ما جدوى إقامة قرطاج والحمامات أكبر مهرجانين تونسيين بلا جمهور

المهرجانان يعتمدان تقنيات البث الرقمي للعروض ويروجان للتراث التونسي المادي واللامادي.
الجمعة 2021/07/16
غياب الجمهور يفرغ الحدث من روحه

مع ما يشهده العالم من ظروف صحية تفرض التباعد الاجتماعي التجأت العديد من القطاعات الثقافية والفنية إلى العمل عن بعد، وبتنا نجد مهرجانات سينمائية وعروض أفلام وحتى معارض كتب وحفلات موسيقية وندوات ثقافية تقام افتراضيا، ولكن مع بداية العودة إلى الحضور الجماهيري في بقية أقطار العالم تعود تونس مجددا إلى العالم الرقمي لتقدم من خلاله أكبر وأعرق مهرجانين فنيين.

تونس – بعد إعلان وزارة الشؤون الثقافية التونسية في وقت سابق عن إطلاق دورتين جديدتين من مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين في يوليو الجاري عادت الوزارة إلى الإعلان عن تأجيلهما إلى أغسطس، بسبب الوضع الوبائي الحرج الذي تمر به البلاد، لتعلن أخيرا عن انتقال التظاهرتين إلى الفضاء الرقمي كليا.

وأقرت الوزارة تنظيم مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين دون حضور الجمهور والتخلي عن العروض الدولية المبرمجة فيهما والاقتصار على العروض التونسية مع إثراء البرمجة وتنويعها إلى جانب اعتماد تقنيات البث الرقمي والتلفزي للعروض وذلك انطلاقا من منتصف شهر أغسطس القادم.

وضع استثنائي
وضع استثنائي

الالتجاء إلى الرقمنة

تقرر خلال جلسة العمل التي انتظمت أخيرا بمقر الوزارة بإشراف وزير الشؤون الثقافية بالنيابة الحبيب عمار وحضور عدد من مديري المهرجانات والهياكل والمنشآت الثقافية استغلال تصوير العروض المبرمجة وبثها للترويج للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية لتونس والتوثيق للتراث المادي واللامادي وذلك بالتعاون مع المؤسسات المعنية صلب وزارة الشؤون الثقافية، مع الأخذ بعين الاعتبار تطورات الوضع الوبائي على الصعيدين الوطني والدولي.

هذا وتقرر أيضا تكليف المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية والمؤسسات والهياكل المعنية بمتابعة بقية المهرجانات الصيفية المحلية والجهوية والدولية ومرافقتها في اعتماد الصيغ الرقمية والمقاربات المثمنة للتراث وللخصوصيات الثقافية والفنية التونسية وضمان ملاءمتها للتوجهات الثقافية الوطنية في الغرض، فضلا عن مواصلة التنسيق مع المندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية وهيئات المهرجانات بخصوص برمجة العروض المدعومة من الوزارة وصيغ إنجازها والآجال المناسبة لذلك حسب تطورات الوضع الوبائي للبلاد وإيجاد الصيغ التعاقدية والإجرائية المناسبة لها.

كما تقرر حث المؤسسات والهياكل الراجعة بالنظر إلى الوزارة لتنظيم مبادرات وتظاهرات فنية رقمية بما يحافظ على تواصل الأنشطة الثقافية ويتيح فرص المشاركة لأكبر عدد ممكن من الفنانين والعاملين بالحقل الثقافي.

وقد تدارس الحضور وضع خطة مستقبلية لتنفيذ برمجة ثقافية وفنية دورية على امتداد السنة مع الانفتاح على الجهات وعلى مختلف الأنماط الفنية الشبابية وغيرها، وضمان مشاركة المبدعين فيها مع مراعاة البروتوكولات الصحية.

من جهة أخرى تقرر اعتماد جملة من الإجراءات الاجتماعية لمرافقة المبدعين والفنانين خلال هذا الظرف بالتنسيق مع مصالح وزارتي الشؤون الاجتماعية والمالية والهياكل المعنية وتعزيز الدور المنوط بعهدة الفنانين والمبدعين والتقنيين في المجال الثقافي والمؤسسة الوطنية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة في هذا المجال.

