ما لا تعرفه عن أسرار دمشق

الخميس 2015/12/03
الكتابة عن مدينة عريقة موغلة في التاريخ كمدينة دمشق أمر في غاية الصعوبة

صدر مؤخرا عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، المجمع الثقافي، كتاب بعنوان “دمشق – البناء العمراني في العصر العثماني” لمؤلفه الكاتب محمود زين العابدين، والذي يتناول فيه العمارة على اختلاف أنواعها في إحدى أهم المدن النادرة التي ظلت نابضة بالحياة إلى يومنا هذا، وأقدم عاصمة مأهولة في تاريخ العالم.

يتطرق الكتاب إلى دمشق من خلال ستة فصول رئيسية هي: دمشق التاريخ نماذج لبناءات إسلامية، ودمشق والعصر العثماني، والعمارة الدينية الدمشقية في العصر العثماني، والعمارة السكنية الدمشقية في العصر العثماني، والعمارة الدمشقية الخدمية في العصر العثماني، وأخيرا: شام شريف من المحمل الشريف إلى الخط الحديدي الحجازي.

وقد وضع محمود زين العابدين ما يشبه المقدمة الاستباقية بغرض التمهيد لمحتوى كل فصل على حدة، وشرح علاقة الزمان بالمكان وتجلياتها في البناء العمراني، بما يشبه الدراسة التفصيلية. بينما تأتي الصفحات التي تلي المقدمات مليئة بالتفاصيل والمفاجآت حتى لساكني دمشق والمنتمين إليها.

إذن، خاض الباحث في جماليات العمران الدمشقي مستحضرا الأمثلة؛ فمن المسجد الأموي، تمثال صلاح الدين، قلعة دمشق، التكية السليمانية، جامع محيي الدين بن عربي، إلى البيت الدمشقي في حدّ ذاته والعديد من الأماكن والوقفات التي اهتم بها في هذا الكتاب، حيث تمّ تخصيص حيز كاف من الشرح لكل منها ضمن تصنيفاتها في الفصول السابق ذكرها أعلاه.

وقد أوضح بالدراسة والصور أن العمارة الخدمية في دمشق مثل الحمامات والأسواق والخانات، وحتى البيوت السكنية لطالما حظيت بجمالية لا زالت تدهش الكثيرين.

تفاصيل ومفاجآت حتى لساكني دمشق والمنتمين إليها
وبحث في الوقت نفسه في أهمية المنطقة تاريخيا وسياسيا، مؤكدا أن الشام شريف، وهي ولاية الشام في العصر العثماني، كانت مركز تجمع للحجاج نحو الديار المقدسة ما جعل منها محطة بارزة على الخارطة العالمية.

دعّم العابدين بحثه بالكثير من الصور والمخططات، يكاد بعضها يكون نادرا اليوم أو من الصعب الحصول عليه. بالإضافة إلى ذكره للمصادر كهوامش ومراجع في نهاية كل فصل، مشيرا فيها إلى مصادر معلوماته. كذلك فإن هذه الدراسة وإلى جانب الأسلوب المنهجي في تناول الموضوعات أكاديميا، تمتاز بنمط سردي يغلب على جميع الصفحات، يستعين به المؤلف لإخبارنا بالقصص عن دمشق وسط حالة من التماهي مع حاراتها وشوارعها، الأمر الذي يؤكّد أن كاتبنا لم يستطع إلا أن يشرك مشاعره أثناء الكتابة.

وفي مقدمته الأساسية، يقول المؤلف شارحا عن آلية إنجازه للمحتوى: مما لا شك فيه أن الكتابة عن مدينة عريقة موغلة في التاريخ كمدينة دمشق أمر في غاية الصعوبة، فــــهي أشبــه بمحيط عميق، كلما تعمقت فيه شعرت برهبة كبيرة أمام ما تملكه من ثراء في عمارتها، وما شهدته من حضارات وثقـــافات.

وما العصر العثماني إلا أحد أهم الأهيل لتلك المباني من العصور التي شهدتها مدينة دمشق، وحاولت اختيار بعض المباني التي شيّدت في ذلك العصر مع التركيز على أعمال إعادة الترميم.

15