ماكرون يلجأ إلى عقد قمة غير مألوفة مع الأفارقة لترميم علاقات باريس مع القارة

التوتر مع الجزائر ومالي يدفع الرئيس الفرنسي إلى التحرك.
الخميس 2021/10/07
محاولة لتخفيف التوترات مع أفريقيا

التوتر المتصاعد مع مالي والجزائر دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اللجوء إلى تنظيم قمة بصيغة غير مألوفة مع شباب ورواد أعمال وفنانين ورياضيين أفارقة، لمناقشة العديد من القضايا التي عادة ما تسبب التوتر بين باريس والقارة الأفريقية.

باريس – تستضيف فرنسا الجمعة قمة بصيغة غير مسبوقة في غياب رؤساء دول وحضور رواد أعمال وفنانين ورياضيين شباب من أفريقيا، في خطوة يستهدف منها الرئيس إيمانويل ماكرون ترميم علاقات بلاده مع دول القارة.

وقالت باريس إن هذه القمة تعد محاولة “إعادة التأسيس” لعلاقتها مع أفريقيا في أجواء متأزمة مع مستعمرتيها السابقتين الجزائر ومالي.

ويتوقع أن يحضر نحو ثلاثة آلاف شخص، بمن فيهم أكثر من ألف شاب من القارة، الاجتماع المقرر الجمعة في مدينة مونبيلييه (جنوب)، بينهم المجتمعات الأهلية الأفريقية والفرنسية والشتات، لبحث قضايا اقتصادية وثقافية وسياسية.

الإليزيه قال إن القمة تستهدف الإنصات للشباب الأفريقي والخروج من الصيغ البالية، مشيدا بالصيغة غير المسبوقة للحدث

وبعد أربع سنوات من خطاب ألقاه الرئيس ماكرون في واغادوغو، قال الإليزيه إن الأمر يتعلق بـ”الإنصات للشباب الأفريقي” و”الخروج من الصيغ والشبكات البالية”، مشيدا بالصيغة “غير المسبوقة” للحدث.

وفي الواقع استبعد رؤساء الدول الأفريقية للمرة الأولى في تاريخ اجتماعات القمة بين القارة وفرنسا، التي تشهد منذ 1973 على العلاقات المتقلبة بين أفريقيا والقوة الاستعمارية
السابقة.

وسيحضر الرئيس الفرنسي اللقاء وسيجري حوارا في جلسة عامة بعد ظهر الجمعة مع شباب من 12 دولة أفريقية، بينها مالي وساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتونس وجنوب أفريقيا وكينيا.

وتم اختيار هذه المجموعة بعد حوارات أجراها لأشهر في القارة المفكر الكاميروني أشيل مبيمبي المكلف بتنظيم القمة.

وفي تقرير قدمه الثلاثاء إلى الرئيس الفرنسي، قال مبيمبي خصوصا إن فرنسا منفصلة جدا عن واقع “الحركات الجديدة والتجارب السياسية والثقافية” التي يقوم بها الشباب الأفريقي.

وأشار أيضا إلى أنه من بين كل الخلافات “ليس هناك ضرر أكبر من دعم فرنسا المفترض للاستبداد في القارة”.

وأكد الإليزيه أن “كل المواضيع التي تثير الغضب ستطرح على الطاولة”، من التدخلات العسكرية الفرنسية إلى السيادة والحوكمة والديمقراطية، معترفا بأن “الأجواء السياسية الحالية تجعل المناقشات حساسة”.

وفي منطقة الساحل حيث تتدخل عسكريا منذ 2013 ضد المجموعات الإرهابية، تواجه فرنسا منافسة على نفوذها، ولاسيما من قبل روسيا، بينما تشهد باريس خلافا حادا مع مالي منذ أشهر.

وفي شمال أفريقيا، اهتزت العلاقة مع الجزائر مرة أخرى بعد تصريحات لماكرون اعتبرت “إهانة”، وقرار بخفض عدد التأشيرات.

ويعد الإليزيه بـ”مقترحات عملية” بناء على التقرير الذي قدمه مبيمبي إلى ماكرون.

ماكرون يسعى إلى ترميم علاقات بلاده مع دول القارة الأفريقية
ماكرون يسعى إلى ترميم علاقات بلاده مع دول القارة الأفريقية

ويرى الفيلسوف الكندي من أصل غيني أمادو سادجو باري أنه “منذ خطاب واغادوغو، تحركت الخطوط بشكل رمزي وكانت هناك إشارات مهمة” مثل إعادة قطع منهوبة من بنين وإعلان انتهاء الفرنك الأفريقي واعتراف بـ”مسؤوليات جسيمة” لفرنسا في الإبادة الجماعية للتوتسي في رواندا في 1994.

وأضاف “لكن في ما يتعلق بالسياسة الخارجية لا يمكننا التحدث عن تغييرات كبيرة”، مذكرا خصوصا بقبول ماكرون فورا بتولي ابن إدريس ديبي السلطة في تشاد في أبريل الماضي.

وبمعزل عن القضايا الدبلوماسية والسياسية الكبرى، ستناقش القمة الاهتمامات اليومية مثل صعوبة الحصول على التأشيرات، وهي قضية تهم بشدة الشباب الأفريقي.

وقال مارك، وهو طالب من ساحل العاج في كلية الصحافة في لانيون في منطقة بريتاني، “أريد أن أقول للسلطات الفرنسية: كما تعلمين القدوم إليك خيار ندفع ثمنه غاليا على جميع الأصعدة”، مشيرا إلى أنه “كافح” لأشهر للحصول على تأشيرة ودفع كل مدخراته للمجيء إلى فرنسا.

ويقول أنزومان سيسوكو، المدافع عن المقيمين بطريقة غير قانونية وعضو المجلس البلدي في باريس، “هناك نوايا حسنة في قمة مونبلييه، لكن هناك أيضا مجموعة كاملة من السكان غير المرئيين لم نوجه إليهم الدعوة: المهاجرين”.

وأضاف “إنهم الفاعلون الحقيقيون في التنمية بفضل المساعدة التي يقدمونها لعائلاتهم في أفريقيا”، حسب تقدير هذا المهاجر المالي السابق الذي كان يقيم بشكل غير نظامي وحصل على الجنسية الفرنسية بعد ذلك.

وعبّر عن أمله في “بناء الجسور بين أبناء الشتات المولودين في فرنسا والشباب المولودين في أفريقيا، الذين يلقون بأنفسهم في البحر المتوسط ليأتوا إلى هنا”.

وسيسمح شكل القمة بنفض الغبار عن العلاقة الفرنسية – الأفريقية، لكنها تبقى في نظر باري “هزيمة رمزية لأفريقيا نفسها”.

وقال “لماذا لا يزال المستقبل البشري والسياسي والاقتصادي للقارة الأفريقية يناقش في فرنسا؟ لماذا لا تستمع الحكومات الأفريقية نفسها إلى مخاوف شعوبها؟”.

5