المنظمون يقرون استغلال تصوير العروض المبرمجة وبثها للترويج للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية لتونس والتوثيق لتراثها

وفي وقت سابق من شهر يونيو عقدت الدورة الثالثة من مهرجان أيام قرطاج “الكوريغرافية” رقميا، حيث اقتصرت عروضها على المشاركات المحلية في المنصات الإلكترونية لحماية “جمهور الرقص” من عدوى كورونا.

وفي الوقت الذي لم تفتح فيه القاعات بسبب جائحة كورونا، قرر المهرجان تنظيم نسخة رقمية تقتصر على العروض التونسية لتسليط الضوء على الإبداعات الكوريغرافية الوطنية.

وبعد تأجيل خلّفته تبعات فايروس كورونا المستجد، انعقدت كذلك الدورة الثالثة من مهرجان “قابس سينما فن” بمدينة قابس (جنوب تونس) بشكل رقمي، حيث قدمت هذه النسخة 70 فيلما، من بينها 28 فيلما في قسم السينما و26 فيلما تتم برمجتها للمرة الأولى في تونس، إلى جانب 15 فيلما جديدا في قسم الواقع الافتراضي و18 عملا لفنانين تونسيين وعالميين في قسم فن الفيديو، منها تسعة عروض عالمية أولى.

ومثّل نجاح التظاهرتين الأخيرتين اللتين انعقدتا في يونيو الماضي دافعا للوزارة إلى الذهاب إلى رقمنة أكبر مهرجانين فنيين، فيما يرى البعض أن المقارنة لا تجوز من حيث ضخامة مهرجاني قرطاج والحمامات.

لجوء منقوص

Thumbnail

على غرار مختلف أقطار العالم تشهد تونس تقديم تظاهرات ثقافية افتراضية خلال هذه الفترة، في محاولة منها لمجابهة حالة الشلل التي عرفها المسرح، لغاية استمرار الفن الرابع وإعادته إلى فاعليته الثقافية.

وإن نجحت شبكة الأنترنت في الحفاظ على حركية ثقافية جزئية فإنها لم تتمكن من استقطاب كل الفعاليات بالشكل المطلوب، وخاصة المسرح.

وفي هذه الدورة من مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين كان الجمهور على موعد مع العديد من العروض المسرحية، إضافة إلى العروض الفرجوية والحفلات الموسيقية. وهو ما يطرح تساؤلا حول إمكانية احتوائها في الفضاء الرقمي.

ويرى بعضهم أن شبكة الإنترنت قد توفر بشقيها المسجل والمباشر لجمهور المسرح ما لا توفره العروض الحية والمباشرة، من ذلك مثلا انتفاء شرط الحضور الجسدي والاشتراك المكاني، وتحقيق فرجة متزامنة في أوقات مختلفة لمشاهدين أيا كانت أماكنهم، وهذا قد يوفر لبعضهم ممن كان يتعذر عليهم مشاهدة مسرح أو حفلة أو تظاهرة مّا في بلد مّا من فرصة هامة للفرجة.

ولكنّ آخرين يقرون بأن الوسائل الافتراضية بقدر ما تخدم الفرجة بشكل كبير، فإنها في نفس الوقت تحرمها من متعة الحضور الفعلي، كما تؤثر على المسرحيين والفنانين بشكل كبير.

ومن جهة أخرى يقر بعض المتابعين بأن التكامل بين الافتراضي والواقعي يبقى ممكنا، لكن العالم الافتراضي المبني على الاستهلاك ومنطق الربح والسهولة والسرعة قد لا يتحمل فنونا فرجوية من مسرح وحتى حفلات موسيقية، وبالتالي سيسعى إلى تطويعها لما يناسب المنطلقات التي نشأ منها، استهلاك بارد وسريع.

14