ماكرون يواجه صيحات الاستهجان من مزارعين غاضبين على سياساته

المزارعون وافقوا على فتح الطرقات، لكنّهم يطالبون باتخاذ إجراءات سريعة لتحسين دخلهم وتلبية مطلبهم بصون كرامتهم.
الأحد 2024/02/25
مجاملة لا غير.. الغضب مسيطر

باريس - اقتحم العشرات من المتظاهرين السبت معرض الزراعة في باريس حيث اشتبكوا مع قوات إنفاذ القانون، بينما تواجد الرئيس إيمانويل ماكرون في المكان للقاء النقابات، قبل إجراء جولة في المكان وسط حضور كثيف للشرطة.

وقال ماكرون بعدما تناول وجبة الإفطار مع مسؤولي النقابات “أدعو الجميع هنا إلى الهدوء”، معلناً عن “الالتزام بتحديد الأسعار” لتحسين أجور المزارعين، بالإضافة إلى مساعدات نقدية طارئة. ولم يؤكد ماكرون ما إذا كان سيُلغي جولته المقرّرة في المعرض، لأسباب أمنية.

وأضاف “أقول هذا لجميع المزارعين، أنتم لا تساعدون أيّاً من زملائكم من خلال تكسير منصّات العرض، أنتم لا تساعدون أيّاً من زملائكم من خلال منع العرض، وامتناع العائلات عن القدوم بسبب الخوف”. وأكد أنّ “ذلك يؤدّي إلى نتائج عكسية”، مقترحاً عقد لقاء مع المنظمات النقابية خلال ثلاثة أسابيع في قصر الإليزيه.

◙ ماكرون يتذوق أحد منتجات المعرض متحديا المحتجين
◙ ماكرون يتذوق أحد منتجات المعرض متحديا المحتجين

ومن المتوقع أن يستقبل أكبر معرض زراعي في فرنسا 600 ألف زائر على مدى تسعة أيام. ودخل متظاهرون غاضبون المعرض من دون أن يتمّ تفتيشهم قبل الافتتاح الرسمي. وكان من بينهم مزارعون من النقابات الرئيسية، بما في ذلك النقابة الكبيرة للمزارعين (FNSEA) ونقابة “المزارعين الشباب” و”التنسيقية الريفية”.

وبينما سعى هؤلاء إلى توجيه الكلام للرئيس، تشاجروا مع الأجهزة الأمنية التي حاولت قطع الطريق عليهم. وبعد ذلك، نُشر عدد كبير من عناصر الشرطة داخل المعرض، بينما تمّ احتواء المتظاهرين وسط صيحات الاستهجان. وصاح بعض المتظاهرين بعبارات "ماكرون استقِل!"، "مطاردة ماكرون مفتوحة..".

وبعد أن تحدث ماكرون مع الصحافة، قالت لورانس ماراندولا المتحدثة باسم "اتحاد الفلاحين" لوكالة فرانس برس “لم نتلقّ شيئاً مهماً باستثناء الالتزام بالأسعار الدنيا التي سيتم تحديدها على أساس تكلفة الإنتاج". ووفقاً للنقابات، فإنّ هذا يعدّ التزاماً جديداً يتجاوز القوانين الفرنسية الحالية التي تهدف إلى ضمان أجور المنتجين.

وعادة يقضي الرؤساء الفرنسيون ساعات، أو حتى النهار كاملاً، في المعرض الذي شهد بعض الحوادث أثناء حضورهم. ففي العام 2008، شتم الرئيس نيكولا ساركوزي رجلاً رفض مصافحته، وتوجّه إليه بالقول “أغرب عن وجهي!”. كما استُقبل الرئيس فرانسوا هولاند بصيحات استهجان وبإهانات من قبل مربّي الماشية في العام 2016.

