مبادرة سعودية لدعم الابتكار الزراعي في المناطق القاحلة

دافوس - تتسارع خطوات السعودية نحو ترسيخ التزاماتها الدولية لاعتماد التكنولوجيا في تطوير أساليب الزراعة للمساهمة في بلوغ أعلى درجات الاستدامة حتى في أوقات الجفاف، باعتبار القطاع أحد المجالات المهمة للنمو الاقتصادي.
ويقود أكبر منتج للنفط في العالم مبادرة طموحة تعتمد على الابتكار لتنمية المحاصيل بالمناطق القاحلة، في دليل آخر على حرصها لمعاضدة الجهود العالمية للتصدي للمخاطر التي تواجه الأمن الغذائي.
وأطلقت وزارة الاقتصاد والتخطيط بالتعاون مع شركة آب لينك، منصة الابتكار المفتوحة للمنتدى الاقتصادي العالمي هذا الأسبوع، حلا ابتكاريا يهدف إلى حشد حلول تحولية تساهم في توفير الأغذية المحلية في البلدان المتضررة من شحّ الأمطار والجفاف والتصحر.
وأعلن وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم عن هذه الشراكة خلال إحدى فعاليات الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي الذي اختتم الجمعة في دافوس السويسرية، في إطار جهود السعودية لتطوير حلول مبتكرة لأبرز التحديات في العالم من خلال التعاون والتشارك.
وتُعد التحديات التي تواجه المنظومات الغذائية والمناطق القاحلة نداء عالميا لرواد الأعمال والشركات الناشئة والمشاريع الاجتماعية والمنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في مجال الأغذية لتقديم حلول تتضمن تقنيات بسيطة أو متطورة.
وستحصل المجموعة الفائزة لتنفيذ المشروع وتوسيع نطاقه في المناطق القاحلة على نحو 109 ملايين دولار.
ويعد هذا التحدي هو الأول من أصل تحديين يتمحوران حول الأنظمة الغذائية، فيما سيتم إطلاق التحدي الثاني في وقت لاحق من عام 2023 بشأن الزراعة الذكية مناخيا.
وتسابق السعودية، كغيرها من دول العالم، الزمن لترسيخ استخدام الأساليب الرقمية في الزراعة لتحسين الإنتاجية وزيارة المساحات الصالحة للزراعة، في ظل تأكيد المختصين بأن التغيرات المناخية صارت عائقا كبيرا أمام الحكومات لحماية الأمن الغذائي.
ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى الإبراهيم قوله أثناء إعلانه عن التحدي أثناء مؤتمر صحفي “يواجه عالمنا العديد من التحديات الاجتماعية الاقتصادية الكبرى، وفي مقدمتها الأمن الغذائي”.
وأضاف “تسعى السعودية لأن تكون مسرّعة رئيسية للابتكار من أجل أن تسخّر الموارد لتمكين ودعم رواد الأعمال الراغبين في معالجة تحدي الأمن الغذائي في المناطق القاحلة”.
وتأتي هذه المبادرة في الوقت الذي يعاني فيه اليوم نحو 828 مليون إنسان من الجوع، بينما يعاني 2.3 مليار شخص من مخاطر الأمن الغذائي. كما أنّ هناك 3.1 مليار شخص على مستوى العالم عاجزون عن تحمل تكاليف النظام الغذائي الصحي.
وتشير التقديرات الصادرة عن مراكز الأبحاث والمؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بالغذاء إلى أنّ نحو 700 مليون شخص سينزحون عن مواطنهم بسبب الجفاف بحلول عام 2030.
ويهدف التحدي إلى تعزيز الأمن الغذائي وتحسين إمدادات الأغذية الصحية في المناطق القاحلة من خلال دعم الحلول ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والتعليمي البارز لتعزيز سلاسل القيمة الغذائية المحلية.
وبفضل المبادرات التي تقودها الحكومة في هذا المجال، فإنّ السعودية تقترب من تحقيق أحد أهداف التنمية المستدامة وهو القضاء على الجوع بحلول نهاية العقد الحالي.
ومن أجل أن تكون هناك منهجية واضحة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، قامت وزارة الاقتصاد السعودية بإنشاء اللجنة التوجيهية للتنمية المستدامة، والتي تنسق بين مختلف الجهود الحكومية المتعلقة بخطة التنمية المستدامة لعام 2030.

ومنذ إنشاء اللجنة، تم تفعيل هيكلة محوكمة يرأسها الإبراهيم والذي يضم 20 شخصية رفيعة المستوى من مختلف الجهات الحكومية للإشراف على أجندة أهداف التنمية المستدامة في السعودية.
وخلال الأعوام الأخيرة التزمت الشركات العالمية بزراعة أكثر من 3.6 مليار شجرة في إطار خططها للاستدامة مع تفاقم تأثيرات الاحتباس الحراري في مناطق كثيرة من العالم.
وتعمل المزارع الحديثة بشكل مختلف تماما عما كانت عليه قبل بضعة عقود، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى التقدم التكنولوجي، حيث تستخدم الزراعة تقنية متطورة مثل الروبوتات وأجهزة استشعار درجة الحرارة والرطوبة والصور الجوية والطائرات دون طيار.
وتتيح هذه الأجهزة المتقدمة وأنظمة الزراعة الدقيقة للشركات وحتى المزارعين أن يكونوا أكثر ربحية وكفاءة وأمانا، كما تجعل المحاصيل صديقة للبيئة.
وتعهّد المشاركون في المؤتمر السادس والعشرين للأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 26) الذي احتضنه منتج شرم الشيخ المصري في نوفمبر الماضي بتخصيص استثمارات خاصة بقيمة 7.2 مليار دولار لحماية الغابات وإعادة إحيائها.
وشهد العام الماضي إطلاق تحالف للتصدي للنقص العالمي في البذور مع توسيع نطاق عمليات إعادة التشجير، لتحقيق أهداف مزدوجة تتمثل في زيادة المحاصيل ذات الجودة العالية، وفي الوقت ذاته المساعدة في مسح البصمة الكربونية.
وانضمت تيرافورمايشن وأميركان فوريستس وإيكوسيستم ريستورايشن كامبس ووان تري بلانتد إلى تحالف سيد تو فوريست (من البذور إلى الغابات)، فيما باتت ون.تي أورغ الأميركية شريكا استشاريا.