مبادرة "إنقاذية" جديدة في تونس تستثني الإسلام السياسي

عبير موسي: مبادرة اتحاد الشغل ''رسكلة للنفايات السياسية وتثمينها''.
الخميس 2020/12/24
كسر شوكة التيارات الظلامية

تونس - هاجمت البرلمانية التونسية ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل، معتبرة إياها محاولة لرسكلة نفايات سياسية، عارضة مبادرة "إنقاذية".

جاء ذلك خلال ندوة صحافية عقدتها موسي الخميس للكشف عن تفاصيل مبادرة "ثورة التنوير" التي ستقدمها إلى عدد من الكتل، والتي تهدف إلى إرساء جمهورية مدنية اجتماعية ذات سيادة وطنية، لا مكان فيها للإسلام السياسي، حسب قولها.

وتأتي خطوة موسي على خلفية تشريك اتحاد الشغل لحركة النهضة الإسلامية في الحوار الوطني بعد إرساله نص مبادرته لرئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي.

وحذرت موسي اتحاد الشغل، المركزية النقابية في البلاد، من إعادة تدوير النفايات السياسية، قائلة "إن الاتحاد يجب أن يكون في صف غالبية الشعب التونسي الذي يريد أن يحسم في سنوات الانهيار التي تسببت فيها التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها حزب النهضة وراشد الغنوشي زعيم الحركة".

وكان الاتحاد قد أطلق خلال الأيام القليلة الماضية مبادرة للحوار الوطني قدمها إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، لكن يبدو أن تأخره في تفعيلها دفع الاتحاد إلى البحث عن وسائط أخرى خشية ذهاب هذه المبادرة أدراج الرياح.

ورغم نفي المنظمة الشغيلة إرسالها لنص مبادرتها إلى رئاسة البرلمان، حيث شددت في بيان لها على أنها وجّهت نسخة "المبادرة إلى البرلمان ككل وليس لرئاسة المجلس النيابي فقط"، إلا أن الأوساط المقربة من حركة النهضة الإسلامية التي يرأسها راشد الغنوشي أكدت أنه تم بالفعل ذلك مستدلة بأن الغنوشي إذا أراد الاطلاع على تفاصيل المبادرة فهي منشورة عبر موقع الاتحاد على الإنترنت.

وأوضحت موسي أن مبادرتها موجهة مباشرة للشعب التونسي لدحر الإخوان وكسر شوكة التيارات الظلامية التي هددت مدنية الدولة التونسية.

وتهدف المبادرة إلى إرساء نظام ديمقراطي تعددي يقوم على الفصل بين السلط والتوازن بينها ويلتزم بضمان الحريات الفردية والعامة وحقوق الإنسان في کونیتها وترابطها وتحقيق الأمن القومي الشامل.

وتضبط المبادرة أولويات سياسية، من بينها تنقيح القانون الانتخابي للارتقاء بالأداء التشريعي والعمل المحلي والجهوي، وتنقيح المرسوم المنظم للأحزاب، وإدراج بند منع تكوين الأحزاب المؤسسة على الدين والمرتبطة عضويا بتنظيمات دولية، ومراجعة منظومة تمويل الأحزاب لمنع المال السياسي المشبوه، وتنقيح قانون المحكمة الدستورية في اتجاه تجاوز المعطلات أمام إحداثها وضمان حيادها ومنع تسلل الظلاميين إلى تركيبتها.

وتتضمن تنقيح قانون الجماعات العمومية المحلية في اتجاه ضمان نجاعة العمل البلدي والحيلولة دون السقوط في ضرب وحدة الدولة وتفكيك مؤسساتها، وتعديل الدستور في اتجاه إرساء نظام سياسي جديد يقطع مع تشتيت السلط وعدم التوازن بينها ويضمن استقلالية هيئة الانتخابات والهيئات الدستورية.

هذا إلى جانب أولويات اقتصادية واجتماعية مالية من بينها معالجة معضلة المديونية واسترجاع التوازنات المالية ودفع الاستثمار واستعادة نسق الإنتاج في المجالات الحيوية، وإصلاح الصناديق الاجتماعية ومنظومة التقاعد والتأمين على المرض، وإصلاح الإدارة ورقمنتها وتحييدها عن التجاذبات السياسية وتنقيتها من التعيينات الحزبية.

ويثير تعدد المبادرات الرامية إلى المضي قدما نحو مؤتمر إنقاذ وطني في تونس تساؤلات عن الجدوى من هذه الخطوة، خاصة وأن كثرة هذه المبادرات والدعوات باتت تنم عن محاولات لإعادة التموقع السياسي، لاسيما وأن الأزمة لا تقتصر على الشأن السياسي فقط بل امتدت أيضا إلى ما هو اقتصادي واجتماعي، وفقا لمراقبين.

وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية متصاعدة عمقتها الجائحة الصحية، وهو ما جعل العديد من الأوساط السياسية تدفع نحو تنظيم حوار وطني ينهي حالة التشرذم التي أفرزتها الانتخابات الأخيرة، خاصة في البرلمان الذي بات مسرحا للتجاذبات بين حركة النهضة وحلفائها من جهة وخصومها من جهة أخرى.