مبادرة اتحاد الشغل: حكومة جديدة فورا وانتخابات رئاسية العام المقبل

تونس - كشفت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان عن الخطوط العريضة لمبادرة الإنقاذ التي تعكف على صياغتها مع الاتحاد العام التونسي للشغل وعمادة المحامين، مشيرة إلى أن تشكيل حكومة جديدة فورا وإجراء انتخابات رئاسية العام المقبل ستكون أحد أبرز بنودها.
وكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المبادرة التي كان اتحاد الشغل أول من أعلن اعتزامه على صياغتها بداعي إخراج البلاد من أزمتها.
وتلقى هذه المبادرة اعتراضا من الرئيس قيس سعيد، الذي سبق وأن تساءل عن الداعي لوجودها في ظل وجود مؤسسات قائمة مثل البرلمان.
ولا تقتصر الاعتراضات فقط على الرئيس التونسي بل تتجاوزه إلى عدد من المكونات السياسية، التي ترى أن هذه المبادرة تخطاها الزمن، وأن الشروط الموضوعية لتطبيقها غير متوفرة.
وينظر كثيرون إلى أن الهدف الأساسي من المبادرة هو إنقاذ النفوذ السياسي لاتحاد الشغل الذي راكمه خلال السنوات التي أعقبت الإطاحة بالنظام السابق واضمحل مع مسار الخامس والعشرين من يوليو، مشيرين إلى أن الحديث عن أزمة سياسية في البلاد يجانبه الصواب، وأن المشكلة في البلاد اليوم هي اقتصادية بالأساس.
ويقول مراقبون إن تضمن المبادرة بندا يتعلق بإجراء الانتخابات الرئاسية في العام 2024، يعكس وجود قلق لدى القائمين على المبادرة من استمرارية الرئيس سعيد لمدة أطول بداعي الفترة الانتقالية، وهم يسعون لأن يكثفوا ضغوطهم باتجاه تحديد موعد للاستحقاق لا يتجاوز العام المقبل.
وقال رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي الخميس إنه تم الانتهاء من صياغة الورقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمبادرة، مردفا “ننتظر التوقيت المناسب لعرضها على السلطة السياسية”.
وأوضح الطريفي أن من بين الخطوط العريضة في المبادرة وضع حكومة جديدة فورا تتضمن فريقا حكوميا كفيلا بإخراج تونس من الأزمة، وإلغاء هيئة الانتخابات الحالية وإعادة النظر في بعض فصول الدستور.
وقدم الطريفي، في تصريحات لإذاعة “شمس” المحلية، أبرز الخطوط العريضة الواردة في المبادرة ومن بينها: تنقية المناخ السياسي ووضع حكومة جديدة فورا تتضمن فريقا حكوميا كفيلا بإخراج تونس من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وإيجاد حلول للمالية العمومية وللمشاكل مع صندوق النقد الدولي، وأيضا إجراء الانتخابات الرئاسية في 2024.
كما تتضمن المبادرة، وفق رئيس الرابطة، تنقيح بعض التشريعات وإلغاء أخرى، مشيرا “نصصنا على إلغاء المرسوم عدد 54، وعلى تنقيح المرسوم عدد 55 وأكدنا ضرورة إلغاء هيئة الانتخابات الحالية وتعيين هيئة جديدة تكون مستقلة وتشرف على انتخابات نزيهة وشفافة، كما شددنا على ضرورة تركيز محكمة دستورية، إذ لا يمكن أن نواصل في هذا المسار دونها”.
وقال الطريفي إن من المفروض أن تنتهي عهدة الرئيس سعيّد في العام 2024.
وجرى انتخاب الرئيس سعيد في العام 2019، بناء على دستور 2014، الذي جرى إلغاؤه واعتماد دستور جديد دخل حيز التنفيذ في أغسطس الماضي. وهناك تأويلات كثيرة بشأن مدة ولاية سعيد، فهناك من يرى أنها تنقضي في العام 2024، وآخرون يعتبرون أنه لا يمكن احتساب المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد.
وكان الرئيس التونسي تجنب الشهر الماضي سؤالا وجهه أحد الصحافيين، بشأن موعد إجراء الانتخابات، وقال إن ذلك سابق لأوانه، معتبرا أنه ليس في منافسة مع أي كان وأنه يتحمل المسؤولية ولن يتخلى عنها، وأن الشعب هو الحكم، لأن القضية قضية مشروع وليست قضية أشخاص، بل هي تأسيس لمرحلة جديدة في تاريخ تونس.
ويرى متابعون أن محاولة اتحاد الشغل والمنظمات المنخرطة معه فرض المبادرة كأمر واقع لا تبدو مجدية، وأن الأمر لن يزيد سوى من تعقيد الأمور، وحرف البلاد عن أزمتها الحقيقية المتمثلة في المعضلة الاقتصادية.
واعتبر الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد منجي الرحوي في تصريحات الجمعة أن الحوار ليس مجرد رغبة شخصية، بل حصيلة ونتيجة ضرورية وطبيعية لموازين القوى.
وأضاف الرحوي أن الشروط الموضوعية والتاريخية لإقامة حوار وطني في تونس حاليا، غير متوفّرة.
وأشار القيادي اليساري إلى أن “موازين القوى مختلة حاليا لصالح رئيس الجمهورية، في ظل عدم وجود أي طرف وازن اجتماعيا أو شعبيا”.
ورأى الرحوي أن الاتحاد العام التونسي للشغل ضعف ولم يعد له وزن يخوّل له فرض الشروط، لكنه يبقى مناعة ضرورة للدولة التونسية.