ما الذي ينتظر بريطانيا بعد استقالة ماي

غريغوري كاتز
أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها ستتنحى عن زعامة حزب المحافظين في 7 يونيو، ليبدأ بذلك سباق السياسيين لقيادة لحزب المحافظين ولنيل منصب رئاسة الوزراء وقيادة الحكومة خلال عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كيف يمكن أن يعيّن رئيس وزراء جديد دون انتخابات؟
بموجب النظام البرلماني البريطاني، يمكن لأي حزب في السلطة أن يغير زعيمه بعدة طرق، ويمكنه اختيار قائده الجديد باتباع قواعد حزبه.
سيصبح زعيم الحزب الجديد رئيسا للوزراء حتى الانتخابات العامة القادمة، والتي من المقرر أن تجرى سنة 2022. ومن الممكن أن يتغير ذلك التاريخ إذا اختارت البلاد إجراء انتخابات مبكرة، وإذا تعرضت الحكومة لتصويت بحجب الثقة في البرلمان.
وليست هذه المرة الأولى التي سيتولى فيها رئيس الوزراء منصبه دون إجراء انتخابات في بريطانيا. خلفت ماي رئيس الوزراء ديفيد كاميرون دون انتخابات سنة 2016، بعد استقالته لإخفاقه في إقناع الناخبين بالبقاء في الاتحاد الأوروبي من خلال استفتاء خروج بريطانيا. كما تبع غوردون براون توني بلير كرئيس للوزراء بنفس الطريقة سنة 2007.
كيف سيختار الحزب زعيمه الجديد؟
تتكون هذه العملية من مرحلتين. وهي مفتوحة أمام جميع أعضاء حزب المحافظين الـ313 في البرلمان؛ يعلن المرشحون الذين يرغبون في الترشح عن رغبتهم، وينظّم المشرعون سلسلة من عمليات الإدلاء بالأصوات حتى يبقى مرشحان فقط.
يفتح التصويت إثر ذلك أمام 120 ألف عضو من حزب المحافظين على مستوى البلاد، وينال المرشح الذي حشد الأغلبية المنصب.
ومن المفترض أن يبدأ هذا السباق رسميا في 10 يونيو، وستبقى ماي رئيسة للوزراء حتى يأتي من يخلفها. لكن التنافس بدأ داخل الحزب منذ أسابيع مع تراجع شعبية ماي وتأثيرها. ويأمل مسؤولو الحزب في اختيار الزعيم الجديد بنهاية يوليو.
هل تؤثر استقالة ماي على عملية البريكست؟
مازال الأمر غير واضح. لكن، يفضل جل المتنافسين الرئيسيين خروج بريطانيا كليّا من الاتحاد الأوروبي بدلا من الحفاظ على علاقات اقتصادية تربط المملكة بأوروبا. ولا يغير رحيل ماي الوضع في البرلمان البريطاني، الذي بقيت آراء أعضائه حول مغادرة الاتحاد الأوروبي وتلبية رغبات الناخبين في نفس الوقت متضاربة. ولا يدعم البرلمان خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة. لكن، قد تكون قدرته على تجنب ذلك محدودة إذا اختار الزعيم الجديد للحزب هذا المسار.
في ظل الوضع الراهن، من المقرر أن تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر ما لم تسع إلى تمديد يوافق عليه الاتحاد الأوروبي بالإجماع. لا يوجد إجماع في البرلمان على كيفية مواصلة هذه العملية حتى الآن. ويفضل بعض المشرعين إجراء استفتاء ثان لتحديد ما إذا يجب البقاء في الاتحاد الأوروبي، بينما يجادل آخرون بأن خروج بريطانيا الكامل من الاتحاد الأوروبي هو تلبية لنتائج استفتاء سنة 2016. ولم يتوصل الطرفان إلى أي مفاهمة أو حل وسط.
هل يمكن إسقاط الحكومة الجديدة؟
حاول زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، إجراء انتخابات عامة من خلال الدعوة إلى تصويت بحجب الثقة في يناير الماضي، لكنه فشل في نيل الأغلبية في البرلمان حيث بقي المحافظون موالين لماي. ويستطيع كوربين الدعوة إلى تصويت آخر بحجب الثقة في أي وقت، وقد يختار ذلك إذا رأى استعداد بعض المشرعين المحافظين لدعم الإجراء. ولكي ينجح ذلك، يجب أن تعبر مجموعة صغيرة من المحافظين في البرلمان عن عدم رضاها عن سياسة خروج بريطانيا التي سيتبعها رئيس الوزراء الجديد إلى درجة استعدادها للدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة قد تطرد حزبها من السلطة.
أصبح الموقف أكثر تعقيدا بسبب الانقسامات العميقة داخل حزب العمال حول ما إذا كان يجب أن يؤيد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو يحاول منعه عبر استفتاء آخر. يرغب العديد من أعضاء الحزب في إبقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، لكن كوربين يرغب في رؤية بريطانيا خارج الكتلة إذا تمكنت من ضمان الحفاظ على بعض العلاقات الاقتصادية وقوانين حماية العمال والبيئة التي يكفلها الاتحاد.