ماكرون يرد على هجمة الإعلام الفرنسي على المغرب: اصمتوا

باريس - ندّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالجدل المفتعل الذي أثارته وسائل إعلام فرنسية، حول امتناع المغرب عن قبول مساعدات عرضتها فرنسا عليه إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز في المملكة. وطالب ماكرون باحترام القرار السيادي للمملكة المغربية، في تنظيم المساعدات الدولية، متوجها في رسالة غير مباشرة لوسائل إعلام بلاده: اصمتوا.
وتعرضت المملكة الأسبوع الماضي لزلزال عنيف طال عدة مدن من بينها العاصمة الرباط والدار البيضاء (كبرى مدن المملكة) ومكناس وفاس ومراكش وأغادير وتارودانت، بحسب المعهد الوطني للجيوفيزياء، الذي وصف الزلزال بأنه "الأعنف منذ قرن". وقد سارعت العديد من الدول بينها فرنسا إلى إبداء استعدادها لتقديم مساعدات، لكن الرباط ارتأت التأني في قبول جميعها، في سياق تقييم أثر تلك المساعدات والحاجيات.
وأعلن المغرب قبوله دعما من أربع دول هي الإمارات وقطر وإسبانيا وبريطانيا وذلك راجع بالأساس إلى كون المساعدات التي عرضتها هذه الدول ذات طبيعة تقنية، خاصة في ما يتعلق بتقنيات البحث تحت الأنقاض.
وأوضح مصدر حكومي أن "المقاربة التي اعتمدها المغرب في التعاطي مع عروض المساعدات التي تلقاها من عدد من الدول هي مقاربة تقنية بالدرجة الأولى، وليس لديه أي خصاص على هذا المستوى، ذلك أن أغلب المراكز المنتجة لهذه المواد لم تتضرر".
وشدد المصدر على أن "الرباط لم تتعامل بصيغة انتقائية سلبية مع عروض المساعدات، وإنما قاربتها من زاوية احتياجاتها على المستوى التقني، ذلك أن الأدوية والأغذية تمكنت السلطات بمعية المجتمع المدني من توفير ما يلزم منها".
لكن وسائل إعلام فرنسية رأت في عملية استثناء فرنسا من تقديم المساعدات على أنها "إهانة"، وعمدت إلى شن حملة شرسة على المغرب، لم يسلم منها العاهل المغربي الملك محمد السادس، ما يعكس وفق محللين مغاربة حجم الاستعلاء وتضخم الأنا اللذين يعاني منهما الإعلام الفرنسي.
والثلاثاء قال ماكرون في رسالة مصوّرة خاطب فيها الشعب المغربي "من الواضح أنّه يعود إلى جلالة الملك والحكومة المغربية، بصورة سيادية بالكامل، تنظيم المساعدات الدولية، وبالتالي نحن بتصرّف خيارهما السيادي"؟
وأضاف الرئيس الفرنسي في مقطع الفيديو الذي نشره على منصّة إكس (تويتر سابقا) أنّ "هذا ما فعلناه بطريقة طبيعية تماما منذ اللحظة الأولى، وبالتالي أودّ من كلّ السجالات التي تفرّق وتعقّد الأمور في هذا الوقت المأساوي للغاية أن تصمت، احتراما للجميع".
والعلاقات بين المغرب وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة والتي تعيش فيها جالية مغربية كبيرة، متوتّرة، بسبب السياسات الفرنسية التي بدت مستفزة للرباط من قبيل القيود التي فرضتها على منح تأشيرات للمغاربة، ورفض باريس اتخاذ موقف واضح حيال الصحراء المغربية، في موقف لا يخلو من مهادنة للجزائر.
مع أن الملك محمد السادس كان واضحا في خطاب وجهه بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لثورة “الملك والشعب”، في العام 2022، من أن "ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم، وهو المعيار الواضح والبسيط، الذي يقيس به صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات".
ويقول مراقبون إن إطلالة ماكرون، والرسالة التي وجهها للمغرب وأيضا لوسائل الإعلام الفرنسية، تعكس إحراجا كبيرا تعرض له جراء الهجمة المفتعلة، وهو الذي كان يأمل في كسر الجمود الحاصل في العلاقة مع الرباط.
ويضيف المراقبون أن وسائل الإعلام الفرنسية سقطت مجددا في فخ عدم المهنية، حينما سارعت إلى تسييس كارثة إنسانية، وحملتها أبعادا لا تحتمل. ويشير هؤلاء إلى أن الإعلام الفرنسي كان على مدار الفترة الماضية طرفا رئيسيا في استمرار حالة الفتور في العلاقة بين الطرفين، والتي انعكست في عدم تعيين سفيرين يمثلان البلدين بعد انتهاء مهمة السفيرين السابقين منذ أشهر.
وقال الرئيس الفرنسي في رسالته إلى الشعب المغربي "نحن إلى جانبكم، اليوم وغدا". وبموازاة المساعدة الفرنسية التي عرضها ماكرون بانتظار موافقة الرباط عليها، أعلنت باريس تقديم مساعدة بقيمة خمسة ملايين يورو لمنظمات غير حكومية موجودة “على الأرض” في المغرب وهي تساهم حاليا في جهود الإغاثة.
اقرأ أيضا:
• تضامن مغاربة العالم يمتد إلى الوطن
• الإعلام الفرنسي يحيد عن المهنية في التعاطي مع مأساة زلزال الحوز