وانفجرت الأزمة التي كانت تختمر منذ الخريف، بدءاً من 18 يناير، وتخلّلها إغلاق طرق سريعة على مدى أسبوعين، لكن أُعيد فتحها في الأول من فبراير. وفي هذه الأثناء، أصدر رئيس الحكومة غابرييل أتال إعلانات تتعلّق بالعشرات من المواضيع، من المبيدات الحشرية إلى المعايير والتبسيط الإداري ومساعدة مربي الماشية وقانون جديد يكرّس الزراعة كمصلحة أساسية للدولة.

وتدين المنظمات البيئية غير الحكومية التدهور البيئي، خصوصاً على خلفية استعمال المبيدات الحشرية، إلّا أنّ خطابها بشأن الزراعة المكثّفة، ليس مسموعاً بما فيه الكفاية في مواجهة احتجاجات المزارعين. ووافق هؤلاء على فتح الطرقات على اعتبار أنّ مطالبهم بدأت تؤخذ في عين الاعتبار من قبل السلطة التنفيذية. لكنّهم ما زالوا يطالبون باتخاذ إجراءات سريعة وملموسة لتحسين دخلهم وتلبية مطلبهم بصون كرامتهم.

وقد أبدى أعضاء النقابات الكبرى، خصوصاً نقابات زراعة الحبوب، غضباً عندما علموا أنّ الرئيس يريد أن ينظّم “مناظرة كبرى” السبت بينهم وبين منظمات غير حكومية من ضمنها جماعة “انتفاضات الأرض” البيئية المتطرّفة. وفي هذا السياق، أكّد ماكرون السبت أنه “لم يفكّر أبداً في توجيه” دعوة لهذه المجموعة التي عُرفت في مارس 2023 خلال يوم من الاشتباكات العنيفة حول موقع بناء خزّان اصطناعي للمياه.

وبينما أُلغيت المناظرة الكبرى التي تعدّ علامة مميّزة لدى الرئيس ماكرون، فقد شارك الأخير في نقاش غير رسمي مع مزارعين وممثلين عن المنظمات النقابية. وليس هذا الاحتجاج سوى تعبير عن غضب المزارعين في أوروبا وليس في فرنسا فقط. وخرج المزارعون الغاضبون في مختلف أنحاء أوروبا إلى الشوارع، وخاصة منها الرئيسية، اعتراضًا على الأضرار الاقتصادية التي لحقت بقطاعهم.

◙ المزارعون انتفضوا ونظموا مواكب احتجاج بالجرارات بعدما خرجوا في احتجاجات بشوارع فرنسا وألمانيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا، وقبل ذلك في هولندا

وانتفض المزارعون وتصاعد غضبهم، وأغلقوا الطرق ونظموا مواكب احتجاج بالجرارات خلال الأسابيع الماضية، بعدما خرجوا في احتجاجات بشوارع فرنسا وألمانيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا، وقبل ذلك في هولندا. وفي ألمانيا، وافقت الحكومة على تخفيف حدة الإجراء عبر إلغاء تدريجي لدعم وقود الديزل على مدار ثلاث سنوات، بدلا من الإلغاء بأثر فوري.

وفي فرنسا، اتخذت تعبئة المزارعين الغاضبين مسارا جديدا في مختلف أنحاء فرنسا مع إعلانهم فرض “حصار” على باريس، وسط مخاوف من “أسبوع ينذر بالمخاطر” بين المزارعين وقوات حفظ الأمن. ويندد المزارعون بالسياسة الزراعية الأوروبية المشتركة.

وخلال الأشهر الأخيرة انتشر سخط مماثل في بولندا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر وبلغاريا، حيث ندد المنتجون بما يرونه منافسة غير عادلة بسبب الواردات الأوكرانية، والتي أدت إلى تراجع أسعار الحبوب لدى هذه الدول. ويندد المزارعون الأوروبيون كذلك بالمنافسة غير العادلة مع المنتجات المستوردة التي لا تخضع للمعايير نفسها.

وعقب بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 أدى تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية إلى الاتحاد الأوروبي معفاةً من الرسوم إلى اضطرابات في الأسواق الداخلية لهذه الدول، وهو ما زاد من استياء المزارعين.

◙ غضب باد
◙ غضب باد 

5