"ما أنزل الله أم ما ألفينا عليه آباءنا؟".. كتاب يحرر عقول المسلمين من الجمود

الكتاب يحاول معرفة لماذا يعيش معظم المسلمين في صراع مع أنفسهم أو في عزلة وفراغ فكريين.
الأربعاء 2024/01/10
محاولة تحرير المسلمين من مخيال رجال الدين وسلطتهم (لوحة للفنان سيروان باران)

عمَّان - كتاب “ما أنزل الله أم ما ألفينا عليه آباءَنا” لعمر مصطفى الرمحي ليس كتابا عاديا، بل يمكن القول بهدوء إنه كتاب مثير للجدل، ربما لأن موضوعه ليس سهل التناول، بل يتطلب جرأة متفردة وعلما غزيرا، ودأبا للوصول إلى أمهات كتب التفسير وعلوم القرآن وعلوم الحديث.

ويأتي عنوان الكتاب الصادر حديثا عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 592 صفحة من القطع الكبير، ويضم عشرة فصول تتكئ على عدد من التساؤلات المهمة، في محاولة لإنتاج فضاء مفتوح للإجابات ينهل منه كل متفكر متأمل في كتاب الله.

يقول الرمحي في مقدمة كتابه «يتبع هذا الكتاب طريقة منهجية لتحليل الطرق والأساليب التي تطوَّرت عبر العصور لتهميش عقل المسلم، بل وإظهار العقل والفكر باعتبارهما عدوين لدودين للإسلام والإيمان، وللدين بشكل عام”.

ويضيف “يحلل الكتاب الروايات المنسوبة إلى محمد رسول الله (الأحاديث)، وتفسيرات المصحف من قبل رجال دين ومؤرخين وعلماء بارزين ليؤكد أن العقلانية والعقل كانا مستبعدين إلى حد كبير من الخطاب الديني للمسلمين، ويظهر ذلك جليا في المواد والأدبيات الدينية المتداولة التي وصلت إلينا، والمؤثرة بشكل كبير في ثقافة المسلمين العامة».

g

ويتابع الرمحي «يبحث الكتاب في تمحص عن جواز استخدام الحديث النبوي بوصفه مصدرا للتشريع الإسلامي، حيث يأخذ الكتاب منظورا غير تقليدي لتفسيرات المصحف ويتوصل إلى استنتاجات تستند إلى العقل ونص المصحف المباشر، ولكنها تتعارض مع تعاليم المسلمين التقليدية السائدة في بعض الأحيان».

ويستكمل الباحث «السمة الأساسية لهذا الكتاب هي أنه لا يأخذ تعليقات وآراء العلماء المسلمين المرموقين (بما في ذلك أكثر الفقهاء المسلمين شهرة) باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الدين الإسلامي، ولذلك بعض أفكار وأطروحات هذا الكتاب ستعارَض من قبل فئة من المسلمين، وبخاصة رجال الدين التقليديين المتبعين والمؤمنين بالموروث وبأقوال وقصص وروايات وأحكام وتشريعات ما أنزل الله بها من سلطان، بل صنعت من قبل رجال أعطوا أنفسهم حق النيابة والتوقيع عن رب العالمين»، مؤكدا اعتماده على أهم هديتين منحهما الله للإنسان، ألا وهما “العقل والمصحف”.

ويقول الرمحي في خاتمة كتابه «إن البحث عن الحلال والحرام في كل شيء حرم المسلمين من الأدوات والوسائل الجوهرية للتقدم، بما في ذلك البحث عمّا هو صالح وما هو طالح. أما النظر إلى كل الأمور بمنهج الثنائية، بما في ذلك تصنيف الناس على أنهم مسلمون أو غير مسلمين، وكفار أو غير كفار، وتصنيف العالم إلى دار السلم ودار الحرب، وغيرها، أدَّى إلى خنق مشاركة المسلمين الفعالة والحقيقية مع الإنسانية بمختلف أطيافها بشكل عام».

ويضيف الرمحي متسائلا «لذا نسأل: هل سيتجه المسلمون إلى تفعيل نهضتهم التي طال انتظارها؟ وهل سيتحرر المسلمون من رجال الدين الأحياء منهم والأموات؟ وهل سيتحرَّر المسلمون من جميع الأديان الموازية التي خلقها البشر لتحل محل الإسلام دين الله؟».

الكتاب يبحث في تمحص عن جواز استخدام الحديث النبوي بوصفه مصدرا للتشريع الإسلامي

ونقرأ على الغلاف الخلفي للكتاب “يحاول هذا الكتاب معرفة لماذا يعيش معظم المسلمين في صراع مع أنفسهم، أو في عزلة وفراغ فكريين، ولماذا يتبنّون قواعد بعيدة كل البعد عمّا يدعو إليه الإسلام المتجسد في المصحف. في محاولته للبحث عن الإجابات قدر الإمكان، يستخدم المؤلف مصدرين؛ الأول: المنطق النقدي، والثاني: المصحف”.

وتبين كلمة الناشر أنه “على خلاف الغالبية العظمى من الكتب التي تبحث في الإسلام، فإن هذا العمل لا يستند إلى حجم أو صيت أو مكانة أو قدسية الشخصيات والعلماء من الماضي أو الحاضر عند غالبية المسلمين لإثبات صحة أيّ ادعاء، لذلك فإن مفهوم صلاحية النص يختلف عمّا اعتُمد في تراث المسلمين الجماعي عبر التاريخ”.

وتضيف “يقدِّم الكتاب إطارا لفهم الأسباب الكامنة وراء التخلف الفكري الحاد في أوساط معظم المسلمين إزاء فهمهم لدينهم، وفي الوقت نفسه لا يدعي ‘إصلاح‘ الإسلام، إذ أنه يبين أن الإسلام كما يجسده المصحف (أي الوحي الإلهي) مطلق غير قابل للتغيير، وبدلا من التساؤل عن مدى ملاءمة الإسلام لـ‘العصر‘، يدعو إلى فهم المصحف من خلال عملية تدرجية مستمرة تُفضي إلى فهم صحيح له”.

ومن الجدير ذكره أن عمر مصطفى الرمحي ولد في القدس بفلسطين لعائلة ناجية من النكبة الفلسطينية. تنقل خلال تعليمه الابتدائي والثانوي بين السعودية والأردن والولايات المتحدة.

وحصل الرمحي على تعليمه الجامعي من جامعة ولاية أوريغون وعلى درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات من جامعة إلينوي في الولايات المتحدة. عمل في المجال الصناعي في الولايات المتحدة ثم أستاذا مشاركا في جامعة ميريلاند بالولايات المتحدة.

ويشغل حالياً منصب أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسبات بجامعة واترلو في كندا. وله منشورات في عدة مجلات تعنى بالإسلام والسياسة والمجتمع، وهو ناشط فكري على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الإنجليزية، علما بأن الكتاب صدر باللغة الإنجليزية في أميركا وأثار اهتمامات واسعة عبر العالم.

12