراء في هذا المجال يقدم خططا استباقية لأي أزمة صحية محتملة قد تعترض العالم مستقبلا.

وأضاف “سيكون من المرغوب به في الوقت الحالي إنشاء مجلس أعلى للصحة البشرية والحيوانية، على غرار نموذج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، مهمته توفير المعرفة العلمية على أساس عمل خبراء معترف بهم”.

والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، التي أنشئت في عام 1988، هي منظمة مفتوحة لجميع البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة. وتضم حاليا 195 دولة.

وتقدم هذه الهيئة تقارير تقيم فيها الحالة المعرفية حول تغير المناخ ومدى الاحتباس الحراري، كما أنها طرف مهم في المفاوضات الدولية حول المناخ.

جان إيف لودريان: يجب منح المنظمة كافة الوسائل لتحسين معايير مهمتها
جان إيف لودريان: يجب منح المنظمة كافة الوسائل لتحسين معايير مهمتها

ويتكون مكتبها التنفيذي من علماء منتخبين يبلغ عددهم حاليا 36 لدورة مدتها من خمس إلى سبع سنوات، وهي المدة المساوية لإعداد تقرير التقييم.

وأشار لودريان إلى أن “الصعوبة الأخرى التي تواجه المنظمة تتمثل في التنسيق بين المبادرات والجهات الفاعلة في الصحة العالمية، وهي الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا، التحالف بشأن اللقاحات، والمرفق الدولي لشراء الأدوية (يونيتيد)”.

وعلقت الولايات المتحدة مساهمتها المالية في منظمة الصحة العالمية بسبب ما وصفته بـ”سوء إدارتها” للأزمة الصحية الناجمة عن فايروس كورونا المستجد، وتقربها من الصين التي ظهر فيها الوباء.

ووجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي ضربة للجهود العالمية في مواجهة الوباء بعد قراره تجميد تمويل المنظمة، ما أثار انتقادات من قادة العالم الذين دعوا إلى التضامن في وجه أزمة كبيرة تسبب بها الوباء.

وبرر ترامب تعليق المساهمة المالية الأميركية في منظّمة الصحة العالمية، بطريقة تعاملها مع فايروس كورونا والتغطية على انتشاره.

ويعني تعليق التمويل الأميركي حرمان المنظمة من ما بين 400 و500 مليون دولار في ظرف لا يمكن أن يكون أسوأ باعتبار الحاجة إلى كل الدعم الدولي لمواجهة تفشي الفايروس.

وهذه الخطوة جاءت في حلقة جديدة من التوتر الأميركي مع الصين، بعد أن حملتها صراحة المسؤولية عن عدم التعامل مع الوباء بالشكل المطلوب ما تسبب في انتشاره بشكل سريع في العالم كونها لم تخطر منظمة الصحة العالمية منذ البداية بأخطار الفايروس.

في المقابل، حملت واشنطن منظمة الصحة العالمية لعدم السعي إلى البحث خلف المشكلة وأنها اكتفت بالبيانات الرسمية الصينية في إدارة الأزمة.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا في تغريدة مساء الثلاثاء الماضي إلى “بناء مبادرة قوية حول المنظمة تتعلق بتوفير التشخيص والعلاج واللقاحات للجميع”.

ولم يخف الرئيس الفرنسي شكوكه باستراتيجية الصين منذ ظهور أولى الحالات فيها أواخر 2019، وهذا الأمر ينسجم مع موقف واشنطن، التي تعتبر أكبر المساهمين في المنظمة.

وفي مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية الخميس الماضي، قال “من الواضح أن هناك أمورا حصلت لم نعلم بها”.

5