مالي تعمل على احتواء التوتر مع موريتانيا: زيارات ورسالة خطية للرئيس ولد الغزواني

نواكشوط - تعمل السلطة في مالي على احتواء تداعيات التوتر المستجد مع موريتانيا، على خلفية حادثة اقتحام قوات مالية مصحوبة بعناصر من “فاغنر” الروسية للحدود الموريتانية وإطلاق النار بشكل عشوائي في قريتين ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين.
وزار وزيرا الخارجية عبدالله ديوب والدفاع صوديو كامارا، نواكشوط الاثنين، حيث اجتماعا مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وسلماه رسالة من نظيره المالي آسيمي كويتا.
وجاءت الزيارة بعد أيام قليلة من اتصال هاتفي جمع بين الرئيسين المالي والموريتاني، وهو الأول بينهما منذ أشهر، حيث يعود آخر اتصال إلى أبريل من العام الماضي.
وقالت الرئاسة الموريتانية، في بيان، إن الوزيرين الماليين سلما الغزواني رسالة خطية من كويتا. ولم يوضح بيان الرئاسة ما إذا كانت الرسالة تأتي في إطار جهود نزع التوتر الأخير بين البلدين، لكنها قالت إنها “تتعلق بالتعاون الثنائي ومواصلة التشاور بين البلدين الجارين” دون تفاصيل أكثر.
ونقلت وكالة الأنباء الموريتانية عن وزير الخارجية المالي قوله إن الرسالة تتعلق “بالتشاور المستمر بين الرئيسين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك وطنيا وإقليميا”.
ولفت ديوب إلى “التزام موريتانيا الدائم بالعمل على احترام الخيارات الإستراتيجية لمالي والحفاظ على استقرارها ووحدتها الترابية”. وأضاف “مالي تعول على دعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لها من أجل دعم السلام والازدهار”.
ويرى مراقبون أن زيارة وزيري الدفاع والخارجية المالي وقبلها الاتصال الهاتفي بين رئيسا البلدان تعكس وجود رغبة في عدم تصعيد الموقف، والعمل على تحسين العلاقات في ظل حجم التداخل بين البلدين الجارين والمصالح المشتركة التي تربط بينهما.
ويقول المراقبون إن نواكشوط أظهرت بدورها رغبة في عدم التصعيد، من خلال الرد على الاقتحام الذي حصل، وبدت أقرب لتصديق رواية باماكو على أن ما حدث كان غير متعمد أو مقصود.
ويوم الثامن من أبريل الجاري، تحدثت وسائل إعلام موريتانية عن إصابة مواطنين إثر “اقتحام” نفذه الجيش المالي مصحوبا بقوات من مجموعة “فاغنر” الروسية لقرية “فصالة” أقصى شرقي موريتانيا، أثناء ملاحقة عناصر من مقاتلي حركة “أزواد” المطالبة بالانفصال.
ولفتت إلى أن الاقتحام ربما حدث بشكل غير مقصود؛ جراء خطأ في نظام الملاحة عبر الأقمار الصناعية (جي بي سي)، وعدم معرفة قوات “فاغنر” بطبيعة المنطقة.
وبعد ذلك بيوم واحد، قال متحدث الحكومة الموريتانية الناني ولد اشروقه في مؤتمر صحفي”بعض القوات المسلحة قد تدخل حدودنا دون قصد أثناء بعض العمليات العسكرية؛ نتيجة للطبيعة الجغرافية لحدودنا، كما أن جيشنا قد يدخل حدود بعض الدول المجاورة لنفس الأسباب”.
وأضاف المتحدث باسم الحكومة المالية “موريتانيا اتخذت كافة الإجراءات العسكرية والأمنية بما فيها عمليات تحسيس (توعية) المواطنين لحمايتهم من دخول حدود خارجية محرمة، وفي المقابل سيرد جيشنا الصاع صاعين لكل طرف أجنبي دخل حدودنا متعمدًا”.
وترتبط موريتانيا ومالي بحدود برية تعد الأطول في المنطقة، وتبلغ ألفين و237 كيلومترا، معظمها يقع في صحراء قاحلة مترامية الأطراف. وتنشط على طول حدود البلدين الكثير من التنظيمات التي توصف بالمتشددة أو الانفصالية، من بينها فرع “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” ومقاتلي حركة “أزواد”.
ويعد الاختراق المستجد متوقع نتيجة ارتفاع حدة الاشتباكات بين الجماعات المسلحة والجيش المالي في المناطق المتاخمة للحدود بين البلدين. ويقول مراقبون إن الاختراق الذي حصل ليس الأول من نوعه بل سبقته عدة توغلات للجيش المالي وقوات فاغنر وهو نتج عنه مقتل و إصابة مدنيين موريتانيين.
وقد كشف تقرير سابق أعده خبراء بتكليف من الأمم المتحدة أن جنود ماليون وعناصر من فاغنر متورطون في مقتل 29 موريتانيا، كما أكد مواطنون موريتانيون اختفاء واختطاف العديد من ذويهم على يد عناصر فاغنر في السنوات الماضية.
ولا يخفى أن موريتانيا لديها تحفظات كبيرة حيال ما جرى من انقلابات عسكرية في كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو، وهي ليست مرتاحة للوجود الروسي بالقرب منها، لكنها تحاول التعاطي ببراغماتية أكبر حيال الأمر، لتجنب سيناريوهات مقلقة، وهو ما قد يفسر تعاطيها الهادئ مع الاختراق الأخير لحدودها، واستعدادها للقبول برواية مالي.