مالي تحت مقصلة الاتحاد الأفريقي مجددا.. تعليق عضوية وتلويح بعقوبات

دعوة للجيش المالي إلى العودة بشكل عاجل وغير مشروط إلى ثكناته والامتناع عن أي تدخل مستقبلي في العملية السياسية.
الأربعاء 2021/06/02
تضييق لإعادة السلطة إلى المدنيين

نيروبي - أعلن الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية مالي بمفعول فوري ردا على الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد خلال تسعة أشهر، ملوحا من جهة أخرى بفرض عقوبات في حال لم يعيد قادة المجلس العسكري السلطة إلى المدنيين.

وأثار الانقلاب الجديد مخاوف كبيرة بشأن الاستقرار في البلد الهشّ في منطقة الساحل، وتحذيرات من فرض عقوبات اقتصادية من الأسرة الدولية.

وقال الاتحاد الأفريقي في بيان أقره مجلس السلم والأمن للتكتل مساء الثلاثاء، إنه "قرر التعليق الفوري لمشاركة مالي في جميع أنشطته ومؤسساته حتى استعادة النظام الدستوري الطبيعي في البلاد".

ويأتي قرار الاتحاد الأفريقي بعد أيام على قرار المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، التي أعلنت قبل أيام خلال قمة استثنائية عقدتها بأكرا تعليق عضوية مالي، ودعت إلى تعيين فوري لوزير أول مدني.

وفي محاولة من الجيش تبديد هواجس الماليين والمجموعة الدولية أعلن غويتا الأربعاء تعيين تشوغيل مايغا، أحد قادة "حركة 5 يونيو- تجمع القوى الوطنية" المعارضة، رئيسا للوزراء في الحكومة الانتقالية.

ويخشى جيران مالي والقوى الدولية من أن يؤدي التمرد الأخير إلى تعريض الالتزام بإجراء انتخابات رئاسية في فبراير للخطر وتقويض قتال جهاديين، يتمركز بعضهم في صحراء شمال مالي.

ودعا الاتحاد الجيش المالي إلى "العودة بشكل عاجل وغير مشروط إلى ثكناته والامتناع عن أي تدخل مستقبلي في العملية السياسية في مالي"، مطالبا بتهيئة الظروف من أجل العودة إلى الانتقال الديمقراطي "من دون عوائق وبشفافية وبسرعة".

وقال البيان إنه إذا لم يتحقق ذلك "فلن يتردد المجلس في فرض عقوبات محددة الأهداف وتدابير عقابية أخرى"، ضد الذين يعرقلون عملية الانتقال.

وندد الاتحاد بالانقلاب بـ"أشد العبارات الممكنة"، وقال إنه "يشعر بقلق عميق حيال تطور الوضع في مالي وأثره السلبي على المكتسبات المحققة حتى الآن في العملية الانتقالية في البلاد".

والأحد حضر الكولونيل أسيمي غويتا اجتماعا للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في غانا للدفاع عن موقف الحكومة الانقلابية، قبل أن يعود إلى مالي.

وفي 18 أغسطس 2020، قاد غويتا مجموعة عسكرية أطاحت بالرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا المتهم بالفساد والضعف في مواجهة التمرد الجهادي، بعد تظاهرات مناهضة للحكومة استمرت أشهرا.

وبعد الاستيلاء على السلطة، وافق المجلس العسكري على تعيين مدنيين في منصبي الرئيس ورئيس الوزراء تحت ضغط المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي هدّدت بفرض عقوبات مالية وتجارية.

صورة

وعلق الاتحاد الأفريقي حينذاك عضوية مالي، لكنه ألغى هذا القرار مطلع أكتوبر بعدما تعهد المجلس العسكري بالانتقال إلى سلطة مدنية في غضون 18 شهرا.

وفي 15 أبريل 2021، حددت السلطات الانتقالية البرنامج الزمني لذلك، مشيرة إلى أن الانتخابات التشريعية والرئاسية ستجري في فبراير ومارس 2022.

وفي مايو، قرر العسكريون غير الراضين عن إعادة تشكيل الحكومة بعد تصاعد الاستياء، اعتقال الرئيس باه نداو ورئيس الوزراء مختار أوان وآخرين في معسكر كاتي العسكري بالقرب من باماكو.

والخميس، أفرج عن الرئيس ورئيس الوزراء وقال الجيش إنهما استقالا.

وأعلنت المحكمة الدستورية بعد ذلك العقيد أسيمي غويتا رئيسا للدولة لقيادة المرحلة الانتقالية.

ومع تراجع المجلس العسكري عن وعوده بخصوص تعيين قادة مدنيين، تتزايد الشكوك حول التزامه ببقية تعهداته ومن بينها تنظيم انتخابات مطلع 2022.

وأكّد الجيش هذا الأسبوع أنّه سيواصل احترام الجدول الزمني المعلن سلفا، لكّنه أشار إلى إمكانية حدوث تغييرات.

ودعا الاتحاد الأفريقي في بيانه إلى عدم خوض أي من القادة الحاليين الانتخابات المقبلة وإلى رفع "القيود" عن كل السياسيين بمن فيهم نداو وأوان اللذان يخضعان للإقامة الجبرية حاليا. كما أعلن الاتحاد عن تنظيم بعثة قريبا لتقييم الوضع في مالي.

وهددت الولايات المتحدة وفرنسا، المستعمر السابق لمالي، بفرض عقوبات ردا على الانقلاب الثاني.

وامتنعت مجموعة دول غرب أفريقيا التي فرضت حظرا تجاريا وماليا على مالي في أغسطس 2020 هذه المرة عن فرض مثل هذه العقوبات، سواء كانت عامة أو تستهدف العسكريين.

ودعا التكتل، المؤلف من 15 دولة، مالي إلى الانتقال إلى الحكم المدني بموجب الجدول الزمني المتفق عليه.

وعلقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عضوية مالي ومؤسساتها، ما يمنع على سبيل المثال قادة مالي من المشاركة في قمم المنظمة.

وهذا التعليق "يدخل حيز التنفيذ فورا" وسيبقى ساريا حتى فبراير 2022 الموعد المقرر لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، بهدف تسليم السلطة إلى المدنيين كما أعلنت وزيرة خارجية غانا شيرلي أيوركور بوتشوي للصحافيين في ختام القمة.

ومالي أحدى أفقر دول العالم، والعقوبات التي فرضت في أغسطس 2020 لها أثر شديد على السكان الذين يعانون أساسا في بلد منهك.

وتشهد مالي أعمال عنف دامية منذ سقوط مناطقها الشمالية عام 2012 بأيدي جماعات محلية وجهاديين، وانتشر التمرد مذاك إلى بوركينا فاسو والنيجر.

وأسفر التمرد الجهادي عن ترك مساحات واسعة من أراضي البلد، الذي يعد 19 مليون نسمة، خارج سيطرة الحكومة.