ما تخسره حماس في غزة تستعيده في الضفة

شعبية حركة حماس تهدد سلطة محمود عباس.
الثلاثاء 2023/11/28
أعلام حماس ترتفع في الضفة

رام الله – في الوقت الذي يزداد فيه التململ بين سكان قطاع غزة من نتائج هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، تزداد شعبية الحركة في الضفة الغربية بما يجعلها عاملا مقلقا للرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية وحركة فتح.

وعلى عكس الخسائر الكبيرة التي مني بها سكان القطاع من فقدان الآلاف بين قتلى ومفقودين وهدم للمنازل وافتقار للغذاء والماء والدواء والمحروقات، ونزوح إلى الجنوب تحت القصف الشديد، فإن سكان الضفة الغربية استفادوا من اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل بأن استعادوا أعدادا من النساء والفتيان ممن كانت إسرائيل قد اعتقلتهم، خلال أحداث سابقة.

وعلى مقربة من مقر السلطة الفلسطينية، حمل العشرات من الشبان رايات حركة حماس الخضراء عند نزول الأسرى من حافلة الصليب الأحمر الدولي، وهتفوا لحركة حماس وتأييدا لكتائب عزّ الدين القسام، الجناح العسكري للحركة. وظهرت خلال احتفالات جرت نهاية الأسبوع، رايات لحركة فتح، لكن بأعداد قليلة مقارنة مع رايات حركة حماس. وكانت الشرطة الفلسطينية تتعرض غالبا لكل من يرفع راية حماس.

سكان الضفة يستفيدون من اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل باستعادة أعداد من النساء والفتيان ممن اعتقلتهم إسرائيل

وفي غزة يصب الناس غضبهم على إسرائيل، لكن الكثيرين يوجهون انتقادات لحماس معتبرين أنها غامرت بتنفيذ هجوم كبير من دون أن تحسب حسابا للرد الإسرائيلي الذي كان كبيرا وغير معهود.

ويقول هؤلاء إن حماس فكرت بمصالحها من دون أن تفكر بالمدنيين، فهي أرادت استدراج إسرائيل للاشتباك وإظهار قوة المقاومة وقدرتها على إلحاق الخسائر بالجيش الإسرائيلي. كما تروج لقدرتها على إجبار الإسرائيليين على التفاوض. وتهيأت للحرب من خلال بناء الأنفاق وشراء الأسلحة وإجراء التدريبات اللازمة.

لكن في الضفة، التي لم تتعرض للتدمير والقصف اليومي، فإن الناس يقدمون تفسيرا آخر لما جرى يوم السابع من أكتوبر. وقال طارق العملة الذي شارك في استقبال الأسرى العائدين إلى الضفة إن الهجوم على إسرائيل “كان ردة فعل ليس من حماس، إنما من الشعب الفلسطيني جراء الاعتداءات اليومية التي يتعرض لها من الجيش الإسرائيلي والمستوطنين”.

وأكد جهاد عيوش الذي يحمل أيضا الجنسية الأميركية من جهته “القضية لم تبدأ في السابع من أكتوبر، القضية تعود إلى قبل ذلك. والسؤال المهم ماذا كانت تفعل إسرائيل بالفلسطينيين من قبل؟”.

ويعلّق الفلسطينيون آمالا كبيرة على عمليات تبادل أسرى ستحصل مقابل جنود تحتجزهم حماس بين الرهائن. ويأملون أن يتم الإفراج عن أصحاب الأحكام العالية والقيادات السياسية التي من الممكن أن يكون لها تأثير على المرحلة السياسية المقبلة، ومن بينهم القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي وأمين عام الجبهة الشعبية أحمد سعدات وقيادات من حركة حماس.

وتقف السلطة الفلسطينية في وضع حرج، فهي لا تستطيع إدانة ما قامت به حماس ولا انتقاد المغامرة التي كلفت الفلسطينيين خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات. وأي كلام في هذا السياق سيتم تأويله على أنه انحياز لإسرائيل، وأن حسابات عباس الخاصة تجعله في صفها.

حح

بالمقابل، تطالب إسرائيل من السلطة إدانة واضحة لما قامت به حماس. وبسبب غياب موقف واضح من عباس باتت إسرائيل تطالب بإخراجه من صيغ الحل التي تأتي في مرحلة ما بعد وقف الحرب.

ويقول رئيس هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين قدورة فارس، وهو أحد قادة حركة فتح، “شيء طبيعي أن عملية التبادل هذه، وإن كانت إنسانية، سترفع شعبية حركة حماس، لأن قضية الأسرى في التاريخ الفلسطيني تجمع الناس بشكل فطري”.

ولم تقم السلطة الفلسطينية أي استقبال رسمي للمعتقلين المفرج عنهم. ويشير مسؤول فلسطيني رفض الكشف عن اسمه إلى “عدم رغبة السلطة الفلسطينية بالظهور بأن لها علاقة بما تقوم به حماس”.

وليس بين المفرج عنهم رموز أو قياديون فلسطينيون، غير أن حجم الحشود عند كل استقبال يشير إلى اهتمام “جماهيري كبير بالعملية نفسها وليس بالأشخاص”، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب.

ويضيف حرب “صمود حماس في غزة، والإطلاق المتوقع لأسرى آخرين في صفقات قادمة سيضاعف نسبة تأييد حركة حماس بين الفلسطينيين بشكل كبير يوازي التأييد الذي حظيت به حركة فتح بعد معركة الكرامة في العام 1968”.

في غزة يصب الناس غضبهم على إسرائيل، لكن الكثيرين يوجهون انتقادات لحماس معتبرين أنها غامرت بتنفيذ هجوم كبير من دون أن تحسب حسابا للرد الإسرائيلي الذي كان كبيرا

وأطلقت إسرائيل منذ الجمعة على ثلاث دفعات 117 معتقلا فلسطينيا من سجونها من النساء والفتيان تحت سن 19 عاما، بمعدل 39 معتقلا كل يوم عادوا إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية.

ويأتي ذلك بموجب اتفاق هدنة لأربعة أيام توقفت خلالها الأعمال العسكرية بين حركة حماس وإسرائيل بعد سبعة أسابيع من حرب مدمرة.

وأفرجت حركة حماس بموجب الاتفاق عن 39 من الرهائن الإسرائيليين وبعضهم من مزدوجي الجنسية، الذين كانت خطفتهم خلال هجومها غير المسبوق على إسرائيل. كما أفرجت عن 19 آخرين من خارج الاتفاق.

وأدى هجوم حماس على إسرائيل إلى مقتل أكثر من 1200 شخص، غالبيتهم مدنيون، وفق السلطات الإسرائيلية. وردت إسرائيل بقصف عنيف على قطاع غزة أدى إلى مقتل قرابة 15 ألف شخص، معظمهم مدنيون، وفق حكومة حماس.

وفي العام 2011، نفذت عملية تبادل أفرج خلالها عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعد أن احتفظت حماس به لخمس سنوات، مقابل 1027 معتقلا فلسطينيا.

وكان بين الفلسطينيين الذين شملتهم الصفقة حينها يحيى السنوار رئيس حماس الذي يقود الحرب الحالية مع إسرائيل. وتعتقل إسرائيل في سجونها ما يقارب سبعة آلاف فلسطيني، وفق نادي الأسير الفلسطيني.

 

اقرأ أيضا:

     • نتنياهو يحارب على جبهتين.. حماس والبقاء السياسي

     • توسع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية يعيق حل الدولتين

     • دولة العصابة في إسرائيل التي فضحت نفسها

     • المكيافيلية في العقيدة السياسية: حماس وإسرائيل نموذجا

1